الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الهروب من عجز الموازنة

2 سبتمبر 2009 01:43
رغم أن المعضلة الرئيسية التي تواجهها الإدارة الأميركية الحالية مع مديونية الخزانة العامة، ذات طابع سياسي بحت، فإن نتائجها العكسية ربما تكون ذات طبيعة اقتصادية. والمشكلة أننا لا ندري الآن ما ستكون عليه تلك التداعيات أو النتائج العكسية، أو حتى ما إن كانت ستحدث أصلا. وما لم تلح بوادر أزمة جديدة في الموازنة فالمرجح أن يتفادى السياسيون من كل الحزبين، الجمهوري والديمقراطي، الحديث عن مسألة لا تحظى بأدنى شعبية ومثيرة لمتاعب إضافية ليس هناك ما يستدعي إثارتها مسبقاً. وهذا ما يفسر طرح الساسة الأميركيين لواجب التكهن الاستباقي بالكوارث المالية المستقبلية من أجندة أعمالهم. غير أن السبب الرئيسي للارتفاع الذي حدث مؤخراً في عجز الموازنة العامة -أي الفجوة بين حجم الإنفاق السنوي والعائدات- يعكس على نحو ما تأثيرات الأزمة المالية الاقتصادية الراهنة، لكنه يظل سياسياً بالأساس. وعادة ما يسمح العجز للساسة، المحافظين والليبراليين على حد سواء، باتخاذ مواقف عامة تخدم مصالحهم الذاتية. وبسببها يمكن لليبراليين الزعم بأن لهم القدرة على توسيع نطاق تدخل الجهاز الحكومي -في تقديم مزيد من خدمات التعليم والرعاية الصحية والنقل والمواصلات- دون زيادة معدلات الضريبة الحالية إلا على الأغنياء وحدهم. ومن جانبهم يزعم الجمهوريون لأنفسهم القدرة على خفض الضرائب دون حرمان أي مواطن أميركي من المزايا التي تقدمها الحكومة. والملاحظ في السنوات الأخيرة أن معدلات العجز ليست مثيرة للكثير من القلق. بيد أن تداعيات الأزمة المالية الاقتصادية الحالية، مصحوبة بنمو فئة المسنين في المجتمع الأميركي، تشيران معاً إلى أننا عبرنا خطاً تتضخم فيه معدلات العجز الافتراضي والحقيقي إلى مدى تصعب فيه رؤية العواقب الكارثية المستقبلية التي يمكن أن تنجم عنها. والحقيقة أن أفضل مقياس لعبء الدين القومي هو في علاقته بمعدل الدخل القومي السنوي، أو ما يسمى بإجمالي الناتج المحلي. ويمكن تطبيق المعيار نفسه على عائلة يقدر دينها السنوي بـ25 ألف دولار بينما يبلغ دخلها السنوي 50 ألفاً. وتشير هذه الأرقام إلى أن نسبة الدين إلى الدخل السنوي تبلغ 50 في المئة. يذكر أن نسبة الدين القومي مقارنة بإجمالي الناتج القومي في عام 1946، أي بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، كانت حوالي 108.6 في المئة من الدخل القومي. ثم حقق اقتصادنا نمواً كبيراً وسريعاً خلال العقود اللاحقة، بما مكنه من تضييق الفجوة بين الدين والدخل القومي، حيث انخفضت في عام 1974 إلى أقل من 23.9 في المئة مقارنة بما كانت عليه في عام 1946. وحتى في عام 2007 حيث كانت بلادنا تخوض حربين متزامنتين، في العراق وأفغانستان، لم تزد نسبة الدين القومي إلى الدخل القومي عن 36.9 في المئة فحسب. وعلى عكس ذلك، فالمتوقع اليوم أن تفوق نسبة الدين القومي مرات عديدة نسبة نمو الدخل القومي. فقد أشارت آخر التقديرات التي نشرتها إدارة أوباما في الأسبوع الماضي، إلى زيادة في الديون تقدر بحوالي 11 تريليون دولار خلال الفترة الممتدة بين العام الحالي والعام 2019. وبذلك فستبلغ نسبة الدين إلى الدخل القومي حوالي 76.5 في المئة. وربما تكون هذه النسبة الأخيرة على درجة كبيرة من التفاؤل، لكونها تفترض كبحاً محتملا لجماح الإنفاق مقابل زيادة معقولة في إيرادات الضرائب. وبالمقارنة تضيف مجموعة «كونكورد» الائتلافية حوالي 5 تريليونات دولار إلى الدين القومي المتوقع خلال الفترة المذكورة آنفاً. وبذلك فستبلغ نسبة الدين القومي إلى الدخل القومي بحلول عام 2019 إلى مئة في المئة تقريباً. وهذا ما يتفق الليبراليون والمحافظون على التهرب من مناقشته حالياً. روبرت جي. صمويلسون كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©