الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أسرارك على كرسي الحلاق··· نعيماً!

أسرارك على كرسي الحلاق··· نعيماً!
6 يوليو 2008 00:44
الحركة تدب في صالونات حلاقة الرجال، مقاعد تصفيف الشعر محجوزة، غرف تنظيف البشرة مغلقة، ركن العناية بالأظافر يتناوب عليه الجالسون، بينما الأحاديث الجانبية تأخذ حيزاً من هدوء المكان، فصالونات الحلاقة مخزن أسرار الجمال وأسرار الرجال أيضاً· يشتهر نادر رضوان، صاحب صالون رجالي، بين زبائنه بسعة الصدر وبابتسامته العريضة التي لا تفارق محيّاه، فكرسي الحلاقة الذي يقف بجانبه يومياً، بات بالنسبة إليه ''منبراً''، يستمع من خلاله إلى ''الكثير من القصص والأخبار والمشاكل المختلفة التي تدور مع الرجل، سواء بينه وبين زوجته أم بينه وبين أهله وأصدقائه، خصوصاً إذا كان انتظاره لدوره طويلاً، فيروي أدق التفاصيل التي لا تنتهي في أحيان كثيرة مع نهاية خدمتي له''· يأسف نادر لكون ''بعض الزبائن يعتقدون أن الحلاق طبيب نفسي عليه الاستماع إلى مشاكل الزبون، وموافقته الرأي حتى لو كان مخالفاً لرأيه، كي لا يخسر زبونه''· زبائن الحلاق أشرف المصري من الشباب، ''مما يعني أن مشاكلهم، في معظمها، عاطفية''· ولا يكشف سراً إذا قال إنهم ''كثيراً ما يحلِّفونني على عدم البوح بالأسرار خوفاً من أن يفضح أمرهم عند الآخرين''· ويستدرك أشرف فيؤكد أن ''البيوت أسرار''· مجالس للفضفضة أما أبو هيثم، صاحب صالون، فيجد أن ''صالونات الحلاقة الرجالية باتت اليوم ''مجالس للفضفضة والسمر، وما إن يدخل الزبون الصالون ويسلم رأسه للحلاق، وينصت إلى الأغنية الرومانسية التي طلبها مع تقديم كوب من القهوة، حتى يبدأ البوح بهمومه وسرد حكاياته لكي يمضي وقت الحلاقة، حتى بات الحلاق في كل زيارة للزبون يسأله عن هذا الأمر أو ذاك ليطمئن على أحواله ومشاكله وآخر المستجدات، فالحلاق- كما يرى أبو هيثم- ''بات اليوم مهتماً براحة زبونه في المقام الأول وكسب زيارته كل مرة''· يتذكر أبوهيثم: ''منذ أيام أتى إليّ زبون، وما إن دخل حتى أحسست من وجهه بأنه متضايق من أمر ما، وبعد مرور الوقت وخلو الصالون من الزبائن سألته ما به، في بادئ الأمر تردد وتحفظ على الكلام، لكن بعد قليل بدأ يشكو أخاه الذي اكتشف مؤخراً أنه يخون زوجته، وهو حائر لا يعرف ماذا يفعل، فنصحته بالأفضل، ووعدته بألا أفشي سره وسر أخيه لأحد''· يعترف الحلاق صابر محمود بأنه يعرف الكثير من أسرار الزبائن، ويتابع تطورات مشاكلهم، ويقول: ''أحاول أن أبحث معهم عن حل لمشاكلهم، خصوصاً أن غالبيتهم زبائني منذ فترة طويلة، وتهمني راحتهم، وأعتبرهم أصدقاء وإخوة''· كاتم أسرار على الضفة الأخرى، يرتاح محمد عبدالعزيز للحلاق الذي يرتاد صالونه، والسبب كما يقول: ''منذ 6 سنوات وأنا أتعامل معه، ولم أسمع يوماً أنه فضح سرّ فلان أو علان، وهذا ما جعلني أأتمنه على الكثير من أسراري الخاصة الأسرية والعاطفية''· يوافقه الرأي صديقه سعيد سيف، الذي يجد أن ''كلمات الترحيب والأسلوب الجميل في جذب الزبون، هي عوامل مغرية للحديث مع الحلاق في منتهى السهولة والعفوية، ولعل هذا التميز الذي يتصف به الحلاق جعله كاتماً لأسرار الزبائن''· فسيف وجد من خلال تردده على صالونات الحلاقة ''نوعين من الحلاقين، فهناك حلاق يقوم بمهمته على أكمل وجه، من دون التفوّه بكلمة واحدة، وآخر لديه فضول لمعرفة الكثير من أسرار الزبون ويقتحم قلبه بسهوله''· لا أحد يعرف السبب وراء ارتياح الزبون إلى أصحاب صالونات الحلاقة، لدرجة أن الزبون من خلال زيارة واحدة يبدأ بالحديث تدريجاً إلى الحلاق حتى يصل إلى الموضوع الأساس، ويفضفض بما في قلبه إلى الحلاق، الذي لا نعرف إذا كان قادراً على كتم الأسرار أو أنه سينقلها إلى زبائن آخرين· ولعلّ السبب يكمن في أن الإنسان يفضل البوح بسره إلى إنسان غريب عنه أكثر من القريب!·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©