الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«حرب النعل» تقدم صراعاً مريراً للهيمنة على الخيرات في بيئة بحرية

«حرب النعل» تقدم صراعاً مريراً للهيمنة على الخيرات في بيئة بحرية
26 مارس 2011 22:58
) - قدمت فرقة مسرح الشارقة الوطني مساء أمس الأول على خشبة القاعة الكبرى لقصر الثقافة بالشارقة عرضها المسرحي «حرب النعل « ضمن العروض الداخلة في مسابقة الدورة الحادية والعشرين من مهرجان أيام الشارقة المسرحية التي تختتم فعالياتها مساء اليوم بتقديم الجوائز وتوزيع شهادات التقدير على الفرق المسرحية المشاركة والعروض المتميزة. وقد أشاعت مسرحية «حرب النعل» فور انتهائها حالة من الانتشاء الفني بين الجمهور وضيوف المهرجان، واحتفى بها المسرحيون وصفقوا لها طويلاً لأنها تركت انطباعاً بأن المسرح في الإمارات هو مسرح متعاف ومتطور ويزاحم أكثر الحواضر العربية والإقليمية عراقة وانتباهاً لهذا الفن الموصول بالذاكرة الجمالية والتذوقية لدى الشعوب. «حرب النعل» أفصحت عن تألقها في أروقة المهرجان حتى قبل أن تكشف فعلياً عن حضورها على الخشبة، لأن وجود اسمين مهمين في الساحة المسرحية كمشاركين في كتابتها وإخراجها وهما إسماعيل عبدالله مؤلفاً، ومحمد العامري رائياً ومبحراً ومغامراً في تضاريس النص ومجاهيله، حجز للعمل منصة عالية من التألق والتوهج والتعبير الجامح. وكعادته يفاجئك محمد العامري في كل عمل جديد له بوضع إشارات موحية ومفاتيح حسية لعنوان ومضمون العرض، فابتداء من القاعة الخارجية لصالة المسرح ومرورا بالمدخل المؤدي إليها، نثر العامري أسماك «العومة» المجففة، وكمية هائلة من الأحذية البلاستيكية التي تعثر بها الجمهور الغفير المقبل على مشاهدة العمل، فكشف لنا العامري ومنذ البداية أن العرض يحتشد بالكثير من المفاجآت والمباهج السمعية والبصرية، كما أنه يحمل الكثير من الوعود والانشغالات النصية والسردية. تعود حكاية «حرب النعل» إلى زمن قديم ومتخيل وفي قرية ساحلية تعاني من هيمنة الوالي أوالنوخذة الذي يدعى (حوت) والذي قام بدورة الممثل أحمد الجسمي ــ وهنا نلاحظ دلالة الاسم (حوت) التي تذهب بك مباشرة نحو الهيمنة والاستحواذ على خيرات البحر ــ ويساعد الحوت في السيطرة على الأهالي وتوجيههم وكيله ــ حميد سمبيج ــ وهناك مجموعة بسيطة من المعارضين التي ترى في سياسات الحوت وطرقه الملتوية سببا في تخريب الاستقرار الاقتصادي للقرية، خصوصا وأن الحوت أصدر أمرا بمنع الصيادين من دخول البحر وممارسة مهنة «الضغوة» (نوع من انواع الصيد المحلية) كي يستطيع التصرف بالأسماك المجففة الهائلة التي يحتفظ بها في مخازنه، ويقف على رأس هؤلاء المعارضين النوخذة السابق غيث الضرير ــ عبدالله صالح ــ ومعه حفيدته حور ــ الفنانة الشابة بدور ــ التي تشك في أن موت والدها هو موت مدبر من قبل الحوت وأعوانه، وهناك أيضا أحمد الصنقل ــ مروان عبدالله صالح ــ الذي تحول إلى شخص سكير ومشرد بعد أن حبسه الحوت في سجن مظلم وخانق مدة ثلاث سنوات شهد خلالها رحيل والدته التي ماتت هما وكمدا على ما أصاب ابنها. وتزداد محنة القرية الساحلية عندما تتحول القطط فيها إلى قطط سمينة وشرسة تهاجم الأهالي وتعيث فسادا في مخازن السمك، ويضطر الحوت للقتال على جبهتين، جبهة غيث