الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كولومبيا.. في انتظار السلام

21 مارس 2015 21:41
لم يتهم أحد قط الرئيس الكولومبي «خوان مانويل سانتوس» بضعف الهمة. فقد رهن فعلاً مستقبله السياسي بمحادثات سلام لإنهاء أطول تمرد للميليشيات المسلحة أمداً في أميركا اللاتينية، وهو التنين الذي أنهك عدداً من الزعماء من قبل، وكاد يكلفه فرصة إعادة انتخابه ويوشك أن يقسم البلد نصفين. وزاد «سانتوس» في الآونة الأخيرة الرهان مرة أخرى، وأعلن وقف الضربات الجوية ضد القوات المسلحة الثورية الكولومبية (فارك) في مغامرة قد تجعله يفوز بجائزة نوبل للسلام أو تكسبه دعماً في منطقة الإنديز. والإعلان الذي ظهر يوم العاشر من مارس أثار استغراب «الكولومبيين»، وكل من يتابع منعطفات المناقشات المطولة بين حكومة «سانتوس» و«فارك» وذكر «سانتوس» أنها مجرد فترة استراحة وليس هدنة. واعتقلت القوات الحكومية قائداً كبيراً يوم الجمعة قبل الماضي، وتعهدت إعادة النظر في الإعلان في 30 يوماً. وذكر «سانتوس» أن «فارك» كانت أعلنت على أي حال وقفاً لإطلاق النار من جانب واحد في ديسمبر والتزمت ذلك. ورغم هذا، يناقض الإجراء تعهده بأن السعي للسلام ليس خضوعاً للمتمردين، وأن قوات الأمن الكولومبية ستواصل هجومها حتى يسقط آخر مقاتل من الميليشيات المسلحة أو يستسلم. وهذا التحول يوضح أن عملية السلام المستمرة منذ 28 شهراً حققت تقدماً رغم انفجار قنبلة بدائية الأسبوع الماضي أصاب ثمانية أشخاص في «بوجوتا» مما بدا، كما لو أنه يزعزع هذا التقدم. واتفق المفاوضون الذين يجتمعون في العاصمة الكوبية هافانا منذ نهاية عام 2012 مبدئياً، على ثلاثة بنود أولها مكافحة تجارة المخدرات، ثانيها إصلاح زراعي للمزراعين المكافحين، وثالثها، السماح للجماعات المسلحة بعد تفكيكها بالمشاركة في عملية سياسية انتخابية. ومن الأمور التي مازال يجري مناقشتها القضايا الدقيقة الخاصة بتعويض ضحايا الصراع القائم منذ 51 عاماً، وضمان أن يدفع أفراد الميليشيات التائبون ثمن جرائمهم بالإضافة إلى القضية الحساسة الخاصة بإلقاء «فارك» أسلحتها. واتفقت الحكومة والمتمردون في الآونة الأخيرة على البدء في إزالة الألغام الأرضية. وهناك مأزق آخر متعلق بتعقب كبار المقاتلين المطلوبين بموجب أمر ترحيل من الولايات المتحدة أكبر حليف دولي لكولومبيا. وربما يشرح هذا سبب تعيين إدارة أوباما لـ«برنارد أرونسون»، وهو أميركي لاتيني له خبرة في اتفاقات السلام كمبعوث خاص في المحادثات الجارية في هافانا. ويؤكد «مايكل شيفتر» من مركز «الحوار بين الأميركيتين» البحثي ومقره واشنطن أن «هدف سانتوس الرئيسي هو التوصل لاتفاق سلام. والتخلي عن الترحيل قد يكون ثمناً للتوصل لاتفاق، وربما يكون أرونسون هنا ليقول هذا». ويتوقع «شيفتر» أن «سانتوس» يعتزم اختتام المحادثات هذا العام، وأنه «يراهن بكل رئاسته عليها». وكسب ود الميليشيات المسلحة ليس رهان «سانتوس» الوحيد فحتى يتم الاتفاق على كل بنود الاتفاق فلن يكون هناك سلام وحتى حينها يتعين تسليم الاتفاق الكامل إلى الكولومبيين لإجراء استفتاء عليه وهنا سيشتد الجدل. وفي الآونة الأخيرة جنح الكولومبيون إلى مساعي السلم وأظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «جالوب» في الشهر الجاري أن 53 في المئة منهم يعتقدون أن المحادثات تؤدي إلى السلام. ومعدلات التأييد لـ«سانتوس» انخفضت مع تدني مستوى الاقتصاد الكولومبي بسبب هبوط أسعار النفط العالمية. ومازال سانتوس يدافع عن نفسه أمام مجموعة كبيرة من المعارضين. ويتصدر هؤلاء المعارضين الرئيس السابق ألفارو أوريبي وهو أحد زعماء أميركا اللاتينية العسكريين المحافظين النادرين الذي عين «سانتوس» وزيراً للدفاع، وأعده ليكون خليفته لكنه يأمل أن يعود إلى المنصب. ومازال «أوريبي» يحظى بشعبية بسبب حربه دون هوادة ضد «فارك» ولا يغفر لربيبه السابق بسط يد السلام إلى المتمردين وينتقد الآن «سانتوس» بلا كلل على تويتر أمام 3.6 مليون متابع. وكتب في تغريدة ما مفاده أن «سانتوس بدد تركته ولا يدرك هذا». وغض «سانتوس» الطرف في بداية الأمر لكنه رد في «مشهد فضائحي» بحسب تعبير الكاتب الكولومبي جيرمان أوريبي (ولا علاقة له بالرئيس السابق)، أدى إلى استقطاب في البلاد جعل «أكثر الناس عقلاً بيننا ممن يؤمنون بالتوصل إلى اتفاق سلام يشككون في إمكانية استمرار السلام». «سانتوس» مخلص تماماً لإنهاء أطول حروب أميركا اللاتينية أمداً، لكن الفوز بالسلام قد يستغرق أمداً أطول. ماك مارجوليس ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©