الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

أمهات وجدات على مقاعد الدراسة

أمهات وجدات على مقاعد الدراسة
22 مارس 2015 00:15
إبراهيم سليم (أبوظبي) ينفذ مجلس أبوظبي للتعليم خطة تستهدف جذب المتسربات، واللاتي لم يحظين بقسط وافر من التعليم إلى مراكز تعليم الكبار، وتتراوح الأعمار بين 8 سنوات وحتى 64 عاماً، ويعتبر مركز الوثبة لتعليم الكبار أحد المراكز التي تنير طريق من فاتهن قطار التعليم وتنقلهن من ظلام الأمية إلى نور العلم، وتشكل مراكز تعليم الكبار مجتمعاً في حد ذاته، وتسهم الأمهات والجدات في نقل الخبرة الحياتية للأقل عمراً، ويساعدن في حل المشكلات الاجتماعية. جلست بين الجدات والأمهات والأخوات في المركز، واستمعت لقصصهن الواقعية والمثيرة للفخر والاعتزاز، وبدأن يسردن قصتهن مع التعليم ومقاعد الدراسة. «سبعينية» أم لـ12 ولداً أكدت دبا محسن أحمد الهمامي من مواليد الأربعينات أكبر الدارسات بإمارة أبوظبي، وهي الآن بالصف السابع، وفي السبعين من عمرها، ولديها من الأحفاد ما يربو على الـ 40 حفيداً، أنها كانت ترى في منامها دوماً أنها تقرأ الآية الكريمة «فامضوا حيث تؤمرون»، فمضت للدراسة، والبداية معها عندما كانت ترى حافلات صباحية تمر من أمام بيتها، فسألت، وعلمت أنها تجلب دارسات من مؤسسة التنمية الأسرية، حيث كان المركز يتبعها في السابق (يحفظن القرآن)، فرغبت في الالتحاق بحلقات الحفظ، ولقيت في البداية بعض المعارضة، إلا أنهم استجابوا لرغبتها بعد أن تأكدوا من توافر معدلات الأمن والأمان. واستمرت في تلقي علوم حفظ القرآن إلى أن تحول الأمر إلى مواد مختلفة، فلم تتوقف بل تابعت دراستها بدءاً من التعليم التأسيسي، وصولاً إلى المرحلة الحالية الصف السابع، وتطمح إلى مواصلة المزيد من التعلم. حلم الكتابة وعلى الرغم من أن دراستها صباحية، إلا أنها ملتحقة بمراكز تحفيظ القرآن مساء، وتحفظ من القرآن ستة أجزاء، وهي أم لـ 12 ابناً، يعملون في وظائف مختلفة في الدولة، وحاصلين على شهادات جامعيه وفوق الجامعية، وابنتها تخرجت في الثاني عشر من المركز نفسه والتحقت بكلية فاطمة للعلوم. وقالت دبا الهمامي: «تعلمت اللغة العربية التي أعانتني على حفظ القرآن، إضافة إلى الحساب وبعض أساسيات اللغة الإنجليزية، وأصبحت لدي المهارة الآن لقراءة كل الإعلانات الموجودة فوق المحال، وأستطيع أن أصل بكل بسهولة إلى المكان الذي أريده من خلال قراءتي للافتات الموجودة في كل الأنحاء، بعد أن كنت لا أفقه كتابة اسمي، ولطالما تمنيت كتابة وقراءة اسم لفظ الجلالة «الله» والآن أتقنه وبكل براعة وحب»، مشيرة إلى أنها تتلقى تعليمها الإضافي في بيتها مع أبنائها، فهي تستعين بهم في أداء واجباتها المدرسية، ويسعدهم إعانتها، خصوصاً الأحفاد. وقالت دبا الهمامي إنها الزوجة الأولى من أصل أربع زوجات لزوجها، والجميع يسكن في البيت نفسه، لافتة إلى أنها ساعدت شريكاتها الأخريات على الالتحاق بالمركز لمواصلة الدراسة. وأضافت: «منذ 30 عاماً وأنا أصحو الخامسة صباح كل يوم، وسعيدة بالتحاقي بالمعهد كوني قد استطعت تكوين شخصية مختلفة عن شخصية تلك المرأة الأمية وسط أسرة متعلمة». وقالت: «ولله الحمد، الدولة لم تقصر