الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

وادي سوات... مأساة إنسانية مستترة!

وادي سوات... مأساة إنسانية مستترة!
2 سبتمبر 2009 01:41
تقول الحكومة الباكستانية إن القتال «الطارئ» الذي كان وراء نزوح أكثر من مليوني شخص في وقت سابق من هذا العام «انتهى»؛ حيث تزعم إسلام آباد بأن «طالبان» هُزمت وبأن الأمور في المنطقة تعود تدريجيا إلى نصابها. وفي هذه الأثناء، أُمر الأشخاص الذين مازلوا نازحين عن ديارهم، وعددهم يناهز المليون، بالعودة إلى المنطقة، حيث سيتم إغلاق مخيمات النازحين المتبقية. وبغض النظر عن الحقيقة الموجودة في الرواية الرسمية، فإن الجيش الباكستاني ما زال يخوض قتالا داخلياً صعباً هو غير مدرب عليه؛ والجنود لا يتمتعون بقدرات حقيقية للتعاطي مع المشاكل الإنسانية، والنازحون ليسوا إحدى أولوياتهم في الحرب ضد «طالبان». والواقع أنه من الصعوبة تأكيد شيء بخصوص وادي سوات بشكل قطعي عدا حالة عدم الاستقرار التي تسود المنطقة ومعاناة جل سكانها، وذلك لأن الجيش الباكستاني يسمح للصحافيين الأجانب بزيارة مينجورا فقط، وهي المدينة الرئيسية في المنطقة، وتحت مراقبة مشددة لأنها «غير آمنة». ويرسم عمال المنظمات الإنسانية صورةً أكثر قتامة، مشددين على أن القتال لم ينته. فقد قتل انتحاري 15 شخصاً في تجمع لمجندي الشرطة يوم الأحد، في وقت تُسمع فيه قذائف المدفعية يومياً وتُرى فيه تحركات الجنود في كل مكان. غير أنه إذا كان هجوم الجيش قد حمل «طالبان» على الخروج من مينجورا ومناطق محيطة بها، فإن العديد من مقاتليها لجؤوا إلى المناطق المجاورة هرباً من القصف. وفي هذه الأثناء، يتم اكتشاف مقابر جماعية بين الفينة والأخرى، بينما يتم العثور على الجثث يومياً. وإذا كان من المؤكد أن بعض الجثث تعود لعناصر في «طالبان»، فإن عمال منظمات حقوق الإنسان يقولون إن الكثير منها تعود لضحايا عمليات القتل الخارجة عن القانون. ويجاهد العائدون إلى سوات من أجل الصمود والاستمرار على قيد الحياة، لأن المنظمات الإنسانية ووكالات الغوث لا همّ لها إلا مباركة الجيش، مما يجعل الخدمات المتوفرة قليلة جداً. وعلاوة على ذلك، فإن معظم العائلات في منطقة الوادي المضطربة تعاني شظف العيش وتتدبر حالها بما يتيسر من مساعدات؛ والاقتصاد في حالة يرثى لها؛ والانتعاش سيستغرق وقتاً طويلا على ما يبدو. وقد يقول قائل إن المنظمات الإنسانية تبالغ وتهول في وصف الوضع في سوات؛ غير أني بعد سنوات من تحليل المناطق المنكوبة، بتُّ أميل إلى تصديق عمال الإغاثة والمنظمات غير الحكومية أكثر من تصديقي للحكومات التي لها مصلحة في إعلان النجاح بأسرع وقت ممكن. والواقع أن سوات تثير ثلاثة مواضيع أساسية لم تحظ حتى الآن إلا بقليل من الاهتمام: استمرار فعالية العملية. فالجيش الباكستاني بدأ أخيراً يعي حقيقة التهديد الذي تمثله «طالبان»، وهو تطور مرحب به، وقد روجت له الولايات المتحدة كثيراً. لكن، هل يتعلق الأمر بنجاح تكتيكي قصير الأمد بالنسبة للجيش، هو في الوقت نفسه فشل استراتيجي في تعامله مع المواطنين وفي ملاحقة مقاتلي «طالبان» على المدى الطويل؟ الواقع أن مصادر في باكستان تفيد بأن أي زعيم لـ «طالبان» لم يُعتقل أو يقتل في عملية وادي سوات، والأنكى أن العملية العسكرية يمكن أن تنتهي بإنتاج مزيد من عدم الاستقرار. - اهتمام الحكومة المركزية غير الكافي بالنزوح الكبير للسكان، والذي مازالت عملياتها العسكرية تتسبب فيه. ذلك أن إسلام آباد لم تقدم إلا القليل للأشخاص النازحين بسبب القتال، رغم الـ335 مليون دولار من المساعدات التي قدمتها واشنطن. وإذا كنا نفهم حجم الأزمة، فلماذا تشجع الولايات المتحدة باكستان على دفع المواطنين إلى العودة، علماً بأن سلامتهم غير مؤكدة وأن القليل فقط من المساعدات الملموسة ستكون متوفرة؟ - افتقار باكستان المستمر إلى الشفافية في تعاملها مع الولايات المتحدة. ذلك أن قدرا أكبر من المحاسبة أمر ضروري وأساسي. وتعاون باكستان مع استراتيجيتنا الإقليمية ينبغي ألا يكون على حساب المدنيين. إن الأزمة الإنسانية في سوات لم تستأثر بالاهتمام الكافي لمعظم وسائل الإعلام ومنظمات حقوق الإنسان، وذلك يعود في جزء منه لحقيقة أنها لا تستطيع زيارة المنطقة بكل حرية. فكتاب الافتتاحيات وأصحاب المدونات صامتون؛ والحال أن تقييمات مسؤولي الإغاثة لمحنة سكان المنطقة وتقرير لجنة حقوق الإنسان الباكستانية حول مقابر جماعية وعمليات قتل خارج القانون، يجب أن تعبئ الجهود من أجل فهم أفضل لما يحدث في المنطقة والحصول على مساعدة أكبر للمواطنين. ورغم الصعوبات السياسية، على الحكومة الأميركية، على أقل تقدير، أن توضح ما يحدث في سوات لأن من شأن ذلك التوضيح أن يؤدي إلى مساعدة أكبر وأكثر فعالية. مورتون أبراموفيتش مساعد وزير الخارجية الأميركي للاستخبارات في إدارة ريجان، وزميل مؤسسة «سنتري فاونديشن» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©