مقاولون يركزون على مشاريع المياه والكهرباء والصرف الصحي لمواجهة التباطؤ في سوق الإنشاءات السكنية

لجأت شركات مقاولات للتركيز على مشاريع البنية التحتية لتعويض تباطؤ سوق الإنشاءات السكنية بعد الأزمة المالية العالمية. وقال مقاولون لـ «الاتحاد» إن كثيراً من الشركات المتخصصة في مشاريع تصميم وبناء المشاريع السكنية، تتسابق اليوم للفوز بالمناقصات الحكومية التي يتم الإعلان عنها في مجالات المياه والكهرباء والصرف الصحي، وذلك بعد تباطؤ الإعلان عن مشاريع عقارية جديدة. وأوضح عمر الزعبي المدير العام لمجموعة ماتيتو العالمية للهندسة والمقاولات أن حجم مشاريع المياه والصرف الصحي المعلن عنها بأبوظبي لم يتأثر بتداعيات الأزمة المالية العالمية، وهو ما يدفع جميع الشركات للتسابق على العمل بهذه المشاريع. وأكد خبراء أن المشاريع الحكومية الجاري تنفيذها بالدولة أسهمت في إنقاذ كثير من شركات المقاولات من شبح الإفلاس والخروج من السوق، بعد تراجع حجم الأعمال بالقطاع الخاص تأثرا بتداعيات الأزمة. واعتبر الدكتور عماد الجمل نائب رئيس اللجنة الفنية الاستشارية العليا بجمعية المقاولين أن اهتمام شركات المقاولات بالمشروعات الحكومية في مجالات المياه والصرف الصحي «توجه طبيعي بل وإجباري في ظل ظروف القطاع العقاري الذي يشهد تباطؤاً ملحوظاً في طرح مشروعات سكنية جديدة». وقال إلياس عبده رئيس مجلس إدارة شركة ويبكو للمقاولات «فترة الطفرة العقارية جذبت الكثير من شركات المقاولات للعمل في مشاريع البناء، ولكن اليوم انكمش القطاع، ولا يوجد مشاريع جديدة بالحجم المطلوب». ومن أبرز مشاريع الصرف الصحي بأبوظبي النفق الاستراتيجي لنقل المياه العادمة الذي تنفذه شركة أبوظبي لخدمات الصرف الصحي وبدأت العمل به مؤخرا في منطقة جسر محوي طريق أبوظبي - العين الرئيسي، ويعتبر جزءاً من منظومة مشاريع متكاملة تقدر تكلفتها بحوالي ?5,7 مليار درهم. كما تواصل الشركة جهودها لإنجاز أربعة مشاريع لمحطات كبيرة حيوية لمعالجة مياه الصرف في العين وأبوظبي بطاقة إجمالية قدرها 810 آلاف متر مكعب يومياً بنهاية العام الحالي. ولكن مشاريع أبوظبي العملاقة في مجالات المياه والصرف الصحي، كان لها دور رئيسي في توافد شركات مقاولات من الإمارات الشمالية للعمل بالعاصمة في هذه التخصصات، وهو ما أدى إلى اشتعال المنافسة بين الشركات، بحسب عبده. وينظر الزعبي إلى أن تباطؤ أعمال العقارات وتزايد نشاط عقود الصرف الصحي أفرز شركات غير متخصصة في مشاريع البنية التحتية. ويرد عليه عبده بالقول «شركات المقاولات المتخصصة بالإنشاءات لجأت للعمل في قطاعات المياه والصرف الصحي، وتستعين بشركات متخصصة للعمل معها بعقود من الباطن في هذه القطاعات». وأضاف «على سبيل المثال فإن إحدى الشركات الكبرى العاملة في إنشاء الأبراج السكنية فازت مؤخرا بمناقصة أعمال مياه ومجاري بالمنطقة الغربية بقيمة 1,5 مليار درهم، إلا أن هذه الشركة استعانت بشركتنا لتنفيذ أعمال الصرف الصحي من الباطن». وأوضح عبده أن شركته تركز حالياً على مشروعات صرف مياه الأمطار وأعمال المياه والصرف الصحي التي يتم طرحها من خلال بلدية المنطقة الغربية لاسيما بمنطقة ليوا، فضلا عن مشاريع جديدة مع هيئة المياه والكهرباء بأبوظبي. وكان صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله قد أمر مؤخراً بزيادة الاستثمارات في الإمارات الشمالية في قطاع الماء والكهرباء لتصل إلى 5,7 مليار درهم. وقال الجمل «أغلب الشركات الكبرى تتجه حالياً للعمل بهذه المشروعات سواء بصورة مباشرة من خلال زيادة الكوادر الإدارية