الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عمل المرأة في مهنة قيادة السيارات يحمل كثيراً من الأمان للأسرة

عمل المرأة في مهنة قيادة السيارات يحمل كثيراً من الأمان للأسرة
16 مايو 2010 22:26
بفعل تطورات العصر والتغيرات التي تشهدها المجتمعات، خرجت المرأة إلى العمل وأصبحت أخت الرجل في كثير من المجالات، التي كان ضرباً من الخيال أن تتصدى لها المرأة، حتى أننا ألفنا وجه المرأة المقاتلة التي تحمل السلاح في الجيوش النظامية العصرية يطل علينا، عبر الفضائيات ونشرات الأخبار، إذا فلا غرو أن نجد للمرأة مكاناً للتواجد في أعمال هي أقل حدة بكثير من ساحات القتال، وإن كانت ساحات أيضاً، ولكنها ساحات الشوارع، حيث رأيناها تعمل كسائقة، تزاحم الرجل في الطرقات، وربما دفعتها الظروف لذلك ولم تفعل بدواعي الرفاهية ومجرد حب الظهور واثبات الوجود، رصدت «الاتحاد» هذه الظاهرة، ما لها وما عليها، فكان التحقيق التالي. بداية يعبر أحمد الفارسي عن تأييده لعمل المرأة كسائقة، لأن هذا العمل، كما يقول، لا يتعارض مع أنوثة المرأة، وهو مريح إلى حد كبير، لأنها لا تفعل شيئاً سوى الجلوس لقيادة السيارة، التي إن أصابها عطب، فإنها تسارع بالاتصال بالميكانيكي ليتولى عملية الإصلاح، ومن ثم فهو عمل سهل وليس صعباً كما يعتقد الكثيرون بالنسبة للمرأة، وفي ذات السياق يقول الفارسي، إنه يحبذ عمل المرأة كسائقة في المنازل أفضل من السائق الرجل، لأن وجودها وتعاملها مع النساء من أهل المنزل لا خوف منه، ويكون مبعث اطمئنان لي، حتى وأنا خارج المنزل، فهذا بلا شك أفضل من وجود سائق رجل حتى لو كان احتكاكه بأهل المنزل غير مباشر. ويؤيده في الرأي حامد السويدي الذي يوضح أن وجود سائقة في المنزل أفضل بكثير من وجود سائق، ذلك أنَّه بحكم تكوينها كامرأة، تتعامل مع أهل البيت بحب وحنان، وتصبح فرداً من أفراد الأسرة، خاصة وأن وجود سائقة لدى كل أسرة صار أمراً حيوياً هذه الأيام لانشغال الأم في عملها وفي تربية الأولاد في آن واحد، إذاً وجود السائقة يحمل العديد من المزايا للأسرة، ويعطي الزوجة والزوج متسعاً أكبر من الوقت لقضاء أمور ومسؤوليات أخرى أكثر أهمية من مجرد قيادة السيارة لتوصيل الأبناء، أو لإحضار المشتريات من المراكز التجارية. امتهان الأنوثة على الجانب الآخر يعارض غسان عبد الكريم عمل المرأة في هذه المهنة، لافتاً إلى أنها تُعد امتهاناً لأنوثتها، وفيه كثير من التغاضي عن كثير من النعم التي حبا الله بها المرأة، والتي إن تركتها تخلت عن طبيعتها، فمهنة قيادة السيارة تختلف تماماً عن كثير من المهن التي تصدت لها المرأة وانخرطت فيها، وأيضاً تختلف بشكل جذري عن مهنة خدم المنازل، لأن السيارة التي تقودها المرأة معرضة للحوادث والأعطال وللكثير من الأمور المشابهة، التي قد تتطلب رجلاً ذا عضلات مفتولة ليقوم باستبدال الإطار، أو دفع السيارة، وغيرها من هذه الأمور التي هي من الأساسيات التي يجب على من يحترف القيادة أن يقوم بها، فكيف للمرأة الضعيفة القيام بذلك، لأنه ليس من المعقول أن تسارع السائقة بطلب الميكانيكي أو طلب المساعدة من الغير على أبسط