الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

رياح «الضريبة العقارية» تهز سوق الاستثمار في مصر

رياح «الضريبة العقارية» تهز سوق الاستثمار في مصر
5 سبتمبر 2009 01:13
يمثل صدور اللائحة التنفيذية لقانون الضرائب العقارية في مصر أحد المتغيرات المهمة في السوق العقارية المصرية لتأثيراته المتوقعه على حركة الأسعار والعرض والطلب، وتباينت آراء خبراء السوق العقارية وكبار المستثمرين حول التأثيرات المتوقعة للضريبة على اتجاهات السوق في المستقبل فهناك من يرى أن التأثير سوف يكون محدوداً ومؤقتاً لحين اعتياد المواطنين على سداد ضريبة عقارية بانتظام سنوياً، وهناك من يرى أن الضريبة ستؤدي إلى إعادة تشكيل أوضاع السوق. ويعود هذا التباين في الآراء الى أن ملامح التطبيق لا تزال غامضة ولجان التقييم غير محددة في مختلف المناطق ولم يتم ربط الضريبة على أحد حتى الآن وبالتالي تخضع القضية في العديد من جوانبها للتكهنات والتوقعات. وتوقع متعاملون في السوق أن يؤدي القانون - الذي يدخل حيز التنفيذ مطلع يناير المقبل - الى تزايد المعروض الايجاري من الوحدات العقارية التي ظلت مغلقة سنوات طويلة خاصة في مجال الاسكان الاداري الذي يشهد طلبا متزايدا في الفترة الأخيرة - لاسيما - في القاهرة والاسكندرية والمدن الكبرى. تراجع مؤقت ويتوقع هؤلاء المتعاملون أن تشهد الأسعار موجة من التراجع المؤقت نتيجة زيادة المعروض بسبب عجز بعض مالكي الوحدات السكنية عن سداد الضريبة العقارية المتصاعدة خاصة في حالة امتلاك الشخص أكثر من وحدة في أكثر من مدينة حيث يصبح أمام هذا الشخص عرض الوحدة المغلقة للإيجار أو زيادة الإيجار أو عرضها للبيع وبذلك تشهد سوق الايجارات - رغم زيادة المعروض - مشاحنات بين الملاك والمستأجرين بسبب رغبة المالك في تحميل المستأجر قيمة الضريبة العقارية. ورغم صدور اللائحة التنفيذية للقانون وبدء وزارة المالية توزيع الاقرارات الضريبية على مأموريات الضرائب العقارية فإن هناك أصواتا تطالب بإعادة النظر في بعض مواد القانون خاصة فيما يتعلق بالاعفاءات حيث لا تزال المطالبات قوية بإعفاء المسكن الأول من قيمة الضريبة على أن يخضع ما زاد على ذلك. ويطالب البعض بإعفاء العقارات المبنية التي لم يتم تشطيبها أو استخدامها من الضريبة خاصة في ظل وجود شريحة من المواطنين الذين قاموا ببناء وحدات سكنية وبيوت عائلية في المدن الجديدة واستنزفت هذه المساكن كافة مدخراتهم ولا يستطيعون تشطيبها في الوقت الراهن وهم مطالبون بسداد ضريبة على عقارات غير مستغلة. ورفضت وزارة المالية معظم هذه المقترحات أثناء مناقشة مشروع القانون في البرلمان، إلا أن وزير المالية الدكتور يوسف بطرس غالي ترك الباب مفتوحاً أمام المعترضين على القانون والمطالبين بتعديله. وقال غالي إن نتائج التجربة سيتم تقييمها خلال العام الأول من تطبيق القانون، وهو العام 2010، ويمكن بعد ذلك إخضاع عقارات جديدة للضريبة واعفاء أخرى. واشار غالي الى أن وزارة المالية سوف تتحمل قيمة الضريبة عن بعض فئات المواطنين خاصة من كبار السن وذوي الظروف الاجتماعية الصعبة في حالة عجز هؤلاء عن السداد بشرط تقديم ما يثبت عدم قدرتهم على إجراء بحث للحالة الاجتماعية بمعرفة وزارة التضامن الاجتماعي وبناء على طلب رسمي يقدمونه هؤلاء الى الوزارة المعنية. اعفاءات محدودة وحسب بنود اللائحة التنفيذية للقانون والتي جاءت في 22 مادة فإن الاعفاءات التي يتضمنها القانون محدودة للغاية وتقتصر على الوحدات التي تقل قيمتها الايجارية عن ستة آلاف جنيه سنويا أو تقل قيمتها السوقية عن نصف مليون جنيه. وفي المقابل فإن المكلفين بأداء الضريبة هم كل ملاك ومنتفعي ومستغلي الوحدات العقارية السكنية وغير السكنية بشرط أن تكون هذه الوحدات تامة ومشغولة أو