الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

برامج الطرشان!

17 مايو 2010 21:21
حدثني أحد الزملاء الأعزاء متندراً ذات مرة قائلاً: «لقد أصبحت القنوات الفضائية ونجومها، تنافس نجوم السماء عدداً»! مبدياً ترحمه وأسفه على حقبة القنوات الخمس الأرضية! وصدقاً، فعلى كثرة ما تفرّخه أقمار «النصب سات»، من نجوم وشهب ونيازك، تتساقط علينا كل ثانية، وما تصدّره لنا من «صور»، ومحتوى هابط كارثي، بتبنيّها وتقديمها نماذج مفرغة وضحلة مهنياً وفنياً وفكرياً وإبداعياً، ولا سيما على المستوى الإنساني، والأخلاقي أيضاً! إلا أنه تغيب عنها الفائدة، ومتعة المشاهدة معاً، مع تدني منسوب الصدقية، وازدواجية التوجه والمعايير، وتعدد الولاءات، وتسييس جل محتواها المبثوث، ولاحتكامها أولاً وأخيراً إلى سلطة رأس المال، وطرق مضاعفته، ما أثار حفيظة المشاهد العربي، وأدى إلى عزوفه عنها، والبحث عن بدائل جديدة ومنافسة، بدلاً عن هذا النزف الفضائي المشحون بضوضائيته اللامتناهية، والذي أرّثه الملل والصداع المزمنين، إضافة إلى ضعف حاد في حاسة السمع! في أحد محاور جلسات المنتدى الإعلام العربي التاسع، دارت حلقة نقاشية بعنوان: «لا تقاطعني! لباقة الحوار وفضيلة الإنصات»، بالاستناد إلى دراسة علمية قام بها الكاتب والباحث الكويتي محمد النغيمش بعنوان: «لا تقاطعني»! إذ توصلت تلك الدراسة إلى أنّ 70% من المشاركين العرب في البرامج الحوارية التلفزيونية لا يتحلون بآداب الحوار، ويرددون كلمات لا تنم عن لباقة! ويقاطعون ضيوف برامجهم بطريقة فجائية، تتسبب في إرباكهم، وتشتت أفكارهم، وتقطع تدفق وتسلسل معلوماتهم، وتزعج المشاهد كثيراً! كان من ضمن المحاورين المشاركين في تلك الجلسة، نجوم لبرامج حوارية معروفة على الساحة، وعلى تباين مستوى حضورهم الإعلامي، واختلاف منهجية كل منهم في إدارة برنامجه، إن كان وفق «فورمات» مرسومة، تعكس فكرة وروح البرنامج، وأهداف المحطة معاً، أوما يمتلكه من أدوات، ومهارات ذاتية، تدعمها «كارزماتية» خاصة، تخدم الصورة، وترفع من جماهيرية القناة، ونجاح البرنامج. كانت هناك عدة تساؤلات قد يثيرها المتلقي العادي الذي ألِف مؤخراً برامج «التوك شو» باختلاف أنماطها، وهي: - هل اختلاف آراء المشاركين في البرنامج الحواري، شرط من شروط نجاحه؟ - متى تجوز مقاطعة الضيف؟ - هل يجب أن يقوم المذيع بدور محامي الشيطان؟ - هل يسقط ضيوف البرامج الحوارية أحياناً ضحية استفزاز مقدمي البرامج؟ - هل البرنامج الحواري الهادئ أقل جذباً من البرنامج الصاخب؟ وهو السؤال الأهم. هل الصخب يجذب المشاهد، ويُعدّ شرطاً أساسياً لأي برنامج حواري ناجح وهادف؟! عوضاً عن التزام الحيادية والموضوعية في تسيير دفة الحوار، والذكاء في طرح الأسئلة دون اعتماد الإثارة، ومحاولة استقصاء الحقائق، وكشف المعلومة التي تهم المشاهد دون تزييف؟ أم أن يكون الخيار باتباع النهج الاستفزازي الغوغائي باستضافة ضيفين متناحرين مسبقاً، متضادين، جملة وتفصيلاً، بإثارة زوبعة حوارية بسرعة 80000 عقدة في الثانية، والاستمرار في مواصلة «الجعجعة»، والسلخ والتقطيع على الهواء، في سجال عديم الفائدة، «مُفتعل» أحياناً، لا يرقى حتى إلى حوار الديكة، ولا يصلح إلاّ للطرشان؟! Esmeralda8844@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©