الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

مستقبل الطلب على النفط لا يزال مشرقاً

مستقبل الطلب على النفط لا يزال مشرقاً
5 سبتمبر 2009 01:09
في 28 أغسطس 1859 في الغابات الواقعة شمال غرب بنسيلفانيا، بدأ إنتاج أول بئر بترول في الولايات المتحدة مبشراً بثورة في الطاقة وبتحول شامل في عالم الصناعة، غير أنه بعد 150 سنة وحتى مع تزايد الطلب في الدول النامية أصبح وضع النفط في الاقتصاد العالمي مسألة خاضعة للجدل. لكن لماذا كل ذلك الجدل حول أهم مصدر للطاقة والأسهل استخداماً والذي يغطي 40% من إجمالي طاقة العالم؟ هناك مخاوف تقليدية تتعلق بأمن وتنويع مصادر الطاقة والمخاطر السياسية واحتمالات النزاع بين الدول على الموارد والتحول الهائل في تدفقات الدخول في العالم أثارت المخاوف من إمكانية التأثير على توازن القوى العالمي. ويخشى البعض من نضوب الموارد رغم أن فحص قاعدة الموارد العالمية بما يشمل تحليلها لأكثر من 800 حقل بترول يبين أن هناك احتياطات هائلة تحت سطح الأرض، أما السياسات فوق سطح الأرض فهي مسألة أخرى. غير أن هناك عاملين اثنين يثيران السجال الآن العامل الأول هو الطريقة التي اتخذ فيه البترول شخصية أخرى، فهو لم يعد فقط سلعة مادية، بل أصبح ضمن الأصول المالية مثله مثل السندات والعملات والأسهم والمخزونات وباقي محفظة العالم المالية. تقلب الأسعار إن تقلب أسعاره من أقل من 40 دولاراً للبرميل في 2004 إلى147.27 دولار في يوليو 2008، ثم التراجع مجدداً إلى 32.40 دولار في ديسمبر 2008 والآن أكثر من 70 دولاراً. وكان له تداعيات وعواقب كبرى ليس فقط من حيث سعر البنزين واستياء الجمهور، فهذا التقلب الشديد في أسعاره يجعل من الصعب جداً التخطيط لاستثمارات الطاقة المستقبلية سواء في النفط والغاز أو في أنواع الوقود المتجددة والبديلة. ومن الممكن أن يكون له تأثير اقتصادي مهول، لن يُنسى ما حدث في ديترويت في محطات الوقود عامي 2007 و2008 حتى قبل أزمة الائتمان، في مقدور هذا التقلب أن يثير ركوداً وتضخماً مستقبلياً. لقد أصبح ذلك التقلب بمثابة «مسألة سياسية محفوفة بالمخاطر الشديدة»، وكان رئيس الوزراء البريطاني جوردن براون والرئيس الفرنسي نيكولاس ساركوزي قد دعوا إلى البحث عن حل عالمي «لتقلبات الأسعار المدمرة» رغم أنهما أضافا أنه لا توجد حلول سهلة. والعامل الجديد الآخر هو تغير المناخ، فأياً كانت نتائج قمة الأمم المتحدة عن التغير المناخي في كوبنهاجن في ديسمبر المقبل، فإن السيطرة على الكربون جزء من مستقبل البترول الآن. ولكن هل يمكن تقليص استخدام النفط في العالم تقليصاً كبيراً؟ تتوقع كل من وزارة الطاقة ووكالة الطاقة الدولية الأميركيتين أن يزيد استخدام الطاقة على مستوى العالم بنسبة 50% تقريباً فيما بين 2006 و2030 مع بقاء البترول يشكل 30% أو أكثر من طاقة العالم. عولمة الطلب السبب هو شيء آخر جديد -عولمة الطلب- فلم تعد الأسواق الكبرى المستهلكة للبترول موجودة فقط في أميركا الشمالية وأوروبا الغربية واليابان، بل انتقل الطلب الزائد إلى الأسواق الناشئة سريعة النمو كالصين والهند والشرق الأوسط. وفيما