الأعطال. ويسانده في الرأي حسين صالح الحميري، الذي يرفض بشكل قاطع عمل المرأة في مهنة قيادة السيارات، لما تتسبب به في مشاكل جمة أثناء القيادة، نتيجة الخوف وعدم الثقة بالنفس أمام المواقف الطارئة التي تصادفها على الطريق، وهو شخصياً عانى الكثير من الانحرافات المفاجأة لسيارات يقدنها نساء، وهو ما كاد يتسبب له في حوادث كارثية لولا ستر الله، ومن هنا يجب على النساء الابتعاد تماماً عن هذه المهنة، وأن لا يسمح بقيادة النساء للسيارات سوى في أضيق الحدود، وأن يقتصر ذلك على السيارات الخاصة فقط، دونما السيارات العامة أو سيارات النقل الجماعي للشركات. أما فاطمة عبدالله، فلها مبررات أخرى لرفض عمل المرأة في مهنة السائقة، أولها أن ذلك يرتبط بعملها سائقة في المنازل، وهو أمر له كثير من المساوئ على كافة أفراد الأسرة التي تعمل لديها، أولها اختلاف العادات والتقاليد والثقافات الناجم في الغالب عن اختلاف الديانة، واختلاف البيئة التي نشأت فيها تلك السائقة، فنحن نرى هؤلاء السائقات يرتدين ملابس غربية من بناطيل وخلافه، وكذلك يقمن بتدخين السجائر، وغيرها من الأمور التي قد تكون خفية، والتي قد تترك آثارا سيئة على بعض أفراد الأسرة، خاصة الناشئين منهم، لأنهم يكونوا في طور التكوين، ولديهم قابلية عالية لاكتساب أي ثقافات أو عادات حتى لو كانت غريبة، ربما كان من باب حب الاستطلاع أو التجربة. ومن هنا يجب على كل أسرة أن تفكر مراراً وتكراراً قبل أن تتخذ قراراً باستجلاب سائقة مختلفة الديانة والثقافة والعادات، وتقوم بإيوائها داخل المنزل وتعامل معاملة أهله، وهو ما قد يمثل كارثة كبرى للأسرة لا تظهر آثارها سوى على المدى البعيد، ومع ذلك فهناك حالات قليلة يمكن السماح فيها بعمل المرأة كسائقة، مثل العمل في تاكسي خاص بالنساء، وهي حالات قليلة، لا يمكن من خلالها أن نجعل مهنة سائقة مهنة أنثوية مثل التدريس أو التمريض وغيرها من المهن التي تليق بالمرأة والتي تتفق مع طبيعتها. ثقافة العيب أما الدكتور حسين سالم السرحان، فقد نظر إلى الأمر من منظور علمي بوصفه حاملاً لدرجة الدكتوراة في علم الاجتماع، ويعمل مستشار التوجيه الأسري في مؤسسة التنمية الأسرية في أبوظبي، حيث تناول الأبعاد والتداعيات الاجتماعية لعمل المرأة كسائقة قائلاً: لا شك أن العمل يمثل قيمة كبرى للإنسان، وأن مبادئ حقوق الإنسان بنيت على حقه في اختيار العمل المناسب لقدراته، ولكن في المجتمعات العربية، يوجد موقف ثقافي رافض لعمل المرأة له علاقة قوية بالتراث العربي، ومازالت ثقافة العيب تنتشر في كثير من الدول العربية تجاه أعمال صنفها البعض على أنها متواضعة، وهو ما أوجد حالة سلبية في اتجاه كثير من قيم العمل، في الوقت الذي اشتدت فيه حاجة المجتمعات العربية عموماً والخليجية خصوصاً، إلى اللجوء للبلدان الأجنبية الشرقية والغربية للحصول على أيد عاملة. وعن انخراط المرأة في سوق العمل، بصفة عامة وقيادة السيارات بصفة خاصة، فهذا يدعم مكانتها في المجتمع، واستقلاليتها، ومساهمتها في التنمية الشاملة، وعلى الرغم من أن مهنة القيادة في مجتمعاتنا العربية كمجال عمل بقيت إلى اليوم