محمد حامد (دبي)
في يناير 2015، كتبت صحيفة «إندبندنت» البريطانية، تقريراً عن فكرة دمج الأندية التي تقع في مدينة واحدة، من أجل جعلها أكثر قوة وقدرة على المنافسة، وعنونت هذا التقرير قائلة: فريقان أو أكثر من مدينة واحدة.. هل يمكن دمجها ؟ هذا ما يقوله المنطق، وأشارت الصحيفة إلى أن مدينة شيفيلد بمفردها تحتضن 5 أندية أقواها وأشهرها شيفيلد يونايتد، وشيفيلد وينزداي، ولكن جميع هذه الأندية حصلت على بطولة واحدة في آخر 80 عاماً، وفي آخر 17 عاماً ظهر ممثل وحيد لها في البريميرليج مرة واحدة.
تقرير الصحيفة اللندنية يشير إلى أن الإندماج والوحدة في كيان واحد، هدفها الأساسي الحصول على كيان جديد أكثر قوة وتماسكاً وقدرة على المنافسة، وهو أمر معتاد في عالم الاقتصاد، حينما تندمج كيانات وشركات كبرى أو بنوك مع بعضها البعض، وعلى المستوى الكروي هناك أمثلة تاريخية كثيرة على اندماج بعض الأندية ليخرج إلى الوجود كيان قوي مثل روما الإيطالي وباريس سان جيرمان الفرنسي، ونيوكاسل يونايتد الإنجليزي.
واشتهرت إنجلترا على وجه التحديد بكثرة أندية المدينة الواحدة، مما جعلها من أكثر بلدان العالم خوضاً لتجربة الدمج بين أكثر من ناد، والتي بدأت منذ فترات بعيدة، حيث كانت البداية بدمج ستوك رامبليرز مع ستوك فيكتوريا في العام 1878 باسم نادي ستوك سيتي، مما أسفر عن حصول النادي على 10 بطولات على مدار تاريخه، بعد أن أصبح أكثر قوة، وبلغ نهائي كأس إنجلترا العام 2011، وهو أحد أندية البريميرليج في الوقت الراهن، حيث يحتل المركز الـ14.
وفي عام 1885، خرج إلى حيز الوجود نادي لوتون تاون بعد دمج لوتون تاون مع إكسلسيور، وفي 1888 تم دمج إبسويتش أف سي مع إبسويتش لتأسيس فريق إبسويتش تاون، أما التجربة الأشهر في إنجلترا فكانت في تأسيس كيان كروي قوي العام 1892 وهو نادي نيوكاسل يونايتد، والذي جاء نتيجة لدمج نيوكاسل وست مع نيوكاسل إيست، ومن ثم أصبح فريقاً واحداً تجمعه كلمة «يونايتد»، مما جعله واحداً من أكبر أندية إنجلترا، فقد حصل على لقب الدوري 4 مرات أعوام 1904 و 1905 و 1909 و 1927، كما حصد كأس إنجلترا 6 مرات، كما حصل على عدة بطولات أخرى، وظل موجوداً في الدوري الممتاز 85 موسماً.
فريق واتفورد هو أحد النماذج الشهيرة لتجربة الدمج التي نجحت على نطاق واسع في إنجلترا، فقد حدث هذا التوحد في كيان واحد العام 1898 بين فريقي وست هرتفوردشاير وواتفورد سانت ماري، ومن الأمثلة الأخرى للأندية الشهيرة في إنجلترا نادي كوينز بارك رينجرز الذي تأسس بالدمج بين أكثر من فريق العام 1886.
أما أكثر الوقائع التاريخية إثارة في هذا الملف، فكانت فكرة دمج مان يونايتد ومان سيتي في حقبة الستينيات من القرن الماضي، وتحديداً في العام 1964، فقد شهدت الفترة ذاتها تقارباً بين الناديين بصورة كبيرة، وخرجت الأصوات لتنادي بتوحد مدينة مانشستر في كيان كروي واحد، خاصة أن يونايتد وسيتي لم يتمكنا من التألق سوياً في فترة بعينها، إلا أن رئيس مان سيتي فرانك جونسون قرر تأجيل هذه الفكرة، ولم تطرح بجدية منذ هذا الوقت.
وتشهد الساحة الكروية الأوروبية على وجه التحديد نقاشاً يخص دمج 50 نادياً أو أكثر في 25 فقط، وتظل النقاشات بين شيفيلد يونايتد وشيفيلد وينزداي أكثرها جدية وتكراراً على مدار السنوات الماضية، فالصعوبات المادية لكل منهما تجعل فكرة الدمج في كيان كروي ورياضي واحد أمراً مقبولاً، فقد أصبح الفارق في القدرات المالية بين الكبار والصغار في إنجلترا وفي القارة العجوز بأسرها، أمراً واقعاً.
في بقية بلدان أوروبا، كان لدمج الأندية حضور لافت في ألمانيا وإيطاليا وفرنسا، وأسفر عن ظهور كيانات كروية كبيرة لا زالت موجودة بقوة على الساحة القارية حتى وقتنا هذا، في ألمانيا هناك 3 أندية صنعها الدمج وهي هامبورج وكارلسروه وكولن، ونادي هامبورج على سبيل المثال ظهر بهذا الاسم العام 1919 بعد دمج 3 أندية.
في إيطاليا، وتحديداً في العام 1929، اتفقت 3 أندية على أن تحمل جميعها اسم روما كفريق واحد يجمع بينها، وهذه الأندية هي رومان أف سي، وألبا، وبرو رومان، ولم يكن فريق لاتسيو من بين هذه الأندية ليظل قائماً بذاته في العاصمة الإيطالية، وفي العام 1926 تم دمج فرينزي وليبرتاس ليخرج فريق فيورنتينا بهذا الاسم حتى الآن، وفي الفترة ذاتها تمت محاولة دمج أكثر من فريق من أجل كيان واحد تحت اسم سامبدوريا، ولم تر التجربة النور إلا في العام 1946، والثلاثي المذكور روما وفيورنتينا وسامبدوريا أصبح من أشهر أندية إيطاليا على مدار تاريخها الكروي.
وخرج فريق سبورتنج لشبونة من رحم بنفيكا، فقد كان هناك فريقان يحملان اسم بنفيكا «جروبو سبورت بنفيكا» و«سبورت لشبونة بنفيكا» ليتم دمجهما معاً من أجل فريق واحد هو سبورتنج لشبونة العام 1908، ليحصل الفريق حتى الآن على 36 لقباً للدوري، و 28 لقباً في بطولة الكأس، وبطولة أوروبا في عامي 1961 و1962 .
وفي فرنسا، تم دمج استاد سان جيرمان مع باريس أف سي من أجل كيان واحد جديد، هو باريس سان جيرمان، وقد حدث ذلك العام 1970، وظل النادي الباريسي يحمل هذا الاسم مستفيداً من فكرة الدمج على الرغم من انفصاله عن باريس أف سي بعد عامين من الدمج، ولم تكن هولندا بعيدة عن فكرة تكوين كيان كروي واحد يجمع بين أكثر من فريق، وهذا ما حدث في تجربتي تيفينتي وأوترخت، وهما من أندية هولندا المعروفة في الوقت الراهن.
عدد اليوم
