الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نور الدين زنكي يثأر من الفرنج في «موقعة حارم»

26 يونيو 2016 20:22
القاهرة (الاتحاد) من الأحداث المهمة في تاريخ الإسلام، والتي جرت في شهر رمضان المبارك سنة 559هـ معركة «حارم»، وكان وقوعها في وقت فرقة وشتات وفتن تعصف بالمسلمين، فملوكهم وأمراؤهم في قتال مستمر فيما بينهم، يغزو بعضهم بعضا، ويفتح أحدهم بلداً فيخرجه الآخر منها، والأعداء من الإفرنج يأكلون في بلاد الإسلام، ويتربصون بأهلها الدوائر. وقد أذن الله للأمة أن لا تزول، مهما بلغ بها من الضعف، ومن رحمته أن يقيض لها رجالاً يدافعون عنها، ويعيدون لها هيبتها وكرامتها، ومن هؤلاء الملك نور الدين محمود زنكي المشهور بـ «نور الدين الشهيد» الذي عرف بالعدل والتقوى وحبه للجهاد. انهزم نور الدين من الفرنج في السنة 558هـ في معركة «البقيعة»، وسببها أنه جمع عساكره ودخل بلاد الفرنج ونزل تحت حصن الأكراد محاصراً له، فاتفق الفرنج على مباغتة المسلمين وهم آمنون، وبينما الناس في خيامهم وسط النهار ظهر الفرنج من وراء الجبل، وهجموا عليهم قبل أن يتمكنوا من ركوب الخيل أو أخذ السلاح، وأكثروا فيهم القتل والأسر، واستطاع نور الدين أن ينجو بنفسه حتى نزل على بحيرة «قدس» بالقرب من حمص، ولحق به من سلم من الجند، قال، والله لا أستظل بسقف حتى آخذ بثأري وثأر الإسلام. بعد انتصارهم، عزم الفرنج على التوجه إلى حمص، ولما بلغهم نزول نور الدين بينها وبينهم راسلوه يطلبون الصلح فلم يجبهم، وتركوا عند حصن الأكراد من يحميه وعادوا إلى بلادهم. قال ابن الأثير في كتاب «الكامل في التاريخ»، في هذه السنة، في شهر رمضان، فتح نور الدين محمود بن زنكي قلعة حارم من الفرنج، وسبب ذلك أنه لما عاد منهزما من البقيعة، تحت حصن الأكراد، فرق الأموال والسلاح والآلات، فعاد العسكر كأنهم لم يصابوا وأخذوا في الاستعداد للجهاد والأخذ بثأره. بدأ نور الدين تجهيز قواته، استعدادا للمواجهة والأخذ بالثأر، وفي العام التالي 559هـ خرج الفرنج من «عسقلان» لقتال أسد الدين شيركوه بمصر، فاستغل نور الدين فرصة خروجهم، وراسل الأمراء يطلب العون، فجاءوا من كل فج، فاجتمعت الجيوش وسار نحو «حارم»، وهو حصن حصين ناحية حلب في الثاني والعشرين من شهر رمضان من هذه السنة، فحاصرها ونصب المجانيق، وتابع الزحف للقاء الفرنج الذين تجمعوا قريبا من الساحل. بدأ القتال والتحمت الصفوف، فهجم الفرنج على ميمنة الجيش الإسلامي حتى تراجعت، وبدا وكأنها انهزمت، وكانت تلك خطة متفق عليها لكي يلحق فرسان الفرنج فلول الميمنة، فتنقطع الصلة بينهم وبين المشاة من قواتهم، فيتفرغ المسلمون للقضاء على المشاة، فإذا رجع الفرسان لم يجدوا أحداً من الذين كانوا يحمون ظهورهم، وبهذه الخطة أحاط بهم المسلمون، وألحقوا بهم هزيمة مدوية، وخسائر فادحة قدرت بعشرة آلاف قتيل، وأكثر من هذا العدد من الأسرى. ويصف ابن الأثير، معركة تل حارم بقوله: «حينئذ حمي الوطيس، وباشر الحرب المرؤوس والرئيس، وقاتلوا قتال من يرجو بإقدامه النجاة، وحاربوا حرب من يئس من الحياة، وانقضت العساكر الإسلامية انقضاض الصقور على بغاث الطيور، فمزقوهم بددا، وجعلوهم قددا، وألقى الإفرنج بأيديهم إلى الإسار، وعجزوا عن الهزيمة والفرار، وأكثر المسلمون فيهم القتل، وزادت عدة القتلى على عشرة آلاف، وأما الأسرى فلم يحصوا كثرة، وكان منهم الملوك الأربعة». استولى نور الدين على «حارم» بعد أن أجلى الفرنج عنها، وكان ذلك فتحاً كبيراً، ونصراً مبيناً، وأعز الله جنده في شهر رمضان المبارك، وكانت هذه المعركة من أعظم معارك المسلمين ضد الصليبين، ولكنها لم تشتهر في كتب التاريخ.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©