الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

معاهدة ··· لا مستخدم أول

معاهدة ··· لا مستخدم أول
5 يوليو 2008 02:32
يقال أحياناً في العالم العربي إن الطريق إلى القدس يمر عبر واشنطن، بافتراض ضمني أنه لا يمكن إلا للأميركيين أن يأتوا بالإسرائيليين إلى طاولة المفاوضات؛ إلا أن هناك دينامية مختلفة بشكل مميز بدأت تبرز في الأيام المتناقصة لسنوات الرئيس بوش· قد يكون الطريق إلى واشنطن يمر في الواقع عبر القدس· تبادر دول الشرق الأوسط وبشكل متزايد إلى عقد محادثات سلام بشكل مباشر مع إسرائيل دون مساعدة أميركا، وتشكل المفاوضات السورية الإسرائيلية نموذجاً محتملاً واعداً، وقد يكون هذا الطريق أفضل أمل لدى الإيرانيين لمنع مجابهة كارثية حول برنامجهم النووي؛ تؤكد الحكومة الإيرانية أن برنامج تخصيبها النووي ذو أهداف سلمية، إلا أن الشكوك ما زالت كثيرة· يرعب الطرح القادم من إيران، مضافةً إليه مخاوف حول طبيعة طموحاتها النووية، القيادة الإسرائيلية، ويتجه الوضع بشكل متهور شديد الانحدار نحو الكارثة· يشعر إسرائيليون معينون بأنهم مضطرون وبسرعة للقيام بعمل عسكري، لاعتقادهم بأن الرئيس الأميركي الحالي يحتمل أن يعطي الضوء الأخضر أكثر من الرؤساء المقبلين؛ هناك قوى في واشنطن كذلك ستستفيد إلى حد بعيد من الانتخابات الرئاسية المقبلة إذا تم إطلاق الحرب على إيران في أكتوبر على سبيل الافتراض، إلا أن معظم الخبراء يوافقـــون على أن أية هجمة إسرائيلية لن تفعـــل شيئـــاً سوى تأخير إيران النووية، بينما ستطلق زمام انحدار لولبي مروع في العنـــف الإقليمي وفي الاقتصـــاد العالمي· هناك أسلوب واحد فقط لإيقاف هذا القطار المدمِّر الذي بدأ يظهر، ألا وهو التفكير الجديد؛ هناك سبيل للخروج من التصعيد الحالي في التهديدات بين إسرائيل وإيران، عن طريق إدخال نوع جديد من المعاهدة مصمماً خصيصاً للاعبين ذوي العلاقة؛ أطلقُ على هذه المعاهدة اسم ''معاهدة لا مستخدم أول''؛ لم توافق إسرائيل على مبدأ ''لا استعمال أولي'' للأسلحة النووية، لأنها لم تعترف يوماً بأنها تملك هذه الأسلحة· ولكنها تعهدت بالعمل باتجاه منطقة خالية من الأسلحة النووية، إضافة إلى تفكيك أسلحة الدمار الشامل غير النووية، بناء على تطبيع للعلاقات مع كافة جيرانها، والتي يجب أن تضم إيران في عصر الصواريخ هذا، ما زالت هذه النهاية بعيدة، ولكن إسرائيل كررت كذلك أنها لن تكون البادئة بإدخال الأسلحة النووية إلى نزاع الشرق الأوسط، وهذه فاتحة حاسمة· يكون من الحكمة الآن أن يقوم الساسة الإيرانيون بصياغة نص معاهدة إيرانية إسرائيلية حول ''لا مستخدم أول''، وسيثبت ذلك للعالم وبشكل ذكي أن إيران لا تقف وراء الطرح العنفي المتطرف لرئيسها الحالي، وهو أمر سينزع فتيل الغضب العالمي نحو إيران، تماماً مثلما قام الدفئ البادي في العلاقات بين إسرائيل وسوريا بتخفيف الضغط بشكل ملحوظ عن نظام الرئيس الأسد، عمل كهذا سوف يفشل الرغبة من قبل المحافظين الجدد بمهاجمة إيران في الأشهر الستة المقبلة، والإغراءات الحزبية الأميركية بتحويل مجرى الانتخابات عن طريق إدخال حرب مرعبة، وهذا سيساعد إسرائيل على طي صفحة جديدة في علاقاتها مع أعتى أعدائها، وهذا هدف إستراتيجي ثمين· لن توقف معاهدة كهذه إيران بنجــاح عــن السعـــي وراء أية طموحـــات نوويـــة غير سلميـة في المستقبـل، ولكن قد يكون هناك وقتها زعيم أميركي أو إسرائيلي يمكنه أن يقدم لإيران جزرة مغرية من تطبيع العلاقات ونهاية لمحاولات تغيير الأنظمة، ستكون هذه المكافآت في مقابل نظام تفتيش نووي متفق عليه بالتبادل يضع حداً لمخاوف جيران إيران في الشرق الأوسط فيما يتعلق بالنوايا العسكرية، إضافة إلى إيقاف الحرب بالوكالة ضد إسرائيل· لا تحتاج إيران لتغيير معارضتها الأيديولوجية الحالية لإسرائيل حتى تتبع سبيل نزع الفتيل، يتوجب عليها فقط أن تبعــــد نفسهــــا عـــن الطـــرح المدمّــــــر لرئيسهــــا، وأن تلتزم بعدم التدخل بعملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية القائمة، كذلك يُفشِل وجود إيران منخرطة بأي نوع من الحوار البناء مع إسرائيل الحديثَ الدائر في واشنطن عن تغيير النظــــام، وقد يمكـــــّن ذلـــك الطريق نحـــــو الســــلام بين الدولتين· تعود معاهدة ''لا مستخدم أول'' بالفائـــدة على كــــل مــــن هو مشــارك في العملية، وخاصة القيادات في إسرائيل وإيــران وخمسين مليــون نسمــة في المنطقة قد يتأثرون بشكل رهيب بحـــرب نوويــــة بين الدولتين· مارك غوبن أستاذ بجامعة جورج ميسون الأميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة كومون جراوند الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©