في حقنا كنساء راغبات في التعلم والانفتاح على العالم الحديث، حيث وفرت لنا الحافلات المجانية والكتب والأماكن الخاصة، إضافة إلى مدرسات متخصصات لتعلمينا نحن الكبار». تعلم الأشغال اليدوية وأكدت انتصار عبدالوهاب في الأربعينيات من العمر، وتدرس في مرحلة الثاني عشر، ولديها أبناء أكبرهم في 23 من العمر، أن حصيلتها العلمية زادت مع مذاكرتها مع أبنائها، فرغبت في إكمال التعليم، وقررت أن تواصل تعليمها الذي انقطعت عنه ما يقارب 25 سنة، لافتة إلى أنها تعود إلى بيتها قبل رجوع الأبناء من مدارسهم، وتطمح إلى أن تلتحق بالتعليم الجامعي بعد إنهاء مرحلة الثانوية حباً ورغبة في زيادة التعلم. واقترحت تخصيص حصة إضافية تكون أساسية تتعلم فيها الدارسات طرائق تعلم الأشغال اليدوية والحرف المختلفة، تعين الراغبات بعد الثانوية على الخوض في الأعمال الحرة، داعية ربات البيوت الراغبات في التزود من التعليم، التوجه لأقرب مركز. إلى الدكتوراه وتعتبر فاطمة زيد محمد من الدارسات المتميزات، حيث تملك مشروعاً من صندوق خليفة، وكانت تملك قسطاً ضئيلاً من التعليم ودرست «منازل» ثم قررت فور علمها بمركز تعليم الكبار أن تلتحق به، مؤكدة أنها تعتزم مواصلة مشوارها التعليمي مع تطوير مشروعها والحصول على شهادة في القانون للعمل كمحامية وتقديم الاستشارات القانونية، ولن تقف عند ذلك بل لديها طموح في الحصول على الماجستير والدكتوراه. وأشارت إلى أن الحكومة توفر الإمكانات لأبنائها، وتحثهم على التعليم، واهتمامي بتحقيق أمنيتي مرتبط بأبنائي وهم الأهم، لافتة إلى أنها حصلت على نسبة 85% وتسعى لرفعها في الصف الثامن إلى أكثر من تسعين، وتتقدم بالشكر لكل المعلمات اللاتي يعملن بالمركز على مساندتهن لجميع الدارسات. وأكدت أن دولتنا ليس لها مثيل في الدنيا كلها، حيث اهتمت بالجميع ووفرت لهم السبل والوسائل كافة للنهوض بأنفسهم، وكل الشكر لقيادتنا الرشيدة. تحفيز المعلمات وقالت عائشة نجيب الراجحي التي تدرس بالصف الأول الثانوي، إن تحفيز المعلمات للدارسات سبب رئيسي في عزمها على إكمال ما فاتها، واستكمال دراستها الجامعية، لافتة إلى أن الدراسة بالمركز مشجعة وجميلة والمعلمات يساعدن الدارسات في أشياء كثيره، وتعاملهن أكثر من رائع، وانقطاعي عن التعليم كان لظروف، ومع انقضائها، وتردد اسم المركز، لجأت إليه للدراسة، خاصة أن التوقيت أفضل من المدارس المسائية أو المنزلية، حيث تمتزج الخبرة العمرية مع التعليم داخل المركز مع وجود معلمات يقدرن المسؤولية ويراعين الظروف. حياة اجتماعية مستقلة من جانبها، أوضحت فاطمة الخييلي أنها انقطعت عن التعليم لظروف انتقالها والإقامة بأبوظبي، لافتة إلى أنها بعد تحسن الوضع وتوافر وقت فراغ لها مع رغبة في التعليم، وجدت أن الأنسب هو مراكز تعليم الكبار الصباحية، وأقربها إلى محل إقامتها هو مركز الوثبة لتعليم الكبار. وأكدت نيتها الحصول على شهادة جامعية تؤهلها للعمل وخدمة الوطن الذي اهتم بي وبغيري من أبناء وبنات الوطن، ونسعى لرد الجميل. وأشارت إلى أن المركز يعتبر حياة مستقلة بحد ذاتها، من تعليم وأنشطة وزيادة معارف، وتواصل بين الأجيال، وهو مريح للغاية وبه كل إمكانات التميز، ومعلمات يشجعن