الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«المحراب».. تطور مع الفنون الإسلامية.. منذ عصر النبوة

«المحراب».. تطور مع الفنون الإسلامية.. منذ عصر النبوة
26 يونيو 2016 19:06
مجدي عثمان (القاهرة) «المحراب»، أحد الفنون الداخلة في عمارة المساجد، كجزء أصيل، خضع خلال العصور الإسلامية للعديد من التغيّرات والتطورات، يحمل الوظيفة ، أكرم موضع في المسجد، ويحدد اتجاه القبلة للصلاة. وتعددت الآراء بشأن الحكمة من المحراب المجوف، منها أنه يفيد في تعيين اتجاه القبلة، وفي تحديد مكان الإمام عند الصلاة، ويساعد على تجميع صوته وتكبيره وإيصاله إلى المصلين، لا سيما قبل اختراع مكبرات الصوت. وأول محراب في الإسلام كان ببيت النبي صلى الله عليه وسلم في مصلاه الخاص، أما أول من وضع المحراب في المسجد هو الخليفة عثمان بن عفان، من أجل تعيين اتجاه القبلة وتحديد مكان وقوف الإمام في صلاة الجماعة وذلك في المسجد النبوي في المدينة المنورة. وقد اتفق المؤرخون على أن أول من أدخل المحراب المجوف في المسجد هو عمر بن عبد العزيز أثناء ولايته على المدينة المنورة في أيام الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك، حيث قال السمهودي في كتابه «وفاء الوفا بأخبار المصطفى»: لما صار عمر بن عبد العزيز إلى جدار القبلة دعا مشيخة من أهل المدينة من قريش والأنصار والعرب والموالي فقال لهم، تعالوا احضروا بنيان قبلتكم لا تقولوا غَيَّر عمرُ قبلتنا، فجعل لا ينزع حجراً إلا وضع مكانه حجراً»، إلا أن الباحث المصري أحمد فكري يرى أن أول محراب أنشئ في الإسلام، هو محراب عقبة بن نافع في مدينة القيروان، موضحاً بأن المؤرخين قد أجمعوا أن عقبة - فاتح المغرب - خط مسجد القيروان في سنة خمسين للهجرة، وأبان مكان القبلة منه، وأقام محرابه فيه. وعندما قدم النبي إلى المدينة المنورة، كان يستقبل بيت المقدس في الصلاة نحو 17 شهراً، وكانت قبلته في نهاية المسجد آنذاك من الشمال مقابل باب عثمان عند الإسطوانة الخامسة شمالي إسطوانة عائشة، وبعد تحويل القبلة إلى البيت الحرام، حول النبي محرابه من شمالي المسجد إلى جنوبه، وصلى على إسطوانة عائشة ما يقارب أربعة أشهر، ثم تقدم إلى الإسطوانة المخلقة وصلى عندها عدة أيام وفيه بنى محرابه الشريف. وعندما أراد الخليفة عمر بن الخطاب توسعة المسجد النبوي قدم المحراب إلى نهاية زيادته جنوباً، وفي زيادة عثمان بن عفان فوقف فيه في محرابه العثماني الذي يقف فيه الإمام الآن، ولم يكن يحتوي المسجد النبوي الشريف على محراب مجوف، وكانت كلها محاريب مسطحة. أما عن انتشار المحاريب المجوفة في العمارة الإسلامية، فقد بدأت منذ العصر الأموي. ومن أهم أمثلتها قبة الصخرة، والتي أثبتت الدراسات الأثرية الحديثة أن تاريخه لاحق على العصر الأموي، كما ظهرت المحاريب المجوفة في القصور الأموية ومن أمثلتها قصور الحلابات، والطوبة والمشتى، وفي العصر العباسي انتشرت المحاريب. كما يُنسب إلى ما قبل تجديد المسجد النبوي في عهد الوليد بن عبد الملك بنحو53 عاماً، بناء المحراب المجوف في عمارة مسلمة بن مخلد في جامع عمرو بن العاص بفسطاط مصر عام 53هـ - 673م، أما من الناحية الأثرية، فإن أقدم محراب مجوف يوجد في الضلع الجنوبي من المثمن الخارجي لقبة الصخرة بالقدس الشريف، ويعود عهد تشييده إلى خلافة عبد الملك بن مروان 72هـ - 691م، وتشير بقايا العمائر الإسلامية في القرنين الأول والثاني للهجرة إلى أن المسلمين استعملوا المحاريب المجوفة ذات المسقط المتعامد الأضلاع وخاصة في شرق العالم الإسلامي خلال العصر العباسي، كما في محراب مسجد قصر الأخيضر ومحراب أقدم مساجد أرض فارس «طريق خانه»، إلا أن النموذج الغالب كان للمحراب المجوف ذي المسقط النصف دائري وكان في الشام. وقد عرفت العمارة الإسلامية نوعاً ثالثاً من المحاريب يعرف باسم «العنزة» أو المحاريب الخشبية المتنقلة، حيث كان يستخدم بعضها لإقامة الصلاة في قصور الخلفاء والأمراء، أو يُهدى لمشاهد آل البيت، مثل محراب السيدة عائشة - من العصر الفاطمي - المحفوظ في متحف الفن الإسلامي بالقاهرة، وقد انتشرت في المغرب الإسلامي، كما عُرفت في منطقة الموصل بالعراق، وما وقع شمالها من أرض الأكراد، وكذلك في مصر الفاطمية، مثل المحراب الخشبي المنسوب إلى الخليفة الحاكم بأمر الله، ومحرابي السيدة نفيسة والسيدة رقية المحفوظين بمتحف الفن الإسلامي. أما المواد التي غشيت بها تجاويف المحاريب فأقدمها الجص والرخام، والنوع الأول يتمثل في أقدم محراب في مصر في جامع بن طولون، ومن أشهر المحاريب الرخامية ذلك الذي عُثر عليه في جامع الخاصكي ببغداد، ويعتقد أنه كان في الأصل لجامع المنصور الذي بناه لقصره بوسط مدينة بغداد وهو من قطعة واحدة من الرخام، كما تُعتبر المحاريب التي شيدها المماليك في مصر والشام من أبدع المحاريب الرخامية التي عرفها فن العمارة والزخرفة، ومنها محراب مدفن السلطان المنصور قلاوون، ومحراب إيوان القبلة بمدرسة السلطان حسن.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©