تامة وغير مشغولة أو مشغولة وغير تامة. اما الوحدات العقارية خلاف ذلك فأصحابها ليسوا ملزمين بتقديم الإقرار وستتولى مصلحة الضرائب العقارية عملية تقييم الوحدات السكنية تبعا لطبيعة المنطقة الموجود بها العقار ومدى قرب العقار من الشواطئ والحدائق العامة ومستوى البناء سواء كان فاخرا أو متوسطا أو اقتصاديا أو شعبيا. وجاءت هذه الضريبة في اطار سعي وزارة المالية لتعظيم الحصيلة الضريبية من هذا المجال بعد ما شهد القطاع العقاري المصري انتعاشا ملموسا خلال السنوات الخمس الماضية الأمر الذي استقطب عشرات المليارات من مدخرات المصريين واستثمارات الشركات العربية الكبرى العاملة في مجال التطوير العقاري ورأت وزارة المالية التدخل عبر القانون الجديد بتنظيم السوق والحد من المضاربات العقارية و»تسقيع» الشقق وهو المجال الذي نشط فيه كثير من المواطنين العاديين في السنوات الأخيرة حيث كان يحقق الاحتفاظ بملكية هذه الوحدات أرباحا كبيرة مقارنة بالاحتفاظ بهذه المدخرات على شكل ودائع بالجهاز المصرفي. تأثير محدود ويرى شريف رشدي -رئيس احدى شركات الاستثمار العقاري- أن تأثير تطبيق الضريبة العقارية سيكون محدوداً على النشاط العقاري خاصة أن الضريبة تفرض على العقارات التي تزيد قيمتها على نصف مليون جنيه وهذه الوحدات لا تمثل نسبة كبيرة على الخريطة العقارية حتى الآن مشيرا الى أن معدل الضريبة سيكون في حدود المقبول وأن الذين يملكون وحدات عقارية فاخرة لن يتأثروا بتلك الضريبة نظرا لملاءتهم المالية العالية. وأوضح أنه في المقابل سوف تلعب الضريبة دورا في إحداث نوع من التقييم الواقعي للعقارات بعد عمليات الانفلات السعري التي شهدتها السوق في العامين الماضيين حيث كان كل صاحب عقار يحدد السعر الذي يروق له بغض النظر عن أسعار الوحدات المماثلة في نفس المنطقة الجغرافية مما خلق نوعا من الفوضى السعرية لعب عليها السماسرة والمضاربون وحققوا أرباحا طائلة على حساب المواطن البسيط الراغب في شراء شقة سكنية. ويرى المستثمر العقاري المهندس سامي القريني -رئيس مجموعة «يافا»- أنه من المتوقع أن تكون هناك تأثيرات سلبية بعد تطبيق هذه الضريبة تطال عددا كبيرا من أطراف العملية الاستثمارية في المجال العقاري خصوصا الشركات العقارية الكبرى التي تمتلك عدة آلاف من الوحدات السكنية التامة وغير المشغولة وهي في طور تسويق هذه الوحدات وسوف تكون مطالبة بسداد عدة ملايين من الجنيهات كضريبة عن هذه الوحدات خاصة اذا كانت هذه الوحدات ضمن منتجع أو قرية سياحية وسوف تضطر الشركات لتحميل الضريبة السابق سدادها على المشترين مما يسهم في رفع الأسعار. والنقطة الثانية تتعلق بالوحدات المباعة بنظام التقسيط سواء عبر نظام التمويل العقاري أو أي نظم سداد أخرى وهذه الوحدات موقفها في القانون غير واضح خاصة أن الأقساط يتم تحميلها بضريبة الدمغة التي تدفعها البنوك مناصفة مع العملاء. وسنكون امام حالات ازدواج ضريبي يعرض القانون للطعن عليه امام المحاكم. أما النقطة الثالثة فتتعلق بالبنوك التي تمتلك أصولا عقارية آلت ملكيتها عبر عمليات تسوية مع بعض العملاء المتعثرين. وستكون البنوك مطالبة بالتخلص الفوري من هذه العقارات وبأي سعر مما يعرضها لخسائر كبيرة أو تحمل سداد الضريبة التي سوف يتم استقطاعها من أرباح البنوك عن أنشطة أخرى. منازعات متوقعة ويشير سامي القريني الى أن تطبيق الضريبة سوف يفتح الباب امام المنازعات الضريببة، خاصة أن عملية التقييم سوف تكون محل خلاف كبير بين تقديرات اللجان الضريبية وتقديرات المواطنين الأمر الذي يفتح الباب امام الرشوة والفساد والمجاملات وبالتالي استنزاف طاقة الجميع في منازعات غير مجدية خاصة أن حصيلة الضريبة لن تزيد على مليار جنيه.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©