الدارسات، ويتعاملن معهن برفق، ويحببن إليهن العلم، «وكل يوم نشعر بالفرق عن اليوم الذي سبقه، كما أن الحالة النفسية تحسنت كثيراً، والآن نتابع الأولاد في دراستهم، والتعليم أفادني، خاصة عند السفر للخارج». دور «أبوظبي للتعليم» وأكدت الدكتورة أحلام إبراهيم الحوسني، معلمة اللغة العربية، أن ثقة مجلس أبوظبي للتعليم في المركز والمعلمات فيه، لعب دوراً بالغ الأهمية في ذلك، مشيدة بدور القائم بأعمال المدير العام، زينب الهنائي، وشعبة الاجتماعيات التي تهتم بإشراك الدارسات في الفعاليات التي تنظم بالمركز، وهي أمور من شأنها زيادة اللحمة بين الدارسات وتفريغ الطاقات، والتعرف إلى الإبداعات لدى أمهاتنا الدارسات. وأشارت إلى وجود تفاعل كبير بين الدارسات، حيث الروح الجميلة تسود بين الجميع، ويستمتعن بوقتهن داخل الفصل الدراسي، وخارج الفصل في الاستراحة بين الحصص ويتناقلن أحوالهن، ويساعدن بعضاً في مواجهة مشكلات الحياة، وأشادت بجهود المعلمة والخبيرة جميلة خلف التي تعد من الرعيل الأول للمعلمات، ولها دور بارز في تهيئة المعلمات والدارسات. إحصائية أكدت زينب الهنائي، القائم بأعمال مدير عام المركز، أن إجمالي الدارسات يزيد على 430 طالبة، تتراوح أعمارهن بين 8 أعوام و64 عاماً، بينهن نحو 100 دارسة تحت سن العشرين، و232 دارسة بين عمر عشرين وأربعين سنة، و65 دارسة بين أربعين وخمسين سنة، و37 دارسة بين خمسين وستين عاماً، وهناك 4 دارسات فوق 60 سنة، وأكبر دارسة 65 سنة. وأشارت إلى أن مرحلة الأول التأسيسي، تضم نحو 80 دارسة، وبالصف الثاني التأسيسي 54 دارسة، وفي الخامس 42 دارسة، والسادس 55 دارسة، والسابع 22 دارسة، والثامن 22 دارسة، والتاسع 20 دارسة، والعاشر 34، والحادي عشر 33، والثاني عشر 68 دارسة، والعام الماضي فقط التحقت 30 دارسة بالجامعة، من أعمار تراوحت بين 20 و45 عاماً، وما زلن يواصلن. وأوضحت الهنائي أن المركز يطبق خطط مجلس أبوظبي للتعليم، ضمن برنامج ارتقاء، وحقق المركز العديد من المؤشرات الإيجابية من حيث التزام الدارسات بالحضور ومتابعة الواجبات المدرسية، ويقدرن المعلمات أيما تقدير، سلوكيات راقية والتزام كبير داخل الفصل الدراسي وخارجه، كما أن هناك دوراً كبيراً تلعبه الدارسات كبيرات السن في التوعية الاجتماعية، وتقديم النصائح، وتبادل الخبرة مع ذوات الأعمار الأقل، ما أحدث نقلة مهمة وخلق بيئة صحية ومنتجة ومتجانسة بنسبة مئة بالمئة، بين الدارسات أنفسهن وبين المعلمات والدارسات. وأكدت الهنائي أن التسرب من الدراسة في المركز يكاد يصل إلى الصفر، ويكون لظروف قهرية، وقد يتحولن أحياناً للفترة المسائية، لافتة إلى أن الدكتورة أمل القبيسي، مدير عام مجلس أبوظبي للتعليم، اعتمدت هيكلاً احتوت من خلاله مراكز تعليم الكبار، وعقدت اجتماعاً موسعاً خصصته فقط لهذه المراكز، وأرسلت «تمكين» لتأهيل المعلمات، وتم رفع المخصص المالي، وأحدثت تطوراً كبيراً في مجال مراكز تعليم الكبار، وهناك تعاون ومتابعة من المجلس والمركز، وأن مدير عام العمليات المدرسية بالمجلس محمد الظاهري، يحرص على الزيارة والمتابعة، ومشاركتنا الأنشطة والفعاليات.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©