الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

«تعرفات» الصين تهدد أميركا بفقدان أكثر من مليوني وظيفة

«تعرفات» الصين تهدد أميركا بفقدان أكثر من مليوني وظيفة
16 ابريل 2018 21:05
شريف عادل (واشنطن) أكدت دراسة أميركية حديثة أن الولايات المتحدة الأميركية ستفقد نحو 2.1 مليون وظيفة في حالة نشوب حرب تجارية شاملة مع الصين، وأن هذه الوظائف ستشمل 40 صناعة، تدخل منتجاتها ضمن القائمة التي أعدتها الصين لفرض تعرفات إضافية، رداً على التعرفات التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على المنتجات الصينية. وأكدت الدراسة، التي صدرت عن معهد بروكنجز في واشنطن، أن المسؤولين التجاريين الصينيين على دراية تامة بالعناصر الرئيسة المختلفة، ذات الأهمية الثقافية، التي تشكل قاعدة الإنتاج الأميركية، ربما أكثر من نظرائهم الأميركيين، حيث إنهم عمدوا عند وضع قائمتهم إلى تمثيل جميع المنتجات ذات التقنية العالية والمنخفضة والصناعية والزراعية والسلعية والمتخصصة، كما اشتملت القائمة على شركات من صناعات ضخمة كصناعة البلاستيك وصناعة الطائرات، إلى الصناعات البسيطة الموجودة في بعض المزارع، مثل صناعات الذرة وفول الصويا. ومع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن فرض تعرفات جمركية إضافية على ما قيمته 50 مليار دولار من واردات بلاده من الصين، ورد الصين بتطبيق تعرفات جديدة على أكثر من 100 من المنتجات التي تستوردها من الولايات المتحدة، ثم تصعيد ترامب الأخير بإضافة ما قيمته 100 مليار دولار من الواردات لقائمة المنتجات التي تطبق عليها التعرفات الجديدة، وتعهد الصين بالرد بتعرفات بنفس القيمة حال تطبيق ما أعلنه ترامب، فإن الحرب التجارية الشاملة التي تصورها البعض بعيدة أصبحت قريبة بدرجة كبيرة، وانتقلت المخاوف الدولية البعيدة إلى النطاق المحلي القريب، ما استوجب إعداد الدراسات، وعقد الندوات، لمعرفة تأثير تطبيق التعرفات التجارية المقترحة على الواردات في الدولتين. وحذر العديد من المتخصصين، بمن فيهم بعض مستشاري ترامب الاقتصاديين (ومنهم من استقال اعتراضاً عليها) وأعضاء في الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه الرئيس من تطبيق التعرفات التي قررها ترامب، بسبب ما ستؤدي إليه من انخفاض في صادرات الولايات المتحدة نفسها، وبعض حلفائها التجاريين والسياسيين، ما سيؤدي بالتأكيد إلى فقد مئات آلاف من الأميركيين لوظائفهم. وأكدت الدراسة أن الصينيين قد بذلوا جهداً كبيراً للتحقق من التوزيع الجغرافي لنظام الإنتاج الأميركي، مع الأخذ في الاعتبار الانقسام السياسي الكبير الذي يعصف بالولايات المتحدة الأميركية منذ انتخاب ترامب. وقدمت الدراسة خريطة للولايات المتحدة، قسمت فيها إلى المقاطعات التي تتكون منها، والتي يتجاوز عددها الثلاثة آلاف مقاطعة، لتوضيح التأثير على الوظائف في كل واحدة منها. واعتبرت الدراسة أن «التجارة الخارجية تنطوي على ملايين العمال في مئات من الأماكن المختلفة، وأنها غالباً ما تؤثر في التجارة المحلية الهامة»، وأكدت أن هذا يعني أن أي حروب تجارية قادمة لن تكون بعيدة عن المجتمعات الأميركية المحلية، والتي من المرجح ألا تظل صامتة تجاه أي تأثيرات سلبية محتملة على الوظائف فيها. وعند اختيار المنتجات التي ستفرض عليها التعرفات، تقول الدراسة، تجاهل المسؤولون، غالباً عن عمد، انقسام الولايات والمقاطعات الأميركية ما بين الحزبين، بل على العكس، فإن القوائم تبدو وكأنها مصممة للتأكد من أن الحزبين، في جميع أنحاء البلاد تقريباً، يتأثران بدرجة كبيرة جداً بطبول الحرب التي تقرع. فمن ناحية، جاء توزيع الوظائف المعرضة للفقدان بالتساوي تقريباً في المقاطعات التي فاز بها ترامب وكلينتون في انتخابات 2016، لتتحمل المقاطعات التي فاز بها ترامب نحو 52% من تلك الوظائف، بينما تتحمل المقاطعات التي فازت فيها كلينتون النسبة الباقية، أي 48%، الأمر الذي يلقي عبئاً على ممثلي الحزبين في الكونجرس من جراء المواجهة. من ناحية أخرى، فقد عمدت القوائم الصينية لتأليب الرأي العام، من قاعدة ترامب الجماهيرية، على قراراته، حيث كانت نسبة المقاطعات الحمراء (أي التي صوتت لترامب) حوالي 82%، بينما كانت نسبة المقاطعات الزرقاء (التي صوتت لكلينتون) نحو 18% فقط، من ضمن 2742 مقاطعة يحتمل تأثر العمالة فيها بالتعرفات الصينية. وأوضحت «خرائط التأثيرات الجمركية» التي رسمها الصينيون، ورصدتها الدراسة، وصمم الصينيون ردود أفعالهم التعريفية على أساسها، أن المسؤولين الصينيين درسوا بتعمق جغرافية الأماكن المرتبطة بالتجارة الخارجية للولايات المتحدة الأميركية، وعرفوا أيها يسبب أكبر قدر من «الآلام الذكية»، وذلك حتى يتمكنوا من دفع الأزرار التي تضمن تعبئة النظام السياسي بأكمله للضغط وقت الحاجة. ولم تكتف الصين بالرد عن طريق فرض تعرفات انتقامية، حيث أكدت تقارير من وكالات أنباء عديدة أن الصين تقوم حالياً بتقييم التأثير المحتمل لإجراء تخفيض تدريجي لقيمة عملتها أمام الدولار. وأشارت تقارير من رويترز وبلومبيرج ووكالة الأنباء الصينية شينخوا، إلى أن المسؤولين الصينيين يدرسون تحليلاً ذا شقين، أحدهما معني بتأثير استخدام العملة كأداة في المفاوضات التجارية مع الولايات المتحدة، في حين يُعنى الشق الثاني بتبعات تخفيض قيمة العملة لتعويض تأثير أي اتفاقات تجارية تحدّ من الصادرات الصينية. ورغم التأثيرات السلبية المتوقعة، في حالة نشوب حرب تجارية شاملة بين الاقتصادين الأكبر في العالم، لا على الولايات المتحدة والصين فقط، وإنما على أغلب دول العالم أيضاً، لتشابك عمليات التجارة الخارجية وسلاسل القيمة المضافة، إلا أن أغلب خبراء الاقتصاد والتجارة والدبلوماسيين والإعلاميين يقفون مشدوهين، وهم يتابعون أداء رفيع المستوى بين العملاقين، من أجل وصول كل منهما لأهدافه، وتحقيق أجندته، التي تتعارض بالضرورة مع أهداف وأجندة الطرف الآخر.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©