الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القاضي أبو المطرف.. قدوة الفقهاء وتاج الأدباء

القاضي أبو المطرف.. قدوة الفقهاء وتاج الأدباء
1 سبتمبر 2009 23:53
الإمام القاضي أبو المطرف يعد قدوة الفقهاء وعمدة العلماء النبهاء والمتفنن في العلوم وجعله تبحره في الأدب حامل لواء المنثور والمنظوم وتاج الأدباء• ويقول الدكتور فرحات عبدالعاطي-أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر- ولد أبوالمطرف أحمد بن عبدالله بن محمد بن الحسين بن أحمد بن عميرة المخزومي في رمضان سنة 582 هـ، بجزيرة شقر شرق الأندلس وهي جزيرة شهيرة تحدث عنها الجغرافيون والمؤرخون بكل إعجاب لموقعها الفريد وطبيعتها الخلابة• وبدأ طلب العلم بحفظ القرآن الكريم ودرس اللغة العربية وارتحل إلى بلنسية وشاطبة ودانية ومرسية وغيرها للأخذ عن العلماء، وبذل عنايته لتعلم الحديث فأكثر من سماعه وأخذه عن المشايخ ثم عكف على العلوم والمنطق وأصول الفقه وانشغل بالأدب فبرع فيه براعة عد بها من كبار مجيدي النظم، ومن شيوخه الأندلسيين الذين أخذ عنهم أبو الخطاب أحمد بن محمد بن واجب القيسي، وأبوالربيع سليمان بن موسى الكلاعي، والمؤرخ الأديب ابن الأبار وهو من أكبر أساتذته وأبعدهم أثراً في حياته، وأبو عبد الله محمد بن أيوب السرقسطي، وابن حوط الأنصاري، وأبو علي الشلوبين• احتراف الكتابة وكرس أبو المطرف وقته للكتابة ورغب في احترافها لما كانت توفره لصاحبها من الثراء والنفوذ والجاه والسلطان في المجتمع الأندلسي، وعرف بالجد والذكاء والورع وسعة العلم وذاع صيته فتولى قضاء أريولة وشاطبة بشرق الأندلس، ولجدارته وبراعته وعفافه استكتبه أمير بلنسية أبو جميل زيان بن سعد بن الجذامي وعندما سقطت مدينة بلنسية في يد الإسبان سنة 636 هـ،غادر أبو المطرف الأندلس متجها إلى العدوة المغربية واستقبله الخليفة الموحدي الرشيد أبو محمد عبدالواحد بن أبي العلاء إدريس المأمون واستكتبه فترة ثم قلده قضاء مدينة هيلانة شرق مراكش، ثم نقله إلى قضاء رباط الفتح، وحين تولى الخليفة الموحدي العاشر أبو الحسن السعيد 646-640 هـ، جدد له منصبه ثم نقله إلى قضاء مدينة مكناسة الزيتون• وعندما بايع أهل مكناسة الأمير أبا زكريا الحفصي، كان القاضي أبو المطرف هو الذي كتب نص البيعة في 20 ربيع الأول 643 هـ، وحين قتل الخليفة الموحدي السعيد في صفر 646 هـ، رحل أبو المطرف من مكناسة قاصدا سبتة وفي طريقه إليها سلبت منه ثروته في فتنة بني مرين، فشد رحاله إلى بجاية في شهر جمادى سنة646 هـ، واستقبله الأمير أبو يحيى ابن الأمير أبو زكريا الحفصي وأحسن وفادته وأقام بها واشتغل بتدريس أصول الفقه والحديث• وتملكته الرغبة في زيارة تونس فارتحل إليها ولازم الصالحين بها والزهاد وأهل الخير فترة من الزمان، ولشهرته وسعة افقه وفضله اسند إليه قضاء الأربس وقابس لفترة طويلة وظهرت كفايته وعدله فاستدعاه الأمير الحفصي المستنصر بالله محمد بن أبي زكريا واستوثق من مكانته العلمية وموضعه بين العلماء فجعله من خواص الحاضرين بمجلسه يستشيره في جلل أمور الدولة• بحر في التاريخ وأشاد العلماء بعلمه وعدله وحرصه على قضاء حوائج الناس، وقال عنه ابن الخطيب الأندلسي في كتاب «الإحاطة»:«كان نسيجا وحده إدراكا وتفننا، بصيرا بالعلوم، محدثا مكثرا، راوية ثبتا، بحرا في التاريخ والأخبار، قائما على العربية واللغة كلامه كثير الحلاوة والطلاوة غزير المعاني والمحاسن»، وقال عباس الغريني إنه الشيخ الفقيه المجيد المجتهد العالم الجليل الفاضل، المتقن المتفنن أعلم العلماء وتاج الأدباء له أدب هو فيه فريد دهره، وسابق أهل عصره، وفاق الناس بلاغة، وأربى على من قبله»، وقال ابن الأبار في»تحفة القادم» اعترف بعلمه الجميع واتصف بالإبداع ومعاذ الله أن أحابيه بالتقديم لما له من حق التعليم • وكان حسن الخلق والخلق جميل السعي للناس في أغراضهم حسن المشاركة لهم في حوائجهم متسرعا إلى بذل مجهوده فيما أمكن من قضائها بنفسه وجاهه»، وقال فيه علماء المغرب:»هو قدوة البلغاء وعمدة العلماء وصدر الفضلاء ونكتة البلاغة التي أحرزها وأودعها». مؤلفاته وخلف أبو المطرف مصنفات في أنواع العلوم خاصة الأدب والتاريخ والفقه منها» تاريخ ميورقة»، و»اختصار كتاب ثورة المريدين لابن صاحب الصلاة»، وفى الفقه له كتاب تعقب فيه الإمام فخر الدين بن الخطيب الرازي في كتابه المعالم في أصول الفقه، وفى الأدب كتاب» التنبيهات على ما في التبيان من التمويهات» رد به على أحد معاصريه من المشارقة وهو كمال الدين أبو محمد بن عبدالكريم الزملكاني في كتابه التبيان في علم البيان المطلع على إعجاز القرآن، وله كثير من الرسائل الديوانية النثرية والنظمية التي خاطب بها ملوك ورؤساء وأعيان وأدباء عصره• وتوفي في تونس سنة 658 هـ•
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©