الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أفغانستان: إعادة إنتاج «مخطط كولومبيا»

أفغانستان: إعادة إنتاج «مخطط كولومبيا»
2 سبتمبر 2009 23:15
بينما تراجع الولايات المتحدة استراتيجية محاربة المخدرات التي تعتمدها في أفغانستان، ينظر المسؤولون إلى كولومبيا بحثا عن دروس وعبر، وذلك لأن البلدين يشتركان في كثير من الأعباء: فكولومبيا تعد أكبر منتج للكوكايين في العالم، وكذلك أفغانستان بالنسبة للأفيون. كما أن كليهما لديها سكان ريفيون فقراء تسهل استمالتهم واستقطابهم إلى شبكات تجارة المخدرات؛ وكلاهما ضعيف وهش أمام تأثير ونفوذ المجموعات المتمردة التي تمول الحرب بما تدره عليها تجارة المخدرات من عائدات. أوجه الشبه هذه دفعت إلى دعوات لإرسال عناصر من «مخطط كولومبيا»، وهو مخطط لمحاربة المخدرات تموله الولايات المتحدة منذ عشر سنوات، إلى أفغانستان. غير أنه، في البداية على الأقل، يتعين على الولايات المتحدة أن تتعلم من أخطائها قدر ما تتعلمه من نجاحاتها في أميركا الجنوبية. فبدلا من إنفاق المال للقضاء على المخدرات في الحقول، مثلما فعلت في كولومبيا، تقوم الاستراتيجية الأميركية الجديدة في أفغانستان على الاستئصال التدريجي والتركيز على منع شحنات الأفيون وتشجيع المزارعين على تبني المحاصيل البديلة. وفي هذه الأثناء، ينتظر أن يتضاعف عدد مسؤولي «وكالة محاربة المخدرات» في أفغانستان ست مرات بحلول العام المقبل ليصل إلى 81 عميلا؛ حيث تعتزم الوكالة والجيش الأميركي استهداف تجار المخدرات الخمسين الأوائل الذين لديهم علاقات مع «طالبان». وفي هذا الإطار، تقول فاندا فلباب براون، زميلة مؤسسة بروكينجز في واشنطن ومؤلفة كتاب «التمرد والحرب على المخدرات»: رغم كل الأخطاء التي ارتكبت في كولومبيا، فثمة أيضاً دروس وعبر استُخلصت حول كيفية تحقيق التنمية الريفية في سياق اقتصاد غير قانوني»، مضيفة أنها «دروس قابلة جداً للتطبيق، حسب أي جزء من مخطط كولومبي تختار». والواقع أنه بعد حوالي 10 سنوات و6 مليارات دولار من المساعدات الأميركية، لم يُحدث تركيز «مخطط كولومبيا» على استئصال زراعة الكوكايين بالقوة تأثيراً في إنتاج هذا المخدر في ذلك البلد الأميركي الجنوبي سوى مؤخراً فقط، حيث منيت جهود كولومبيا لتقديم أنماط عيش بديلة لمزارعي نبتة الكوكايين بإخفاقات متعددة، ومن ذلك عدم وفاء الحكومة بما وعدت به من إعانات، وغياب أسواق لمحاصيلهم البديلة، مما دفع العديد من المزارعين إلى العودة إلى نبتة الكوكايين. وفي هذا الإطار، يقول رومان أورتيز، المستشار الأمني في بوجوتا، إن «العصا» المتمثلة في استئصال نبتة الكوكايين بالقوة، وبدون «جزرة» حقيقية، لا تؤدي إلا إلى خلق «قاعدة جماعية متحركة للتمرد» تتغذى على مشاعر المزارعين الغاضبين. ويذكر أن حركة التمرد في كولومبيا هي جيش ثوري يساري يضم نحو 10 آلاف مقاتل يُعرفون باسم «القوات المسلحة الثورية الكولومبية» (فارك) التي تعتمد كثيراً على تجارة المخدرات. ويقول أورتيز: «يمكن أن تحل تلك القاعدة إذا كان لديك شيء أفضل لتقدمه». بعبارة أخرى: «جزرة». غير أن كولومبيا غيرت أسلوبها العام الماضي، حيث تبنت استراتيجية «التحرك المتكامل» التي تم تطويرها بشكل مشترك بين الجيش الأميركي والشرطة ووكالات التنمية المدنية، وتقوم على طرد المتمردين من منطقة معينة، وتدمير محاصيل المخدرات ومختبرات المعالجة، وتقديم زراعات بديلة لمزارعي نبتة الكوكايين... وكل ذلك على نحو متزامن. وهكذا، انتقل المزارعون إلى زراعة الفلفل الحر والنخيل الأفريقي من أجل الزيت النخيل. كما تقوم الحكومة بتقديم إعانات لعائلات الأشخاص الذين يخضعون للتدريب ليصبحوا حراساً في المتنزهات الوطنية، وتقدم تدريبات في حرف مثل الخبازة وإصلاح السيارات.وقد طُبقت الاستراتيجية في منطقة «لاماكارينا» العام الماضي، وأشادت الأمم المتحدة بالإنجاز الذي حققته كولومبيا متمثلا في انخفاض زراعة نبتة الكوكايين بنسبة 18 في المئة خلال 2008 نتيجة لتلك الجهود. وكان الأدميرال مايك مولن، رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية، قد قال في مارس الماضي في العاصمة الكولومبية بوجوتا، إن عناصر من «مخطط كولومبيا» تصلح لأفغانستان، مضيفاً أن مقاربة محاربة التمرد، وتوفير الأمن للناس، والحاجة إلى حكومة يمكن أن يعول عليها الناس، والقدرة على خلق وظائف وفرص عمل... أمور أساسية تنطبق على هذا المكان مثلما تنطبق على أفغانستان». وحسب الأمم المتحدة، فإن المنطقة المزروعة بنبتة الخشخاش تراجعت بنسبة19 في المئة العام الماضي مقارنة بعام 2007؛ لكن التراجع متواضع بالنظر إلى أن أفغانستان مازالت تنتج أكثر من 90 في المئة من الإنتاج العالمي من الأفيون. ويقدر الخبراء أن هذه التجارة تدر على «طالبان» بين 50 مليون و70 مليون دولار سنوياً. والواقع أن تفاصيل مخطط مكافحة المخدرات لم يتم الكشف عنها بالنسبة لأفغانستان، لكنها ستشمل استبدال الخشخاش بالقمح ومحاصيل أخرى. كما أن هناك تركيزاً جديداً على المنع لاستهداف الشبكات غير القانونية التي تمول التمرد. سارة ميلر لانا وسيبيلا برودزينسكي- ميكسيكو سيتي وبوجوتا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©