الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإصلاح في تايلاند... شد وجذب

22 مارس 2012
يثير قانون يرجع إلى أكثر من مائة عام ويحدد عقوبة إهانة الملك في تايلاند، الكثير من الجدل حالياً، وسط دعوات متصاعدة من بعض الجهات بضرورة الإصلاح وتغيير القانون، أو على الأقل الحد من العقوبة الحبسية المرتبطة بالمس من ملك البلاد. لكن بالنسبة للعديد من المواطنين والمسؤولين الذين يؤيدون بقاء القانون على حاله، فهم يرون ضرورة الحفاظ على الاحترام والتقدير الواجبين لشخص الملك الذي ينظرون إليه باعتباره شخصية متنورة ومتسامية عن السياسة في تايلاند بطبيعتها الصاخبة وميلها للفساد. فيما يصر الآخرون أن القانون القديم الذي يعود إلى عام 1908 ويجرم كل من ينتقد الملك، يمس بحرية التعبير ولم يعد له مكان في الدولة الحديثة القائمة على حقوق الإنسان والديمقراطية. ويتصاعد الجدل الدائر حالياً بشأن القانون بعد التوتر السياسي الذي هز تايلاند في السنوات الأخيرة ووصل ذروته الدموية في الاحتجاجات الحاشدة والمواجهات العنيفة قبل سنتين بين مناوئي الملكية من الطبقات العمالية والمزارعين وباقي حملة القمصان الحمراء، وبين الملكيين، حيث شهدت هذه الفترة المليئة بالقلاقل تزايداً ملحوظاً في عدد التهم الموجهة للخصوم بإهانة الملك، فقد قفزت التهم إلى 478 في 2010 مقارنة بحوالي 33 في 2005. وحسب المكتب القضائي في تايلاند عادت هذه الأرقام لتنحسر في 2011 بعد خفوت حدة المظاهرات لتنحصر في 85 اتهاماً بإهانة الملك. لكن رغم ذلك يظل العديد من النشطاء في تايلاند مصرين على ضرورة إلغاء القانون الذي يحبس الناس لأنهم عبروا عن رأيهم السياسي. هذا الموقف يعكسه الناشط "سوراشي دانوتاروسون" الذي يقضي عقوبة حبس تصل إلى سبع سنوات ونصف السنة بأحد سجون بانكوك بعدما أدانته محكمة بتهمة الإساءة لشخص الملك، حيث يقول: "إنه قانون عتيق لم يعد يلائم العصر الحالي". وقد أدين سوراشي أواخر فبراير الماضي عندما ألقى مجموعة من الخطابات في 2010 استخدمت لاحقاً كدليل ضده. وفي حالة أخرى ترتبط بمحاكمة المتهمين بالإساءة للملك، هناك المواطن الأميركي من أصل تايلاندي، "ليربونج ويتشيكمات"، الذي حكمت عليه المحكمة بثلاثين شهراً سجناً نافذاً لأنه حمل على الإنترنت ترجمة كتاب هو عبارة عن سيرة محظورة للملك بعنوان "الملك الذي لا يبتسم أبداً". وقد تم اعتقال "ليربونج" العام الماضي خلال زيارة استشفائية إلى تايلاند، وسارعت الولايات المتحدة إلى إدانة الحكم لتشدده وانتهاكه حرية التعبير. ويأتي الارتفاع الكبير في عدد تهم الإساءة للملك في السنوات الأخيرة وسط الاستقطاب الحاد داخل المجتمع التايلاندي بين مؤيدي رئيس الوزراء السابق، تاكسين شينوترا الذي تولى السلطة من عام 2001 وحتى تاريخ الانقلاب العسكري ضده عام 2006، وبين داعمي الوضع الراهن للملكية في البلاد. وبعد إدانته في قضية فساد يقول إن دوافعها سياسية، قرر تاكسين العيش خارج البلاد، فيما تمكنت أخته، ينجلوك، من تولي رئاسة الوزراء بعد فوز حزبها في الانتخابات. ورغم دعم الناخبين الذين صوتوا لها لإصلاح قانون المس بالملك، فإنها تعهدت بعدم تغييره بسبب المعارضة القوية للملكيين المعارضين لعودة تاكسين إلى البلاد. وتعبيراً عن الموقف المدافع عن الملك ووضعه الحالي، يقول "تول سيتسونج"، الطبيب بأحد مستشفيات العاصمة بانكوك وأحد المدافعين عن الملك، "لقد ساهم عاهل البلاد في التخفيف عن الفقراء بمشاريعه الكثيرة، فيما الناس في الحكومة يساعدون فقط الذين صوتوا لهم". والحقيقة أن شوارع العاصمة شهدت احتفالات صاخبة بعيد ميلاد الملك البالغ من العمر 84 سنة شاركت فيها شرائح واسعة من الشعب، بمن فيهم أصحاب القمصان الحمراء الذين نزلوا إلى الشارع احتفالاً بالمناسبة السعيدة. ويشتكي معارضو قانون الإساءة للملك من أن التصاعد المهم في نسبة التهم الموجهة للنشطاء خلال السنوات الأخيرة يدل على أن القانون بات أداة في يد السلطات لترويع المعارضة والتضييق على حرية التعبير. وفي هذا السياق يقول "بونجتونج باواكبان"، أستاذ العلوم السياسية بجامعة "شولونجترون"، والمؤيد للإصلاح، إن "مشكلة القانون أنه يفشل في التمييز بين التصريحات المعقولة والحقيقية والتعليقات المهينة، أو المهددة للملكية". لكن في ظل الانقسام بين الناخبين والاستقطاب الحاد في المجتمع، فضلاً عن تقدم الملك في السن وضعف الحكومة، ناهيك عن القضاء الواهي والبرلمان المنقسم، فإن القليل من المراقبين يعتقدون بأن الإصلاح قريب بسبب انعدام الظروف السياسية والموضوعية لذلك، بل إن النشطاء والسياسيين المطالبين بإصلاح القانون لا يعتقدون أن أغلبية الرأي العام ستؤيد مطالبهم. هذا الموقف يؤكده "بريدجيت ويلش"، أستاذ العلوم السياسية بجامعة سنغافورة، قائلاً: "لست متفائلاً بشأن آفاق الإصلاح على المدى القريب في تايلاند، فالتغيير عادة ما يتم في هذه البلاد بعد أزمة كبيرة ولا يكون وليد التدرج، لذا سيتطلب الأمر شخصاً شجاعاً له ما يكفي من الرصيد السياسي لإحلال التغيير والإصلاح في تايلاند، ولا أرى ذلك ممكناً في المنظور القريب". ومن الأمور التي يتفادى التايلانديون مناقشتها أمام الرأي العام، السؤال: ماذا سيحل بالملكية وبمطالب الإصلاح بعد صعود ولي العهد إلى السلطة، لاسيما وأن الملك متقدم في السن وصحته معتلة، بحيث يخشى الملكيون من أن يتقوى نفوذ تاكسين وجماعته خلال الفترة الانتقالية لتطيح بمكانة المؤيدين للملك. بل هناك من يشك في أن الهدف الرئيسي من الإصلاحات هو إلغاء الملكية تماماً، وهو ما ينفيه الناشط "سوراشي" بتأكيده على مطلب الملكية الدستورية التي خففت من قوانين الإساءة للملك، قائلاً: "نحن نريد فقط إصلاح القانون حتى نصبح أقرب إلى الملكيات في الدانمارك وهولندا والسويد". سيمون روجنين ومارك ماجينر - بانكوك ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©