حكراً على الرجال مع أن بعض أنواع هذه المهنة خاصة في وسائل النقل الخفيفة يمكن أن تقوم بها المرأة، وعلى سبيل المثال، فإن سيارات النقل العام الصغيرة (التاكسي)، والتي يحتاجها الجميع، كثيراً ما يسبب بعض السائقين لها انتهاكات خطيرة للنساء، وثمة العديد من الحوادث والوقائع والقضايا التي تسبب فيها بعض ذوي النفوس المريضة من السائقين الرجال بارتكاب بعض الأعمال غير المقبولة والسلوكيات المنحرفة باتجاه مستخدمات التاكسي من النساء، وعليه فإن مشاركة المرأة في هذه المهمة والعمل كسائقة للتاكسي مثلاً، أصبح في هذا الوقت يشكل سبباً في درء كثير من المشكلات، ويبعث برسالة طمأنينة لمستخدميها من النساء وإلى ذويهم أيضاً، فيشعرون بنوع من الأريحية والأمان أثناء استخدام التاكسي أو المركبة العامة، عند ذهابهن إلى الجامعة والمدرسة أو حتى ذهابهن إلى العمل. وجهات نظر مختلفة أما فيما يتعلق بعمل السيدة كسائقة في المنزل، فيجب أن نعرف، يضيف السرحان، أنّنا لا نستطيع الحديث عن مشاركة خدم المنازل في الأعمال المنزلية بشيء من العمومية، لأن موضوع خدم المنازل يصاحبه عديد من وجهات النظر المختلفة بين مؤيد ومعارض، وكذلك وجود تداعيات ومشكلات اجتماعية كثيرة وخطيرة مرتبطة به. ولذلك ينبغي التقليل من الاعتماد على خدم المنازل قدر الامكان، بمن فيهم السائقات أو حتى السائقين، وأن لا نترك هذا الموضوع بشكل مطلق بحسب الظروف المادية أو الامكانيات، حيث إن كثيرا من الأسر لا تحتاج إلى هذا العدد غير المبرر من الخدم، والذي يفوق أحياناً عدد أفراد الأسرة، فليس من المعقول أن نجد بعض الأسر تتكون من ثلاث أو أربع أفراد ولديهم نفس العدد أو أكثر أو يزيد ممن يقدمون خدمات الطبخ والتنظيف والقيادة، ولكن لكل قاعدة استثناءات، فإذا كان ولابد من احتياج الأسرة لسائقة، فيجب أن يكون ذلك في الحدود الدنيا، وأن يتم الاعتماد عليها فقط خلال تقديم الخدمات للنساء وتوصيلهن من وإلى فقط. مطلب ضروري أما الاختصاصي النفسي طارق الهاشمي، فقد أوضح أنه مع حصول المرأة على رخصة قيادة المركبات، وعملها في مهنة القيادة، وذلك بسبب المتغيرات الحياتية والاحتياجات الأسرية، وعدم تواجد رب الأسرة وانشغاله في أمور الحياة المختلفة، وفي ذات الوقت هناك ضرورات قصوى، تحتاج فيها الأسرة لمن يقوم بمهمة قيادة السيارة، كالذهاب للعيادات أو التسوق، وعن عملها كسائقة بعيداً عن المنزل، كسائقة تاكسي مثلاً، فهذا لا شك مطلب ضروري، وكذلك عملها كمدربة في مدارس تعليم القيادة، فهذا يجنب فتياتنا ونساءنا مسألة الاختلاط، وهو ما يعد من أهم إيجابيات عمل المرأة كسائقة، مع وجود بعض المآخذ على احتراف المرأة لمهنة القيادة، وتتمثل في قلة مهارتها مقارنة بالرجال، وكذلك وجود نسبة عالية من الارتباك والخوف وضعف الجرأة وسرعة اتخاذ القرار، خاصة في المواقف المفاجئة التي قد تباغتها عند القيادة، تؤثر في القيادة، وهو ما يسبب بعض الحوادث والازدحام. ومع ذلك يعود الهاشمي ليؤكد على تأييده لعمل المرأة كسائقة، ولكن مع شروط وضوابط، وتحت ضرورات ملحة وقصوى.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©