الضرير وحفيدته والصنقل، وجبهة القطط التي لم تفلح حرب النعل والخطط الفاشلة للحوت في دحرها وهزيمتها، ورغم المقاومة الحقيقية التي يبديها غيث وجماعته إلا أن السياسات المتخلفة وخط الدفاع الضعيف الذي تشكل في العهد المظلم للحوت، جعل القرية تسقط سريعا في قبضة القطط المتوحشة التي تطرفت كثيرا في مسلكها، وتجرأت على انتهاك حرمة البيوت وملاحقة النساء وترويع الأطفال. تختتم المسرحية على مشهد (غروتيسكي) بشع يتمثل في ولادة طفل / مسخ يحمل رأس قط وجسد إنسان تنجبه إحدى النسوة، ينفر سكان القرية من هذا الطفل الهجين، بينما تحمله القطط عاليا كتتويج لانتصارها واندماجها الكلي في المكان وتغلغلها الشامل في نسيج القرية التي كانت في زمن ما هادئة ومسالمة وهانئة بخيراتها، قبل أن تأتي هذه القطط الغريبة وتستنفذ كل مواردها. حفل النص السردي لـ «حرب النعل» بالكثير من الإسقاطات والدلالات والرموز الحاضرة والمغيبة، واستطاع محمد العامري أن يتعامل مع هذه الرموز بذكاء إخراجي، فاقترب من فواصلها الشعرية الآسرة في لحظات، بينما ملأ المساحة الأكبر من العرض بابتكارات مذهلة على مستوى السينوغرافيا والمفردات البصرية، هذا بجانب المجاميع التي استعان بها كي تكمل النسيج الأدائي الراقص والهائج والمتموج للعرض، وكان واضحا الجهد التشكيلي والجمالي الذي بذله العامري، والذي جاء أقرب إلى النحت الفني والعزف البصري والجنون المشهدي الذي عزز الإيقاع المتصاعد للحبكة والذي وصل إلى نقطة الذروة في ختام العرض. وبرزت قوة المخيلة الإخراجية لدى العامري من خلال استغلاله للخامة الواحدة لصياغة بيئات وفضاءات متعددة، حيث تحولت العيدان الخشبية الطويلة التي استخدمها كديكور متحرك إلى مصدات عازلة، ثم إلى شواهد قبور وإلى بيوت حارسة لسكانها، وأخيرا إلى أسلحة رادعة، وانعكاسات لظلال طويلة ومرعبة، وهكذا استطاع هذا التكنيك المرن والسلس في استثمار المفردة البصرية الواحدة وضخها بتنويعات شاسعة ومتشعبة استطاعت في النهاية أن تخلق لدي الجمهور حالة من الانجذاب الخارجي والجوّاني مع المحتوى السيميائي للعرض. «المسرحيين» توقّع اتفاقيات مع مهرجانات عالمية جهاد هديب (الشارقة) - كشف اسماعيل عبد الله رئيس جمعية المسرحيين الإماراتيين لـ «الاتحاد»، أن الجمعية ستوقع قريباً عدداً من الاتفاقيات مع ثلاثة من المهرجانات الأوروبية العريقة بهدف إيفاد الشباب من المسرحيين الإماراتيين لتحقيق أكبر فائدة ممكنة تعود على تجديد وتطوير الحركة المسرحية في الإمارات. وقال إن هذه المهرجانات العالمية أوروبية جميعها، ومن بينها مهرجان «أفينيون» الأكثر شهرة والذي يقام في الجنوب الفرنسي طوال كل يوليو من كل عام وكذلك مهرجان «سيبيو» في رومانيا و»مهرجان البحر المتوسط المسرحي» في إيطاليا. وأكد عبدالله أن هناك العديد من المهرجانات المسرحية العربية التي يجري الحديث معها الآن في الصدد نفسه. وأوضح أن الجمعية بادرت إلى تأسيس صندوق من اجل هذه الغاية التي تركّز على إيفاد الشباب المسرحي بهدف فتح نوافذ على المزيد من المعاصرة في الفنون المسرحية تمكنهم في المستقبل من التجديد في حركة المسرح الإماراتي، من جهة، ومن جهة أخرى، إقامة الورش الإبداعية.
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©