السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مواسم التوبة

مواسم التوبة
2 سبتمبر 2009 23:12
قد يكون الإنسان غافلاً ، في حياته ويظن أنه محسن ولكنه في الواقع مسيء، وقد يعرف أنه على خطأ ولكنه لم يتخذ قراره بالإقلاع عن هذا الخطأ، فتأتي مناسبات تذكره أو أحوال تردعه، أو مشكلات تهزه فيعرف أن طريقه التي يمشي فيها تؤدي به إلى ما لا يريد ولا يهوى. ومن لطف الله بعباده أن جعل لهم مناسبات فيها التذكير وفي أوقاتها يصفو التفكير ليعيد الإنسان النظر في حساباته، ومن أعظم هذه المناسبات شهر رمضان المبارك الذي تنبعث فيه أسباب الخير ومحركاته، وتنزوي فيه أسباب الشر ومهيجاته، وأن الإنسان السوي عندما يحس أن رمضان قد أقبل تتهيأ نفسه وتستعد جوارحه ويدخل في نظام يساعده على حسن التفكير والتقدير من إحجام عن الطعام ، وإقبال على هداية القرآن فيزن نفسه بهذا أو ذاك، هل هو في الطريق المستقيم أم في وادٍ من أودية الدنيا ضائع يهيم ؟! وَمَنْ من الناس لا يخطئ أو لا يزل سوى المعصومين من الرسل الكرام ؟؟ وبهذا فجميع الناس بحاجة إلى هذا الموسم العظيم للمراجعة والتقويم، ليؤوب الإنسان إلى رحاب ربه، ويتوب من ذنبه فيخرج بعد ذلك نقياً صافياً يطل على الدنيا وكأنه ولد من جديد، ولهذا فقد ذكر القرآن الكريم في عديد من الآيات في مدحه للأوابين ودعوة للتوابين، فقال تعالى:»ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفوراً» الإسراء :25 ، والأواب: هو الراجع إلى الله تعالى، ومن كان يرجع إلى الله على الدوام فإن الله يتلقاه بالمغفرة،وقال تعالى: «وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد، هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ» وفيها بيان حال الأوابين، وقد أثنى الله تعالى على الأوابين من عباده ورسله الكرام فقال تعالى:»واذكر عبدنا داوود ذا الأيد إنه أواب»ص :38 ، وقال عن سليمان :»ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب» ص:30 ، وأثنى على عبده أيوب فقال تعالى:»إنا وجدناه صابراً نعم العبد إنه أواب» فالأوبة والرجوع إلى الله تعالى من كل غفلة أو ذنب عمل محمود مشكور ، وباب الأوبة مفتوح على الدوام لكل آيب وطالب ، ولكنها في مواسمها تحلو وتجمل لأن أبواب الجنان مفتوحة تستقبل الآيبين التائبين. وهل يسلم أحد من الخطأ والذنوب – إلا المعصومين ؟؟ فكان لابد من التوبة لتجديد صفحة العلاقة مع الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا، عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ..) التحريم :8 ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «كل ابن آدم خطاء وخير الخطّائين التوابون» أخرجه مسلم. والله تعالى يحب من عباده أن يقلعوا عن ذنوبهم ومعاصيهم، وتعود لهم فطرتهم السليمة واستقامتهم في حياةٍ بناءةٍ كريمة ولهذا فتح باب التوبة على الدوام حتى يأتي اليقين وتظهر علامات الساعة التي لا مرد لها ، أو يبلغ الإنسان مرحلة معاينة الموت باليقين ولا يستطيع الدفع عن نفسه، فقد جاء في الحديث: «إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها» أخرجه مسلم. وعن توبة الفرد الواحد جاء في الحديث : «إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر» أخرجه الترمذي وابن ماجة، وقال تعالى: «.. يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً، قل انتظروا إنّا منتظرين» الأنعام: 158 . إن الله عز وجل لا يتعاظمه ذنب فيغفر لمن أقبل عليه ولو كان يدعي له الشريك ، ويعفو عمن ارتكب المعاصي والذنوب – صغيرها وكبيرها – ويعفو عمن غفل عنه وقصّر في حقه، ولهذا جعل مواسم الأوبة والتوبة تتكرر كل عام ومرات متعددة في العام الواحد رحمة بنا. فهل نتوجه جميعاً في هذا الموسم العظيم صغاراً وكباراً رجالاً ونساءً إلى أبواب الأوبة والتوبة فندخلها كما يريد الله ونولد في هذا الشهر من جديد، ونداء الحق ينادي: «وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون» الشورى:25 !! د. محمد مطر الكعبي المدير العام للهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©