الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التوبة في مدرسة رمضان

التوبة في مدرسة رمضان
30 أغسطس 2009 22:25
في رمضان فرصة رائعة للتوبة إلى الله سبحانه، والمدقق في قصة الإنسان الأول مع إبليس ليرى أنه ارتكبت معصيتين: المعصية الأولى: ارتكبها إبليس إذ رفض طاعة الله تعالى في السجود لآدم عليه السلام «وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ « البقرة 34-35 والمعصية الثانية: كانت من آدم وزوجه حين أكلا من الشجرة التي نهاهما الله عز وجل عن الاقتراب منها «وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ، فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ» البقرة 35-36 غير أن كلاً من الفريقين اتخذ موقفاً مغايراً للآخر؛ فأما إبليس فقد أصر على معصيته إذ سأله ربه عز وجل، وادعى أنه أفضل من آدم عليه السلام، «قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ» الأعراف12 واستكبر إبليس وغوى وادعى أن الله تعالى هو الذي أغواه «قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ» الحجر 39 وبذلك فقد نسب الظلم إلى الله تعالى ، فطرده الله عز وجل من الجنة بسبب إصراره على المعصية والغواية، «قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ ، وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ « الحجر 34-35. وأما آدم عليه السلام وزوجه فقد أدركا خطيئتهما، وأقرا بذنبهما، وحين عاتبهما الله تعالى « أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ» الأعراف 22، رجعا إلى الهداية، ونسبا الظلم إلى أنفسهما، و « قالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ» الأعراف 23 ، فجاء قبول التوبة من الله تعالى «فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ» البقرة37 . وكانت النتيجة أن أهبط آدم وزوجه من الجنة «قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ» البقرة 38 وقد ورد في الأثر أن آدم حين أهبط من الجنة بكى بكاء لم يبكه أحد، فلو وضع بكاء داود على خطيئته، وبكاء يعقوب على ابنه ، وبكاء ابن آدم على أخيه حين قتله، ثم بكاء أهل الأرض ما عدل ببكاء آدم عليه السلام حين أهبط. وقد اعتبر آدم أن إخراجه من الجنة حرمه من جوار الله سبحانه وتعالى كما ورد في الأثر أن آدم وزوجه «نوديا من فوق العرش: اهبطا من جواري فإنه لا يجاورني من عصاني. قال: فالتفت آدم إلى حواء باكياً وقال: هذا أول شؤم المعصية أخرجنا من جوار الحبيب» وباعتبار أن الإنسان عرضة للنسيان والخطأ، إذ إن كل بني آدم خطاء، كما ورد في الحديث الصحيح عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ» فينبغي أن يكون مثل خير الخطائين (آدم عليه السلام ) ، فيبادر بالتوبة النصوح، والاعتراف بالذنب، ويطلب من الله تعالى المغفرة و الرحمة، وهذا هو موقف آدم عليه السلام، وليحذر المسلم العاصي أن يكون مثل شر الخطائين (إبليس) فإذا سألته: لماذا تعصي الله تعالى ؟ فيجيب بأن القدر الإلهي ساقه إلى المعصية مرغماً! وكأنه آلة ليس لها إرادة، أو حيوان لا عقل له ولا حرية ولا اختيار! وتجدر الإشارة إلى أن الله عز وجل أمرنا بالطاعة، ونهانا عن المعصية، ويحاسب الناس على ما عملته أيديهم» فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ» الزلزلة 7 ـ 8 ، وإن الدرس المستفاد يتمثل في الحكمة الخالدة : الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل. د. محمد بسام الزين drbassam@eim.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©