والهندسية لديها في هذه القطاعات، أو من خلال الشراكة والعمل وفق أسلوب الباطن». واعتبر الجمل أن تأخر الملاك وأصحاب المشروعات وشركات التطوير في سداد الدفعات، يدفع الجميع للسعي إلى الفوز بالمناقصات الحكومية في ظل التزام هذه الجهات بالسداد في المواعيد المحددة. وأوضح الجمل أن المستفيد الأول من المشاريع الحكومية في أبوظبي هي شركات المقاولات الكبيرة والتي تستحوذ على النسبة الأكبر من هذه المشاريع، نظرا لخبرتها بالعمل في أكثر من مجال. يذكر أن عدد شركات المقاولات المسجلة في أبوظبي عام 2010 شهد ارتفاعا ملحوظا، حيث أظهر مؤشر حركة شركات المقاولين والاستشاريين وقيد المهندسين أن هناك زيادة بنسبة 8,2% في حركة معاملات تصنيف المقاولين العام الماضي بنحو 1184 معاملة مقارنة بالعام 2009 البالغة 1094 معاملة. وبين المؤشر أن هناك أكثر من 1855 شركة مقاولات مصنفة في إمارة أبوظبي العام الماضي، مقارنة بنحو 1767 شركة مع نهاية العام 2009 وذلك بزيادة نسبتها 4,7%، فيما شهد العام الماضي أيضاً تسجيل 415 شركة مقاولات تصنف لأول مرة. إلى ذلك، قال الزعبي إنه وفقاً لرؤية أبوظبي 2030 هناك العديد من الخطط الموجهة من أجل مشروعات المياه والصرف الصحي التي تعد ركيزة أساسية لأية بنية تحتية لمناطق التطور الحديثة، فضلا عن وجود العديد من الخطط لإعادة تأهيل ورفع كفاءة مشروعات المياه ومياه الصرف الصحي القائمة، إضافة إلى خطط أخرى لتحسين نوعية المياه المنتجة. وكشف الزغبي عن انجاز مجموعة ماتيتو العالمية للهندسة والمقاولات مؤخرا 4 مشاريع لمعالجة مياه الصرف الصحي بأبوظبي بقيمة 650 مليون درهم، موضحاً أن المجموعة أنجزت خلال العام الماضي مشروع معالجة مياه الصرف الصحي بجزيرة السعديات بقيمة 150 مليون درهم، فضلاً عن مشروع معالجة مياه الصرف بجزيرة ياس بقيمة 200 مليون درهم. وأضاف الزعبي أن الشركة أنجزت أيضا مشروع معالجة مياه الصرف الصحي بمجمع الرويس السكني بقيمة 60 مليون درهم، بطاقة استيعابية 8 ألاف متر مكعب يوميا، فضلا عن مشروع معالجة مياه الصرف الصحي بالزعفرانة بطاقة 15 ألف متر مكعب يوميا، بقيمة تقدر بنحو 100 مليون درهم. وأوضح الزعبي أن جميع هذه المشروعات يتم تشغيلها وصيانتها حالياً بواسطة فريق عمل الشركة المتخصص في التشغيل والصيانة، موضحاً أن قيمة أعمال الصيانة بهذه المشاريع تقدر بنحو 140 مليون درهم. وأوضح الزعبي أن ماتيتو أنجزت خلال السنوات العشر الماضية أكثر من 100 مشروع لتحلية المياه ومعالجة مياه الصرف الصحي بجميع أنحاء أبوظبي، لاسيما ببعض الجزر مثل جزيرة داس والغزلان ودلما وصير بونعير وغيرها. وذكر أنه يتم إعادة استخدام المياه المنتجة من مشاريع معالجة مياه الصرف الصحي في ري الأشجار والمسطحات الخضراء، فيما يمكن الاستفادة من مشاريع تحلية مياه البحر في استيفاء المتطلبات التجارية والصناعية وإنتاج مياه عالية النقاء وخالية من الملوحة صالحة للشرب حسب المواصفات العالمية. على صعيد متصل، كشف الزعبي عن فوز الشركة مؤخراً بعدة مناقصات لتنفيذ عدد من مشروعات تحلية المياه ومعالجة مياه الصرف الصحي بالعاصمة، ومنها إعادة تأهيل ورفع كفاءة نحو 40 من محطات الضخ وشبكات الصرف الصحي في أبوظبي «المرحلة الأولى والثانية»، والقيام توسعات لزيادة القدرة الإنتاجية محطات معالجة مياه الصرف الصحي بكل من غويفات والمنطقة الغربية، وذلك بقيمة تقدر بـ 180 مليون درهم. وأضاف أن الشركة تباشر حاليا أيضا المرحلة النهائية لإكمال الواجهة المائية من مشروع تحلية مياه البحر في جزيرة داس التابعة لشركة أبوظبي للعمليات البحرية.