الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الخوارزمي وثورة المعلومات

26 مارس 2011 22:11
عصر المعلومات لا يعني فقط استخدام وسائل الاتصال الجديدة واعتبار الوصول الواسع للسكان أو لجمهور المواطنين إلى مصادر المعلومات بصيغها الجديدة والقديمة مؤشر تطور للمجتمعات وتقدمها. إن نظرة فاحصة على الخريطة العالمية لثورة المعلومات والترتيب التقريبي للأكثر قدرة (وتحكما) تُبيّن أن من سمات المشاركة الفعلية في عصر المعلومات: 1- اكتشاف المعلومات (الجديدة). 2- امتلاك تكنولوجيا أصيلة قادرة على تخزين وتحليل أكبر قدر من المعلومات.. 3- امتلاك شبكات عالمية قادرة على نشر المعلومات من المصدر الأم عبر العالم مع التمتع ببنية تحتية وبشرية مؤهلة لاكتشاف تقنيات جديدة لهذا النشر. 4- وجود ثقافة وآليات وعقول تستفيد من هذه المعلومات وتوظفها في أهداف ملموسة أو تولد منها معلومات متجددة (قيمة مضافة). إن مطابقة هذه المقومات، اللازمة للانخراط في العصر، مع أحوال الأمم والدول في الوقت الراهن كفيلة بتفكيك بعض الألغاز وأهمها سبب مضي البشرية في تقسيم أو ترتيب لا يختلف كثيرا عما كان عليه الحال قبل الثورة الرقمية أو حتى مرحلة الثورة الصناعية قبل أكثر من قرنين. والسر قد لا يكون هنا في الصناعة ذاتها، بل في المبادئ والثقافات التي أدت إليها، وإلا كيف أن بلدا هائلا مثل الصين يخشى على استقراره من شركة «ناشئة» مثل جوجل رغم أنه تمكن من أن يصبح أضخم بلاد صناعية وأكبر سوق لاستخدام الإنترنت (450 مليون مستخدم)؟ قد تكون جوجل ليست «جوجل» فقط، أو أن ثمة دافعا آخر «يحرك» محرّك بحثها العملاق وخدماتها المصاحبة ذات التكنولوجيا المرتكزة على المعادلات الخوارزمية الرياضية ( algorithm ). إلا أن ذلك لا يغير من واقع الحال شيئاً، ولا ينفي أن بلاداً أخرى - غير الصين - ومنها حضارات شكّلت في زمان مضى البيئة التي ولّدت مخترع هذه المعادلات الخوارزمي (نسبة إلى خوارزم في اوزبكستان) أو التي احتضنته (بغداد والحضارة العربية الإسلامية القديمة قبل 11 قرنا) لا زالت فضاءات يمكن أن تتحكم فيها وتحركها شركات كبرى مثل جوجل، بينما هي عاجزة حتى عن محاكاة ابتكاراتها ولو كانت «إسلامية الأصل»، وهي ستبقى كذلك إلى أن تنتشر فيها وتسود الفكرة الرئيسية بأن العالم في حركة تغير دائم وطبيعي، في حين أن الثابت هو البيئة التي تتبنى وترعى وتستوعب هذه الحيوية البشرية. إن التبعية التكنولوجية لا يمكن أن تكون ابتكارية بل ستبقى نوعا جديدا من الاستهلاك (والملهاة) إذا لم تتطور البيئة الفكرية وتنحو باتجاه الثقافة العلمية وثقافة المنطق وتسلل الأفكار التي جعلت من «الخوارزمية» (مجموعة الخطوات الرياضية والمنطقية والمتسلسلة اللازمة لحل مشكلة ما) المبدأ الذي ارتكزت عليه وطورته ولا زالت تستمر في تطويره شركات – مثل جوجل وشبيهاتها - التي أصبحت ترعب العالم المنغلق على أفكار وقواعد جامدة لا تمت بصلة إلى عظمة الكون ولانهائيته أو إلى أبو جعفر محمد بن موسى الخوارزمي ومعادلات . د.الياس البراج | barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©