القاهرة من أشهر العواصم العربية، المرتبطة في أذهاننا جميعاً منذ الجدود بذكريات جميلة في حياتنا، ودائماً ما نتذكر هذه الذكريات عند مشاهدتنا للأفلام المصرية القديمة أو المتوسطة القدم، خاصة الأبيض والأسود منها، ونشاهد من خلالها أحياء القاهرة القديمة ومبانيها العتيقة في أشهر الأحياء، مثل القلعة، ومصر القديمة، ومنطقة الأزهر، ومحلات العطارة التي تشتم رائحتها بمجرد اقترابك من منطقة الموسكي والأزهر، وعندما تسير في شوارعها الضيقة الملأى بمحال التحف الفرعونية والقديمة التي تعبر عن تاريخ مصر في عصورها المختلفة .
ولا يمكن أن ننسى ما كنا نحرص عليه دائماً، وهو جلوسنا وتجولنا على ضفاف نهر النيل، خاصة بالمنطقة الواقعة بين كوبري قصر النيل وكوبري الجامعة، فهذه المنطقة تحديداً التي ينتشر على جانبيها العديد من الفنادق المطلة على هذا المنظر الرائع الجمال، حيث تشاهد المراكب الشراعية والصغيرة أثناء تجوالها، وهي تحمل مجموعات من السائحين أو الأفراد على سفح النهر الجميل، في منظر بديع، وعندما تنظر إلى أبعد قليلاً تجد برج القاهرة، والذي تم تشييده في ستينات القرن الماضي، ومدى شموخه، وسط منطقة شاسعة من الحدائق التي تقع بين ضفتي النيل، وعندما تصعد إلى أعلى البرج تشاهد أحياء القاهرة من أقصاها إلى أقصاها.
ومدى السعادة التي كانت تغمرنا عندما كنا نسير مترجلين بشوارع وسط القاهرة بمناطق ميدان التحرير وميدان طلعت حرب، وتشعر وكأنك تسير داخل التاريخ من روعة وإبداع الفن المعماري الفرنسي القديم لمبانيها وطرقاتها، وميادينها التي تتوسطها تماثيل للمشاهير الذين شاركوا في صنع تاريخ مصر القديمة والحديثة، ونتذكر أثناء تجولنا في هذه الشوارع الجلوس على المقاهي العتيقة المشهورة أو أحد المطاعم، وتناول الأكلات المصرية ذات المذاق المميز.
وعندما كنا نسمع جملة “ما أجمل القاهرة بالليل” لم نشعر بمعنى هذه الجملة إلا عندما شاهدنا هذا الجمال، عندما تتلألأ الأنوار، وتنعكس على مياه النيل الجارية، وتشاهد المراكب السياحية والشراعية المزينة أثناء سيرها ليلاً، وهي تشق مياه هذا النهر في منظر جمالي رائع، والعديد من العائلات التي تنتشر على جانبي النيل، وكأنه يحتضنهم بعد يوم عمل شاق.
وأجمل ذكرياتنا كانت مع هذا الشعب الطيب الذي لا تفارق الابتسامة وجهه مهما كان لديه من مشكلات أو ضغوطات الحياة، والتعليقات الجميلة الارتجالية التي تسمعها دائماً على أي موقف يحدث أمامك.
كم اشتقنا إلى زيارتها، وزيارة شوارعها، وكم نسعد عندما نحكي هذه الذكريات لأبنائنا، كما كنا نسمعها ونحن صغار، فالذكريات هي أجمل ما في حياتنا، وعندما ترتبط ذكرياتنا بمكان مثل القاهرة، فهي ذكريات تعطينا الكثير من التاريخ والعراقة، والتي نتمنى أن تعود ونعود إلى زيارتها.
وحياكم الله..
إبراهيم الذهلي | رئيس تحرير مجلة أسفار السياحية
a_thahli@hotmail.com
عدد اليوم
