الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مفاوضات «الأصناف السبعة»!

22 مارس 2015 23:16
لم يكن المشهد يخطر ببال أحد قبل 18 شهراً، عندما ظهرت عناوين الصحف حول حدوث أول اتصال بين دبلوماسيين بارزين أميركيين وإيرانيين. بيد أنه يوم الجمعة الماضي، وفي مدينة لوزان السويسرية، اصطف وزير الخارجية الأميركي «جون كيري» ووفد أميركي رفيع المستوى لتقديم واجب العزاء لعضو الوفد الإيراني «حسين فريدون»، شقيق الرئيس الإيراني «حسن روحاني» بوفاة والدته في صباح ذلك اليوم. وشوهد كيري وهو يرفع ذراعيه بالتحية لشقيق الرئيس الإيراني، ويجلس إلى جواره. وكان وزير الطاقة الأميركي «ارنست مونيز» بصحبة كيري وفي نفس الصورة ظهرت كبيرة المفاوضين «ويندي شيرمان» وهي تحيي المسؤول الإيراني. ويتواجد مفاوضون أميركيون وإيرانيون في لوزان لإجراء محادثات شاقة بشأن كبح برنامج إيران النووي، قبل انتهاء المهلة في آخر مارس الجاري، وإيجاد «إطار سياسي» يؤدي إلى اتفاق شامل بحلول شهر يونيو المقبل. لكن رغم التحديات المزمنة على طاولة المفاوضات، تحدثت لغة الجسد يوم الجمعة عن الألفة الشخصية التي تعد نتيجة لسنوات من المفاوضات النووية، لاسيما بعد انتخاب روحاني في منتصف 2013. ويرى «رضا المرعشي»، محلل سابق في وزارة الخارجية الأميركية، أن هذه التعازي تصور التحول في الاتصالات الأميركية الإيرانية رفيعة المستوى، بعد جيل من العداء المتبادل منذ الثورة الإسلامية في عام 1979، قائلا إنها «تخبرنا بأن ما كان مستحيلا أصبح الآن روتيناً». ويستطرد: «إنها تثبت أن الجانبين أصبحا ينظران إلى بعضهما البعض بصورة إنسانية». ويشغل «المرعشي» الآن منصب مدير الأبحاث في المجلس القومي الإيراني الأميركي ومقره واشنطن، والذي يدافع عن الاتفاق النووي ويعارض العقوبات المفروضة على إيران. وأضاف المحلل السابق أنه «تم إنشاء قنوات اتصال. إنهم لا يتحدثون فقط عن البرنامج النووي، بل يتحدثون أحياناً عن آلام الظهر وعن عائلاتهم. إنهم في الواقع بشر مع بعضهم البعض، بدلا من أن يكونوا (أميركا) و(إيران). إن الدبلوماسية شخصية جداً، وكذلك الأمور فيما يتعلق بمحاولات سد الفجوة وبناء تفاهمات مشتركة». وفي أول لقاء له يوم الجمعة مع نظيره الإيراني، قدم كيري أيضاً «أحر التعازي» لوزير الخارجية الإيراني «محمد جواد ظريف»، الدبلوماسي الذي تلقى تعليمه في الولايات المتحدة والذي ساعدت طلاقته في اللغة الإنجليزية وفهمه للسياسة الأميركية والأوروبية على جعل جولات المحادثات أكثر تنظيماً وودية. وأشار كيري إلى أن مساء الجمعة تصادف مع الاحتفال ببدء السنة الجديدة في إيران (النوروز)، قائلا: «نأمل أن تجلب لنا هذه السنة التقدم والسلام». ورد «ظريف» بأن كلمة «النوروز» تعني «يوماً جديداً» بالفارسية، وأعرب عن أمله في أن يكون «يوماً جديداً للعالم بأسره، وعهداً جديداً لمن مزيد من التفاهم والسلام». وخارج قاعة الاجتماع، كانت توجد طاولة الأصناف السبعة، وهي تقليد فارسي، وتضم سبعة أشياء، كلها تبدأ بحرف السين، لتعلن بذلك عن دخول الربيع والعام الجديد. وتضم هذه المنضدة القرآن، وسمكة ذهبية، وبراعم خضراء يانعة. ومن المفارقات، أن «ظريف» قد أمضى وقتاً أطول في مناقشات مباشرة مع كيري أكثر من الوقت الذي أمضاه مع أي مسؤول أجنبي آخر. أما جدول الرحلات الخاص بالخبير النووي الأميركي، الذي عبر المحيط الأطلسي خلال 57 رحلة منذ مطلع 2013، فهو مؤشر على مدى تكرار مثل هذه الاتصالات على مستويات عديدة خلال هذه المحادثات. وقد أنهى الدبلوماسيون هذه الجولة من المفاوضات يوم الجمعة، على أن تستأنف يوم الأربعاء القادم على الأرجح. ولا تزال هناك قضايا خطيرة، خاصة فيما يتعلق برفع العقوبات التي فرضها مجلس الأمن الدولي ضد إيران، إلى جانب سرعة وحجم رفع العقوبات الأميركية والأوروبية، والقدرة على استمرار الأبحاث النووية الإيرانية. كما بدأت الانقسامات في الظهور بين الولايات المتحدة وفرنسا التي تريد فرض شروط أكثر صرامة على إيران. ومن ناحية أخرى، أصدر الرئيس أوباما بيان النوروز الخاص به، وهو تقليد سنوي للبيت الأبيض. وفي تركيز على المحادثات الإيرانية، قال إن إيران ينبغي أن توافق على «اتفاق معقول». واستطرد: «هذا العام، لدينا أفضل فرصة منذ عقود لأن نحقق مستقبلا أفضل بين دولتينا». ودعا أوباما «الإيرانيين والأميركيين لاغتنام هذه اللحظة». لكنه قال أيضاً إنه ينبغي على القادة الإيرانيين الاختيار بين العزلة ومزيد من «الصعاب» أو «مزيد من الفرص». وسرعان ما رد «ظريف» عبر تويتر قائلا: «لقد اختار الإيرانيون بالفعل: الارتباط بكرامة. وقد حان الوقت للولايات المتحدة وحلفائها أن يختاروا: إما الضغط أو الاتفاق». *كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©