الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

المشاريع الصغيرة والمتوسطة «قاطرة» التنمية المصرية خلال 5 سنوات

المشاريع الصغيرة والمتوسطة «قاطرة» التنمية المصرية خلال 5 سنوات
25 يونيو 2016 20:48
عبدالرحمن إسماعيل (القاهرة) حسام جمال تمام، شاب مصري لا يتعدى عمره الأربعين عاماً يملؤه الحماس. يقف والده الحاج جمال إلى جانبه فخوراً بابنه الذي يدير مصنعاً يحمل اسم العائلة في إحدى مدن الدلتا. يأمل حسام أن تمتلئ طوابق المبنى الثلاثة الشاغرة بالماكينات والعمال، كما هو الحال في الطابق الأول. العمال من الشباب لا يتوقفون عن العمل. كل خلف ماكينة، فمنهم من يقطع ألواح الصفيح، ومنهم من يطبع عليها رمز الشركة التجاري، ومنهم من يحول ألواح الصفيح إلى علب تامة الصنع تستخدمها مصانع الأغذية في تعبئة منتجاتها. هكذا يصف البنك الدولي في أحد تقاريره واحداً من آلاف المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي يقوم بتمويلها منذ العام 2011 في مصر عبر الصندوق الاجتماعي للتنمية من خلال قرض تبلغ قيمته الإجمالية 300 مليون دولار. وتأمل الحكومة المصرية أن تتمكن تمويلات البنك الدولي، وكذلك مبادرة مماثلة أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسي مطلع العام الحالي بإتاحة تمويلات بقيمة 200 مليار جنيه مصري خلال السنوات الخمس المقبلة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة بفائدة مصرفية متناقصة لا تتجاوز 5%، من انتشال المشاريع الصغيرة والمتوسطة من عثرة السنوات الطويلة الماضية، وأن تكون قاطرة التنمية للخروج بالبلاد من أزمتها الاقتصادية، بحسب تعبير البنك الدولي. عقبة التمويل وربما يكون حسام واحداً من الشباب المصري المحظوظ الذي حصل على قرض البنك الدولي عبر الصندوق الاجتماعي للتنمية، إذ إن هناك الآلاف من الشباب لا تتوفر له الضمانات والإجراءات التي تطلبها السلطات، سواء كان الصندوق الاجتماعي أو البنوك، للحصول على التمويل اللازم لإنشاء المشاريع، كما يقول اقتصاديون يرون أن التمويل كان وسيظل العقبة الكؤود لنجاح المشاريع الصغيرة والمتوسطة في مصر. ويطالب هؤلاء بتطبيق تجارب ناجحة في اقتصاديات دول متقدمة وناشئة نجحت في أن تجعل المشاريع الصغيرة والمتوسطة قاطرة لتنمية اقتصادها، كما في دول مثل البرازيل والهند وماليزيا وجنوب أفريقيا، وذلك من خلال إنشاء حاضنات لهذه النوعية من المشاريع تتوفر فيها كل الإمكانات والوسائل اللازمة لإنجاحها، وأن تتكفل الحكومة بتدريب وتأهيل الشباب من أصحاب المشاريع الصغيرة، وأن تعطي لهم الأولوية في المناقصات الحكومية في توريد منتجات هذه المشاريع، بحسب ما قال الدكتور أحمد أبو السعود، أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الاقتصادية. وبحسب إحصاءات البنك الدولي، فإن قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة في مصر يمثل أكثر من 99% من مؤسسات الأعمال في مصر، و85% من حجم التوظيف بالقطاع الخاص غير الزراعي، وبالتالي يمثل نحو 40% من إجمالي حجم العمالة. ويلزم البنك المركزي المصري، طبقاً لتوجيهات حكومية ورئاسية، البنوك بضرورة أن ترفع من قروضها الممنوحة لتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة لتصل إلى نسبة لا تقل عن 20% من إجمالي محفظة الإقراض خلال السنوات الأربع المقبلة بنسبة فائدة متناقصة 5%، وهو ما كان غير معمول به في مصر قبل ذلك. ويرى أبو السعود أن مبادرة الرئيس المصري بتخصيص 200 مليار جنيه خلال السنوات الخمس المقبلة لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة ستحدث نقلة كبيرة في القطاع الذي عانى من الفشل لسنوات طويلة، مضيفاً: «هي بداية جيدة خصوصاً أن التمويل كان ولا يزال عقبة كبيرة أمام الشباب الراغب في بدء حياته بمشروع صغير، ربما لا تصل تكلفته إلى 50 ألف جنيه». وطلب «المركزي» المصري في تعميم أرسله إلى البنوك في 