الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الشامسي أول فنانة عربية ترسم أوباما برعاية أميركية

الشامسي أول فنانة عربية ترسم أوباما برعاية أميركية
16 مايو 2010 22:48
تحلق بأفكارها بعيداً وتترجمها في النهاية إبداعاً فنياً يدعونا إلى التوقف والتأمل... هي دائماً تخلط هوايتها وعشقها لفنها وريشتها وألوانها، برؤاها الذاتية الخصبة، وتتفتح قريحتها بنبتة فنية ذات مذاق خاص... ترصد الفكرة، وتأسرها، وإن عزَّ الإمساك بها، لتؤطرها في لغة خاصة متحررة من قيود الزمان والمكان. الفنانة التشكيلية المهندسة سمر الشامسي، رغم قناعتها بالعلاقة الوثيقة بين الفن - باعتباره لغة إبداعية لمظاهر الحياة المختلفة- والسياسة بعوالمها وخفاياها ودروبها وضبابيتها، إلا أنها لا تتعاطاها، لكنها لا تستطيع أن تعزل نفسها عن محيطها وواقعها ونبض مجتمعها الذي تعيش فيه، وعالمها الذي تنتمي إليه، ومن ثم حملت آخر فعالياتها “نكهة سياسية”. ... توقفت طويلاً لقراءة آخر إبداعات الشامسي الفنية في عملين متميزين، مساء يوم الاثنين الماضي في قصر الإمارات، حيث أزاح معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التعليم العالي والبحث العلمي، والسفير الأميركي ريتشارد أولسون سفير الولايات المتحدة الأميركية لدى الدولة، الستار عن لوحتين بالحجم الكبير لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله” والرئيس باراك أوباما رئيس الولايات المتحدة الأميركية، في احتفالية حضرها عدد من سفراء الدول العربية والأجنبية المعتمدين وكبار المسؤولين بالدولة، وحشدٌ كبير من رجال السلك الدبلوماسي، ورجال الإعلام والصحافة ومراسلو وكالات الأنباء العالمية، وجمع كبير من الجمهور والفنانين التشكيليين. هذه المناسبة جاءت لترافق حدثاً مهماً آخر للفنانة الشامسي يحمل صبغة عالمية، حيث تم اختيارها من قبل مجلة “Why Not” الأميركية ذائعة الصيت، كواحدة من بين أنجح عشر سيدات في العالم لعام 2009. لإنجازاتها المتميزة. .. تساؤلات عديدة حملناها إليها في هذا الحوار: -- لماذا اقتصرت هذه المرة على عملين فقط، ولماذا كان هذا الاختيار؟ - أظن أن قيمة ووزن أي معرض فني لا تقاس بعدد اللوحات المعروضة، فربما هناك أسباب وأبعاد فنية وحرفية صرفة في عمل ما، أو في لوحة واحدة يجعل من عرضها منفردة قيمة أكبر، وهذا المعرض اقتصر على لوحتين فقط، وبغض النظر عن مضمونهما، إلا أنني أرى أن كل لوحة منهما تحمل قيمة فنية عالية، وسأترك التقييم الفني لهما للمختصين والنقاد والجمهور لأن شهادتي مجروحة فيها بطبيعة الحال. أما عن الاختيار، فبالنسبة لصورة صاحب السمو رئيس الدولة، فإننا لا ننظر إلى سموه على أنه رئيس لدولة الإمارات فقط، بل هو رمز وطني كبير نحبه ونبايعه ونلتف حوله بمزيد من الفخر والاعتزاز، أما فخامة الرئيس باراك أوباما، ربما لأنه رئيس أكبر دولة أصبحت القطب الوحيد في ميزان القوى العالمية الآن، أو لأنه نال تقديري وإعجابي على الصعيد الشخصي لأنه جاء بطريقة تعبر عن حالة متقدمة جداً من الديمقراطية والشفافية، استطاع من خلالها الشعب الأميركي أن يقفز فوق اعتبارات كثيرة، وأن يختاره لقناعتهم به، وأصبح رمزاً لصوت الديمقراطية الحر، أو لأنني تطلعت كغيري إلى ما يمكن أن يفعله من أجل شعوب العالم الثالث لإرساء دعائم العدل والسلام العالميين، ومناهضة ونبذ الحروب والاقتتال ودعاوى التمييز والعنصرية في العالم بأسره. -- ربما يفسر البعض اختيارك لأوباما بأنه اقتحام لعالم السياسة؟ - رغم أن الفن كحالة إبداعية لا ينسلخ عن الحياة بمعناها الواسع، فالفن والسياسة مظهران من مظاهر الحياة المتعددة التي نعيشها، وليس بوسعي أن أعزل نفسي عن هذا العالم الذي نعيشه، فأنا إنسانة أعيش وأتنفس في هذا الكوكب، ولم أقصد أن أقتحم عالم السياسة بمجاهله ودروبه وخفاياه، لكن اختياري هذا لا يخلو من رسائل أو رسالة إنسانية على الأقل أردت أن أقولها. -- إذن هناك رسالة محددة تختفي خلف اختيارك لرسم أوباما؟ - نعم.. لكن لماذا الاختفاء؟ رسالتي واضحة جداً.. لننظر ونتمعن معاً خلفيتي اللوحتين، فالخط العربي للغة الضاد يشير إلى هويتنا العربية، والعربية وجه تاريخنا وتراثنا الحضاري الذي نعتز به، وهي لغة للتعبير عنه، ومن ثم فإن الحرف العربي يرمز إلى مفاتيح التواصل والحوار والكلمة الصادقة مهما اختلفت اللغات والثقافات، والحروف العربية كحروف تشكيلية تتمتع بخاصية متفردة في تعميق مفهوم العراقة والأصالة والهوية كما أشرت، بل ويحمل دعوة لحوار الحضارات والثقافات بلغة هادئة وعاقلة ومتزنة وحضارية، ومن خلال منهج إنساني وحضاري بين كافة الشعوب والثقافات مهما تباعدت زمنياً وجغرافياً، وعلينا أن نلاحظ أن ألوان الحروف العربية لاسم صاحب السمو رئيس الدولة جاءت بألوان علم دولة الإمارات، وألوان حروف خلفية صورة الرئيس أوباما هي ألوان العلم الأميركي، ومن ثم فإن التواصل بين الرموز مقصود بالفعل في اللوحتين ولم يأت مصادفة. إنني على قناعة تامة بأن للفن التشكيلي رسالات عديدة لا تحدها المسافات ولا المحيطات ولا القارات، وربما أهدف إلى أن أجعل منه دعوة إنسانية راقية من أجل التعايش والتآخي والحوار. -- يبدو رسمك لأعين الرئيس أوباما على غرار”عيون الموناليزا” وكأنه ينظر في جميع الاتجاهات.. هل قصدت ذلك، ولماذا؟ - بالتأكيد.. فإلى جانب القيمة والجهد الفني في تحديد زوايا النظر في اللوحة من جميع الاتجاهات، فإنني ربما أشعر أنه يقف عند مسافة واحدة من الجميع. عولمة الفن -- هل كان اختيارك من قبل مجلة Why Not الأميركية ذائعة الصيت ضمن أشهر وأنجح عشر سيدات على مستوى العالم عام 2009، دافعاً ذاتياً لعولمة خطواتك وأهدافك الفنية؟ - صدقني.. رغم أنني أمارس الفن التشكيلي حتى هذه اللحظة كهاوية وعاشقة للهواية التي أحبها، لم أسع مطلقاً إلى العالمية، أو لمجرد الشهرة، أو لتحقيق الانتشار العالمي ليقال عني كذا، أو كذا، وربما جاء هذا الاختيار من مجلة عالمية مرموقة وواسعة الانتشار في الولايات المتحدة نتيجة متابعة جادة للمشاركات والإنجازات العربية والعالمية التي أسهمت فيها، ولم يكن من قبيل الصدفة. إنني لم أسع لنيل لقب ولا شهرة، ثق أن الألقاب والشهرة والمجد، أشياء تبحث عن أصحابها، وليس العكس، فعندما اخترت رسم أوباما لم أقصد على الإطلاق ترسيخ عالميتي، ولم أقصد أيضاً أن أرد على هذا الاختيار الذي سعدت به دون شك، لكنها دعوة جادة للحوار، فلماذا لا نقدم على كل جهد من شأنه أن يعزز أواصر الصداقة والعلاقات الطيبة بين الشعوب والثقافات، وأن نكرس الفن لخدمة ونشر هذه القيم الحضارية والإنسانية النبيلة؟ قد تكون “العالمية” إرهاصات ذاتية أحلم بها دون ضجيج، أو أنها أحلام لرسائل أتوق إلى تحقيقها، ولعل الفن الوسيلة الأسرع، والطريق الأقصر، واللغة الوحيدة التي يمكن من خلالها مخاطبة العالم بأسره في أي زمان ومكان، وأظنها مجرد بداية. وأتمنى أن يكن هذا الاختيار عامل تحفيز وتواصل ونجاح. -- هل يعني ذلك أن هناك أعمال أخرى بالطريق؟ - أكيد..وقد يحمل الغد القريب مفاجآت أخرى، ودعونا ننتظر. -- هل كان هذا السبب وراء اختيارك لرسم أوباما؟ أم لأنك رسمت بورتريهات أخرى لبعض الزعماء ورؤساء الدول من قبل؟ - أقول السببين معاً. -- هل استعنت بمعلومات محددة عن الرئيس أوباما قبل تنفيذ العمل؟ - نعم.. لم تبخل سفارة الولايات المتحدة في أبوظبي بأي دعم، بل حظيت بتشجيع ومتابعة إنجاز اللوحة، ورعاية افتتاح المعرض، وقد زودتني السفارة بكتاب DREAMDS FROM MY FATHER وهو عبارة عن سيرة ذاتية لأوباما، وأفادني كثيراً في تخيل ورسم وتحديد ملامحه، ومن ثم استنباط فكرة” عيون الموناليزا”. -- من سبقك إلى ذلك؟ - أظن أنني أول فنانة تشكيلية عربية ترسم صورة لأوباما، وأعتقد أنها أول صورة زيتية له على الصعيد العالمي أيضاً منذ انتخابه رئيساً للولايات المتحدة. -- وما مصير اللوحة إذن؟ - اللوحة أهديتها إلى سفارة الولايات المتحدة لدى الدولة، وستأخذ مكانها في المكتبة الخاصة في البيت الأبيض بواشنطن ومعها تعريف بي وبأهم أعمالي وإسهاماتي. ردود الأفعال -- هل هناك من ردة فعل أميركية بعد هذا العمل المتميز؟ - نعم.. فقد تم توجيه الدعوة لي لزيارة الولايات المتحدة الأميركية لمدة عشرين يوماً للمشاركة في ملتقى عالمي يضم أبرز الفنانين من مختلف أنحاء العالم خلال الفترة من 22-8 إلى 9-9-2010، لكن هذا التاريخ صادف أيام شهر رمضان المبارك ومن ثم تم الاتفاق على تأجيل الزيارة في نفس التاريخ ونفس المدة من عام 2011، ويجدر الإشارة إلى أن هذا الملتقى السنوي يجمع نخبة متميزة من أشهر فناني العالم في الموسيقى والفنون التشكيلية وغير ذلك من فنون بهدف التعارف وتبادل التجارب والخبرات والثقافات، وأتشرف أن أكون الفنانة العربية الحيدة التي ستمثل الإمارات والعرب في مثل هذا الملتقى العالمي. -- هل تحمل لوحتك رسالة ما؟ - أعتقد أن الرسالة وصلت. إعجاب حقيقي.. وليس «دعاية» بسؤال الفنانة سمر الشامسي عن حقيقة تقديم المواطن الإماراتي “شيكاً” على بياض لاقتناء لوحة صاحب السمو رئيس الدولة وتفسير البعض على أنه نوع من الدعاية الشخصية لها أو لأعمالها أو للشخص نفسه، ورغم أن الواقعة تمت أمام السيدة عفراء الصابري التي حضرت حفل الافتتاح نيابة عن معالي عبدالرحمن العويس وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، وعدد غير قليل من الجمهور والمدعوين، أجابت الشامسي: “من جانبي لن أسمح لنفسي بالانتقال إلى موقف الدفاع، لأرد مثل هذا “الهراء” عن نفسي، وقد أكدت - رغم أن الأمر لا يحتاج إلى تأكيد - ان لوحة صاحب السمو رئيس الدولة لا تقدر ولا يمكن أن تقدر وتثمن بأموال الدنيا كلها، ولم أعرضها للبيع حتى أنتظر أن يأتي مشتر ويساومني مع احترامي البالغ لهذا الشخص.. أما عنه فإنني أستطيع أن أجزم بأنه مواطن إماراتي بسيط لديه رؤية فنية خاصة به، وقد أعجب باللوحة ربما لدقة تنفيذها، وأراد أن يقتنيها وإن تكلفة ذلك كل ما يدخر من أموال، وأظنه صادق فيما أقدم عليه، لأنه لو كان يقصد إثارة إعلامية لكان تقدم بعرضه في وجود ذلك الحشد الهائل من الحضور ورجال الصحافة والإعلام من صحف وقنوات تلفزيونية عديدة، وما انتظر حتى ينصرف معظم المدعوين، فضلاً عن طلبه عدم الإفصاح عن هويته، وأظن أنني لا أدافع عنه، لكنها الحقيقة المجردة”. صورة الإمارات والعرب إن تمثيلي للإمارات والعرب في الملتقى العالمي للفنانين في نييويورك أمر أفتخر به كثيراً،لأنني سأمثل بلادي، وبالطبع ستكون أعمالي ومشاركتي صورة وصوتاً يعكس التاريخ والثقافة والحضارة التي أنتمي إليها، وما تحظى به المرأة الإماراتية والعربية من مكانة، وما تتمتع به من قدرات، وأنها قادرة على أن تحقق المزيد من نجاحاتها وأهدافها وطموحاتها في جميع المجالات إذا ما توافر لها المناخ المناسب. وأتمنى أن أسهم أيضاً من خلال أعمالي الفنية ومشاركاتي الدولية في تصحيح أي انطباعات أو أفكار مغلوطة عن صورة المرأة العربية.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©