السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإسلام في إيطاليا.. بداية مبكرة للحوار الإسلامي الغربي

الإسلام في إيطاليا.. بداية مبكرة للحوار الإسلامي الغربي
30 أغسطس 2009 22:26
تُعد إيطاليا بشكلها الحالي أول دولة أوروبية تحتك بالإسلام بشكل مباشر، فقد وصل الإسلام إلى إيطاليا عبر ثلاث مناطق تتبع إيطاليا حالياً، أولاها جزيرة صقلية، وقد بدأ اتصال العرب المسلمين بصقلية منذ وقت مبكر عقب معركة ذات الصواري سنة 31 هـ في عهد خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه، وقد انتصر فيها أسطول المسلمين على الأسطول البيزنطي في ذلك الوقت. وجاءت بداية الاتصال الحقيقي ودخول الإسلام إلى صقلية، كما يشير سيد عبدالمجيد بكر في مؤلفه «الأقليات المسلمة في أوروبا» في عصر دولة الأغالبة وبالتحديد في عهد إبراهيم بن الأغلب الذي فتح الجزيرة بجيش قاده أسد بن الفرات عام (827 م)، وقد خضعت الجزيرة خلال الفترة الإسلامية لحكم الولاة الأغالبة أولاً ثم حكم ولاة الفاطميين، وأخيراً جاء الكلبيون الذين أزال النورمانديون سلطانهم من الجزيرة. أما المنطقة الثانية التي انطلق منها الإسلام إلى إيطاليا، فتتمثل في جزيرة سردينيا التي فتحها الأغالبة عام (809 م)، وورث الفاطميون حكمها عن الأغالبة في عام (909م) وبقيت سردينيا في أيدي الفاطميين قرناً آخر حتى استولى عليها ملوك الطوائف المسلمون بالأندلس في عام (1015م). وهكذا دام الحكم الإسلامي لجزيرة سردينيا أكثر من قرنين، وانتشر خلالها في الجزيرة، وفي نهاية الحكم الإسلامي لسردينيا حكمها أمراء مسلمون من أبنائها، ولكن التحالف المسيحي الذي تكون من دولتى بيزا وجنوا سيطر في النهاية على الجزيرة مع نهاية حكم ملوك الطوائف بالأندلس، وعندئذٍ تغير وضع المسلمين وشنت حرب الإبادة عليهم والتي كانت السبب الرئيسي في إخلاء الجزيرة من المسلمين وهجرتهم الجماعية عنها. وتمثل شبه الجزيرة الإيطالية بكاملها ثالث المناطق الإيطالية التي وصلها الإسلام، حيث توجه الأغالبة وفقاً لما أورده علي بن المنتصر الكتاني في كتابه «المسلمون في أوروبا وأميركا» إلى هذه المنطقة بعد احتلالهم جزيرة صقلية، فهاجموا مدينة برنديزى عام (836م) ثم استولوا على نابولي في السنة التالية لها، واستولوا على كابوه في عام (841م)، ودخلت جيوش محمد الأول الأغلبي مدينة روما عام (846 م) وأجبرت البابا على دفع الجزية. ويشير الكتاني إلى أنه بعد فترة استطاع التحالف المسيحي استرجاع بعض المدن الإيطالية على اثر الخلافات التي نشبت بين القوة الإسلامية في المشرق والمغرب فاسترجعت قوات التحالف المسيحي مدن باري، وبرنديزى في عام (870 م). وبرزت الجاليات الإسلامية في إيطاليا في العصر الحديث في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، عندما هاجر إليها بعض المسلمين من أوروبا الشرقية، ثم أتت هجرات إسلامية من المناطق الإسلامية التي خضعت للاستعمار الإيطالي في أفريقيا، وهاجر إليها بعض العمال المسلمين من تونس، ويضاف إلى هذا اعتناق بعض الإيطاليين الإسلام على مدى عقود وتوافد أعداد كبيرة من الطلاب المسلمين على إيطاليا في العقود الماضية. وتختلف التقديرات