7 يونيو الحالي أن توافيه دورياً بحجم تمويلاتها لأصحاب المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر والمتوسطة، حيث يتوقع البنك المركزي أن يستفيد من مبادرته المصرفية المقدرة بنحو 200 مليار جنيه حوالي 350 ألف شركة ومؤسسة توفر فرص عمل لنحو 4 ملايين شخص. وبحسب الدكتورة هالة السعيد، أستاذة الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، فإن المشاريع الصغيرة والمتوسطة في مصر، تتركز بشكل ملحوظ في ثلاث محافظات هي الشرقية والقاهرة والغربية، بسبب تطورها الحضري والبنى التحتية المتطورة المتمثلة بشبكة طرقات ووسائل نقل تسهل نقل البضائع بشكل سلس يؤثر بدوره على إنتاجية المؤسسات ووصولها لعدد أكبر من العملاء. هيمنة الصغيرة وأضافت أن العديد من المشاريع الصغيرة والمتوسطة في مصر لا يزال يواجه الكثير من المشاكل، خاصة في الحصول على التمويل الذي يشكل تحدياً في البلدان النامية، حيث تتجنب غالبية البنوك المخاطرة في تمويل هذه النوعية من المشاريع، بسبب الاعتقاد السائد بأن تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسّطة محفوف بالمخاطر، وخدمتها تتطلب الكثير من الاهتمام مع ارتفاع التكاليف، مما يجعل منها أقل ربحية من الشركات الكبيرة. وتقول إنه بحسب دراسة أجرتها على واقع المشاريع الصغيرة والمتوسطة في مصر، فإن نسبة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي يقل رأسمالها عن 250 ألف جنيه مصري تقدر بنحو 83%، في حين لا تتجاوز هذه النسبة 2% للمؤسسات التي يتجاوز رأسمالها 15 مليون جنيه مصري، ما يعني ضرورة وصول المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لمصادر التمويل بسهولة أكبر بهدف توسيع أنشطتها وزيادة رؤوس أموالها. وأضافت «نفس نمط التوزيع يلاحظ في عدد الموظفين أو العاملين في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، حيث تتجاوز نسبة المؤسسات التي يتراوح عدد موظفيها بين 5-19 موظفاً نحو 85.4%، في حين لا تتجاوز هذه النسبة 6.3% للمؤسسات التي يزيد عدد موظفيها عن 50 موظفاً». وأكدت الدكتورة سحر نصر، وزيرة التعاون الدولي في حوار سابق مع «الاتحاد»، حرصها على أن يكون جزء من القروض والمنح التي تحصل عليها خلال مفاوضاتها مع مؤسسات التمويل الدولية والإقليمية وصناديق التنمية العربية، موجهاً لتمويل مشاريع صغيرة ومتوسطة توفر فرص عمل للشباب والمرأة. 3 معوقات تواجه المشروعات القاهرة (الاتحاد) حددت دراسة اتحاد المصارف العربية ثلاثة معوقات تواجه المشاريع الصغيرة والمتوسطة في مصر تتركز في القيود التشريعية والتنظيمية، وقيود التمويل وعدم تعدد آلياته، والقيود المتعلقة بقدرات القطاع نفسه. ووفقاً للبنك المركزي المصري، فإن 66% من المنشآت الصغيرة والمتوسطة لديها مشاكل في التعامل مع المصارف تتمثل في ارتفاع الفوائد والعمولات والمصاريف الإدارية، و61% تتمثل في كثرة الضمانات المطلوبة، و53% في طول الإجراءات وصعوبتها، و37% في كثرة المستندات المطلوبة. ويشكو أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة من المرحلة الطويلة لإعداد المستندات والضمانات اللازمة وصعوبة استخراج التراخيص. ويواجه قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة مشاكل مرتبطة ببيئة الاستثمار، منها ما يتعلق بالتراخيص وطول فترة الموافقة وتعدد الجهات التي يتم التعامل معها، ومنها مرتبط بالتسويق وعدم القدرة على منافسة المنتجات المستوردة ومنتجات المشروعات الوطنية الكبيرة، فضلاً عن المشاكل المرتبطة بضعف القدرات الإدارية والفنية والتنظيمية، كما تواجه المشروعات الصغيرة والمتوسطة عقبات في الحصول على التمويل أكثر من المشروعات الكبيرة خصوصاً من حيث تكلفة الائتمان، فأسعار الفائدة في تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة هي أعلى من تمويل الشركات.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©