الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تقوية الإرادة في مدرسة الصيام

تقوية الإرادة في مدرسة الصيام
3 سبتمبر 2009 22:55
لماذا طلب الله منا أن نصوم ونحرم أنفسنا من الطعام اللذيذ والشراب البارد؟ وماذا يستفيد ربنا سبحانه من صيامنا؟ ولمعرفة الحكمة في ذلك نحتاج أن نعلم أن الله سبحانه قد قال لآدم «وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ» (الأعراف: 19)، ولسائل أن يسأل: لماذا أباح الله تعالى لآدم وزوجه الجنة وما فيها إلا شجرة؟! وقد وصف الله تعالى الجنة بقوله «فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى» (محمد: 15)، كما وصفها بقوله «فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ، فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ، وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ « الغاشية:( 12-16) وقد تحدث القرآن الكريم عن جنتين «فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ، فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ، فِيهِمَا مِن كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ، فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ، مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ، فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ» الرحمن: 50- 58. إن كل هذا النعيم مباح لآدم وزوجه، يتفيآن ظلالها الوارفة، ويأكلان من قطوفها الدانية، ويستمتعان بالأكل منها رغداً حيث يشاءا إلا شجرة نهاهما عن الاقتراب منها! ونحن نعلم أن الله تعالى ليس بحاجة إلى الشجرة ولا إلى أحد من مخلوقاته! إنه مما لا ريب فيه أن الله تعالى لا تنفعه طاعتنا، ولا تضره معصيتنا، فما أمرنا إلا بما فيه نفعنا، وما نهانا إلا عما فيه ضررنا، سواء أدركنا ذلك أم لا، قال تعالى «وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ» الأعراف: 158، وإن الله تعالى قد جعل الإنسان خليفة في الأرض «وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً» البقرة: 30. وقد منح الله تعالى الإنسان الإرادة ليستعين بها في أداء أمانة الخلافة في الأرض، وقد شاء الحق تعالى أن يقوي إرادة الإنسان، وإنما تقوى هذه الإرادة في اجتناب المنهيات وهي في متناول يده. وانطلاقاً من ذلك شرع الله تعالى عبادة الصوم، «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ» البقرة: 183، حيث يتعود الإنسان في عبادة الصوم على تقوية إرادته، شهراً كاملاً «شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ» البقرة: 184. ففي نهار رمضان يرى الصائم أمامه لذيذ الطعام ولا يأكله وهو جائع، ويغسل يديه ووجهه بالماء الزلال ولا يشرب منه وهو عطشان، وإلى جانبه زوجه ولا يقترب منها، وهذا كله يقوي إرادة الإنسان. ومعلوم أن امتناعه عن الطعام والشراب والجماع لا يرجع إلى ضرر هذه الأشياء، بل إلى تقوية جانب الإرادة في الإنسان، إذ إن هذه المنهيات تصبح حلالاً طيباً في الليل كما قال تعالى «وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى الليل»البقرة: 187. كما أن عبادة الصوم تعلم الإنسان الإخلاص لله تعالى كما جاء في الحديث القدسي الذي أخرجه البخاري عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «قَالَ اللَّهُ كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ» وإن امتناع الصائم عن سب من سابه، أو شتم من شاتمه يقوي إرادته في الخير، ويرتقي به في مدارج الأخلاق الفاضلة. د. محمد بسام الزين drbassam@eim.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©