الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الانتخابات المحلية .. استفتاء على زعامة أردوغان

31 مارس 2014 03:10
عندما انتفض العرب قبل ثلاث سنوات للمطالبة بقدر أكبر من الحريات، نظر الكثير منهم صوب تركيا ورئيس الوزراء أردوغان بحثاً عن الإلهام، باعتبارها نموذجا لبلد يمكن أن يتعايش فيه الإسلام والديمقراطية في سلام. لكن اليوم، وبعد 11 عاماً في السلطة، أخذ الزعيم التركي يتصرف على نحو أشبه بالحكام المستبدين العرب، وهو ما يثير أسئلة حول دوام وقوة المعجزة التركية التي لطالما جرى التفاخر بها. والواقع أن الحظر الذي فُرض على موقعي «تويتر» و«يوتيوب» خلال الأيام الأخيرة ليس سوى أحدث مثال على تكتيكات أردوغان التي أخذت تجنح إلى الاستبداد. فخلال الثلاثة أشهر الماضية، كان سيل من التسريبات مجهولة المصدر، التي نشر معظمها على «يوتيوب»، قد أشار إلى فساد ومعاملات غير قانونية داخل الإدارة. وفي محاولة لكبح الفضيحة، قام بتكميم أفواه صحافيين، وطرد ضباط شرطة، وأعاد تعيين بعض القضاة. وفي أفق الانتخابات المحلية يوم أمس، التي تُعتبر بمثابة استفتاء حاسم على حكمه، يبدو أن تصرفات أردوغان لم تزدد إلا سلطوية؛ حيث وصف خصومه بـ«المنحرفين» في خطابات الحملة الانتخابية، وندد بوسائل التواصل الاجتماعي باعتبارها «تهديداً»، وحمّل مسؤولية التسريبات لمؤامرات خارجية محبوكة. وبالنسبة للعديد من المنتقدين، فإن هذه التصرفات تمثل مؤشراً على خوف ساد في مرحلة قبل الانتخابات، التي يمكن أن تكون حاسمة بالنسبة لمستقبل أردوغان السياسي؛ ولكن مساعدي أردوغان يطعنون في هذا الرأي، ويقولون إن رئيس الوزراء قد أسيء فهمه. وفي هذا الإطار، يقول هؤلاء المساعدون إن الانتقادات التي وجهت لرئيس الوزراء على خلفية حظر فرض على «تويتر» و«يوتيوب» مجحفة، لأنها تتجاهل السياق السياسي للانتخابات، وهو ما يشير في نظرهم إلى حملة تروم تشويه سمعة رئيس الوزراء قبيل الانتخابات. فـ«تويتر» حُجب بسبب شكاوى بعض الناخبين من تطفله على الحياة الشخصية للناس، هذا في حين أن الحظر على «يوتيوب» أصبح مسألة أمن قومي، بعد أن بثت أحدث التسريبات نقاشاً بالغ الحساسية بين كبار المسؤولين حول خيارات تركيا العسكرية في سوريا المجاورة. ويذكر هنا أن أردوغان ومسؤولين حكوميين آخرين كانوا قد أنحوا باللائمة في الماضي على أنصار فتح الله جولن، وهو رجل دين غني يقيم في الولايات المتحدة ويحظى بولاء شبكة واسعة وغامضة من الأتراك النافذين وقد كان حتى وقت قريب من حلفاء أردوغان. ولكن جولن ينفي أي مسؤولية له في هذا الإطار؛ ثم إنه من غير المعروف ما إن كانت التسريبات - أكثر من 50 تسجيلاً حُمل على شبكة الإنترنت ويتضمن محاولات مزعومة لإخفاء فضائح مالية وأعمال غير قانونية أخرى - قد أتت كلها من مصدر واحد. ولكن أياً يكن المسؤول، فإن «الأمر لا يتعلق بالاستبداد في مقابل حرية التعبير، وإنما بمسألة حماية الخصوصية والأمن القومي»، كما يقول مسؤول تركي، طلب عدم الكشف عن اسمه بسبب حساسية الموضوع. وتساءل هذا المسؤول: «كيف يمكن أن نتوقع من ديمقراطية ليبرالية أن تقرر مستقبلها بناء على عمليات تنصت غير قانونية؟»، في إشارة إلى التأثير الذي قد تتركه التسريبات على الانتخابات. وفي الأثناء، يقول المسؤول التركي إن رئيس الوزراء يثق في استطلاعات الرأي التي تشير إلى أن حزب أردوغان «العدالة والتنمية» سيحتفظ بأغلبية الأصوات، وإنْ بهامش أصغر مقارنة مع فوزه الكبير بـ50 في المئة في انتخابات 2011 البرلمانية. غير أنه إذا انخفض نصيب «العدالة والتنمية» على الصعيد الوطني كثيرا عن الـ42 أو 46 في المئة التي تتوقعها استطلاعات الرأي، فإن آمال أردوغان في الترشح لمنصب الرئيس في الصيف أو لولاية رابعة كرئيس للوزراء العام المقبل يمكن أن تكون في خطر، كما يرى محللون. إلا أنه ليس ثمة حتى الآن أي سبب للاعتقاد بأن الاضطرابات ستزيح أردوغان عن منصبه باعتباره السياسي الأول في تركيا؛ ذلك أن لا زعيم آخر حاليا يضاهي كاريزميته أو شبكة الأنصار التي طورها خلال الـ11 عاماً الماضية. ومن منظور أردوغان، فإن معظم تصرفاته الأخيرة منطقية ومعقولة، كما يقول محللون. ذلك أن كتلته الناخبة تتألف من فيالق من الأتراك المنتمين إلى الطبقة الوسطى الدنيا والطبقة العاملة الذين يتقاسمون أصوله المتواضعة والذين تحسن مستوى معيشتهم في عهده. وقلائل منهم هم من المشتركين الأتراك الـ12 مليون في «تويتر». وهم من المستبعد أن يشاهدوا مقاطع الفيديو على «يوتيوب»، ثم إنهم يميلون إلى مشاطرة أردوغان في ارتيابه من وسائل التواصل الاجتماعي. في حي قاسم باشا المتواضع الذي تسكنه الطبقة العاملة في اسطنبول، وهو الحي الذي نشأ فيه إردوغان وترعرع، يغدق السكان عبارات المديح والإشادة على إنجازاته، مشيرين إلى تحسنات طالت كل شيء من نظافة الشوارع وتوفر الماء إلى مكانة تركيا الجديدة على الصعيد العالمي. وفي هذا السياق، قال «إسماعيل سنكولاك»، 55 عاماً، الذي يعمل لحساب هيئة الكهرباء الحكومية وكان يحتسي الشاي على كرسي خارج مقهى صغير: « لقد أوصلتنا هذه الحكومة إلى مكانة لم نكن نتخيلها سوى في الأحلام»، مضيفاً «صحيح أنه قد تكون لدي بعض التحفظات حول نزعته الديكتاتورية ومحسوبيته، ولكنها ليست مهمة بالمقارنة مع كل الأشياء الجيدة التي حققها». ‎ليز سلاي اسطنبول ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©