بين عامي 2000 و2007 كان (85) في المئة من نمو طلب البترول العالمي في الدول النامية، ومازال التحول مستمراً، حيث إنه في هذا العام بيعت في الصين سيارات جديدة أكثر من الولايات المتحدة. وحين يتعافى الاقتصاد العالمي، فإن ما يحدث في الدول النامية سيكون بمثابة العامل الفاصل في مسار إجمالي الاستهلاك. وهناك طريقتان واضحتان لتقليل نمو الطلب، إما تقليص النمو الاقتصادي أو البحث عن الجديد من التقنيات. بالطبع، الطريقة الأولى غير مقبولة، ولذلك ينبغي التوجه إلى البحث عن بدائل للبترول تكون ذات جدوى اقتصادية من حيث السعر والملائمة والموثوقية بها وبالأحجام الضخمة المطلوبة. فما هي تلك البدائل؟ البطاريات والسيارات الكهربائية؟ أم الوقود الحيوي المتقدم؟ أم مركبات الغاز الطبيعي؟ أم الشبكة الذكية الناشئة والتي في مقدورها تجميع أجيال كهربية أكثر خضاراً؟ أو تحقيق تقدم في محرك الاحتراق الداخلي لزيادة كفاءة الوقود مرتين أو ثلاث مرات؟ في الواقع لا نعرف ولن نعرف لفترة ما، ولكن من الواضح الآن أن الدعم المتزايد للابتكار والتجديد والحوافز الحكومية ستسفر في نهاية الأمر عن تغيير تكنولوجي، بالنسبة للنفط، أهم مستهلكيه هو النقل والمواصلات، وعموماً فقط 2% من الكهرباء في أميركا تولد عن طريق البترول. وحتى وقت قريب، بدا أن السباق بين السيارة الكهربية وسيارة البنزين حسم من قرن مضى بفوز ساحق لسيارة البنزين من حيث التكلفة والأداء، غير أنه من الواضح أن السباق عاد وظهر من جديد. ومع ذلك، أياً كانت الاختراقات التكنولوجية، فإن التأثير الفعلي على استخدام الوقود على مدى السنوات العشرين المقبلة سيكون تدريجياً نظراً للوقت الذي يستغرقه الإنتاج الضخم بالجملة وضخامة صناعة السيارات العالمية، وإن أخذنا شركة IHS CERA مثلاً، فهي تتوقع مع كميات المبيعات الهائلة وعدم وجود مطبات شديدة في الطرق؛ (لأنها لا تناسب التكنولوجيا الحديثة) يمكن للسيارات الهجينة والسيارات الكهربية أن تشكل 25% من مبيعات السيارات الجديدة بحلول عام 2030. ولكن نظراً لبطء تغير أساطيل السيارات الضخمة فلن يقل استهلاك البنزين إلا بقدر بسيط في أول الأمر، ولكن سيكون التأثير أكبر تدريجياً إلى أن يتعاظم. غير أنه في الولايات المتحدة وعلى الأقل خلال السنوات العشرين المقبلة من المنتظر أن يكون هناك تأثير أكبر وأسرع لكل من زيادة كفاءة محرك الاحتراف الداخلي وتطوير محركات الديزل والسيارات الهجين العادية وأنواع الجيل الثاني من الوقود الحيوي والمواد الجديدة الأخف وزناً، بيد أنه ربما يحدث تحول عالمي مهم لو هيمنت السيارات الكهربية الصغيرة قليلة الكلفة على الأسواق في آسيا، الأمر الذي سيقلل الطلب على البترول. أما بشأن تصور ما يمكن أن يحدث للبترول على مدى السنين المئة والخمسين القادمة، فإننا لا نستطيع حتى أن نبدأ في التخمين، ولكن لفترة السنوات العشرين المقبلة على الأقل، فإن النشاط الاقتصادي الهائل في الأسواق الناشئة سيظل محركاً رئيسياً لزيادة الطلب على البترول والإقبال على مشاريعه. نقلاً عن «وول ستريت جورنال»
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©