حول أعداد المسلمين في إيطاليا، إلا أنها تتراوح ما بين المليون والمليوني مسلم، وتقدر الباحثة الإيطالية فرانشيسكا باتشي عدد المسلمين في إيطاليا في كتابها «الإسلام قرب البيت» بمليون ومائة ألف مسلم يضاف إليهم أكثر من 50 ألف إيطالي اعتنقوا الإسلام، وهو التقدير الذي يقترب من تقديرات منظمة كاريتاس الكاثوليكية، التي أشارت في تقرير لها أصدرته عام 2007 إلى أن تعداد المسلمين في إيطاليا يبلغ مليوني مسلم ليكون الإسلام بذلك الدين الثاني في إيطاليا حالياً. وتشكل الجالية المغربية النسبة الأكبر من المسلمين في إيطاليا، إذ يقدر عددهم بأكثر من 300 ألف، ثم تأتي بعدها الجالية التونسية، ثم السنغالية، ثم المصرية، ولا يزيد المسلمون من أصل إيطالي على 5% فقط من مسلمي إيطاليا. وتنتشر المراكز الإسلامية في إيطاليا بشكل كبير حتى وصلت مع بداية 2009 إلى ما يزيد على 700 مركز إسلامي عبر مقاطعات إيطاليا العشرين، وتنتظم هذه المراكز في إطار هيئات إسلامية ضخمة، واتحاد الجاليات الإسلامية في إيطاليا والذي يضم حوالي 150 مركزاً إسلامياً، تليه الرابطة الإسلامية في إيطاليا، ثم المعهد الثقافي الإسلامي، والمركز الإسلامي بروما، وجمعية الاتحاد الإسلامي في الغرب لرعاية اللاجئين من أوروبا الشرقية. ونظراً لعدم اعتراف الحكومة سوى بمسجدين اثنين فقط في إيطاليا كلها، فقد قام مسلمو إيطاليا بإنشاء عدد من المراكز الإسلامية غير الرسمية، ونحو 300 مكان للصلاة تتوزع منها في شقق أو مواقف للسيارات. ويعد مسجد روما الكبير الذي يقع في الجزء الشمالي من روما في منطقة البريولي أكبر مسجد في أوروبا، حيث تزيد مساحته على 30 ألف متر مربع ويمكن أن يستوعب الآلاف من المصلين ويضم المركز الثقافي الإسلامي في إيطاليا، كما يمثل نقطة تجميعية ومرجعية في المجال الديني ويضم أيضاً خدمات ثقافية واجتماعية متصلة بطرق مختلفة مع العقيدة الإسلامية مثل مراسم احتفالات الزواج والجنازات والمؤتمرات وما شابه ذلك. ومن أبرز المشكلات التي تواجه المسلمين في إيطاليا -كما تؤكد فرانشيسكا باتشي- شأنها شأن باقي دول الغرب- حدة التوتر بين المجتمع الإيطالي في كافة المدن والمهاجرين، لا سيما العرب والمسلمين منهم مما يجعل المسلمين مضطرين في كل الأحوال إلى التبرير والإعلان عن معارضتهم ورفضهم في كل المناسبات للعنف وتأكيد أن هناك إسلاماً معتدلاً، وأن القرآن لا يدعو لقتل الآخرين لمجرد الاختلاف في وجهات النظر أبداً. وتأتي أزمة المساجد على رأس مشكلات المسلمين في إيطاليا، حيث تتخذ الحكومات الإيطالية -خصوصاً الحالية- من إغلاق المساجد ومنع بنائها منهجاً لوقف نمو الإسلام في إيطاليا، كما أن عدم اعتراف الدولة الإيطالية بالإسلام يعد من أهم المشكلات التي تواجه المسلمين في المجتمع الإيطالي، وهو الأمر الذي يؤدي إلى منع عرض المواد الدينية الإسلامية على القنوات التليفزيونية الخاصة وبث البرامج الإسلامية، كذلك منع دفن المسلمين على الطريقة الإسلامية، بالإضافة أيضاً إلى مشكلة عدم توافر المواد الإسلامية باللغة الإيطالية، الأمر الذي يشكل حجر عثرة أمام تقدم الإسلام في إيطاليا.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©