الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المغتربون في رمضان طبقهم اليومي خليط من ألم وشوق وحنين

المغتربون في رمضان طبقهم اليومي خليط من ألم وشوق وحنين
30 أغسطس 2009 22:24
كثيرة هي المعاني التي يحملها رمضان، لعلَّ أهمها الشعور بدفء العائلة وصلة الرحم، وجمال التواصل بين الأهل والأقارب، وما يوفره من فرص للالتقاء على موائد الإفطار، فما أجمل المائدة التي يجتمع عليها كل أفراد العائلة يتناولون الفطور في سعادة، وهم يتجاذبون أطراف الأحاديث، ويتبادلون الذكريات في جو رمضاني دافئ، تهل فيه علامات البهجة والسرور، ويعم الفرح والانشراح، ويلتقي الجميع على الود ويفترقون على الشوق، لكن كيف يبدو الحال في غياب كل هذه الأحاسيس، عندما تفرق الغربة بين الأهل، وتباعد بين من اضطرتهم ظروف الحياة لترك أسرهم وعائلاتهم، والارتماء في أحضان الغياب. هذا هو حال المغتربين الذين حولوا أوقاتهم الرمضانية في بلدان الاغتراب إلى جلسات حميمة مع الأصدقاء، تحاكي الألفة الأسرية التي حرموا منها، فيستعيدون بتجمعهم في الغربة الأيام الجميلة، وأمنياتهم أن يجتمعوا في وطنهم. الغربة صعبة ترك علي عمر أهله في سوريا من أجل لقمة العيش، وهو يصف شعوره بالقول: «للضرورة أحكام، ولكل إنسان ظروفه الخاصة، أنا واحد من الذين أجبرتهم الظروف على قضاء رمضان بعيداً عن الأهل، وأنا أشتاق إليهم كثيراً، وأتمنى أن أكون معهم، خاصة في هذا الشهر الفضيل، صحيح أنَّه لدي هنا الكثير من الأصدقاء الذين يعوضون الألفة والمحبة والسمر، إلا أنني أذرف الدموع عندما يحين موعد أذان المغرب». يبتسم ليضيف قائلا: «أفتقر إلى الجلسات العائلية، وطبخ والدتي، والتسامر مع إخوتي في رمضان، ولكني لا أملك سوى الصبر والدموع». أجواء حميمية محمد الأحمد، مقيم في أبوظبي، يصف حنينه إلى الأهل قائلاً: «صحيح أنَّ أجواء رمضان هنا جميلة، لكنني كنت أتمنى قضاء رمضان مع الأسرة، فقد مللت من إعداد الطعام بنفسي، حيث إنني أستذكر أسرتي كلما حل موعد أذان المغرب، أو كلما عزمت على إعداد وجبة الإفطار بنفسي». يضيف: «مع ذلك أجد في رمضان شهراً يخرجنا من الضيق، ويخفف عنا آلام غربتنا القاسية، وبعدنا عن أهلنا، هذا هو حال الدنيا، ولا نستطيع عمل شيء حيال ذلك». يصمت محمد قبل أن يضيف: «رغم مرور عدة سنوات على وجودي في أبوظبي، إلا أنني أشعر في كل رمضان، كأنني أقضي هذا الشهر الفضيل للمرة الأولى بعيداً عن أهلي». سنة أولى غربة يعمل غالب جلال في إحدى الشركات، وهو الذكر الوحيد في أسرته التي يمضي رمضان بعيداً للمرة الأولى، يقول عن التجربة: «أنا معتاد على مساعدة أمي وأخواتي في المطبخ، ولا أشعر بطعم الأكل إلا إذا شاركت في إعداد بعض الأصناف لتقديمها على مائدة الطعام، وخلال شهر رمضان أكون أول من يدخل المطبخ لإعداد بعض الأكلات التي تقدم على مائدة الإفطار، لكنني هذا العام أفتقد الألفة والتراحم والفرح، وأحن إلى تلك الأيام التي كنت أجلس فيها مع الأسرة على مائدة الإفطار، وتلك الضحكات المرسومة على وجه والدتي، وتلك الجلسات الممتعة التي كنت أقضيها مع إخوتي». يسترجع غالب ذكرياته ويقول: «أمضي الكثير من الأيام الرمضانية في التهليل والعبادة، ورغم يقيني أن الوالدة تشعر بالضيق لغيابي، وتبكي كثيراً لفراقي، وبعدي عنها في رمضان، إلا أنني واثق من أنها ستتفهم ظروف عملي، وأدعو الله أن يصبِّرها على فراقي». تعارض الوقت بدوره، يشكو مهند عبد الرؤوف من أنَّ مواعيد عمله تحول دون تأديته لصلاة التراويح في المسجد خاصة، أو حتى في البيت، مما يسّبب له مشكلة حقيقية وكبيرة. هو يعتبر أنَّ شهر رمضان هو شهر «قرآن وتراويح»، مشيراً إلى أنَّ سيفتقد، بفعل دوام العمل، كثيراً من روحانيات الشهر الفضيل التي ينتظرها كل عام. وبنغمة حزن يصف إبراهيم طبيعة موقفه قائلاً: «تواجهني أزمة إعداد الإفطار عند عودتي من العمل، حيث إنه لا يتبقى لي من الوقت الكافي سوى «ساعتين»، وسأقع بين رغبتي في التعبد وقراءة القرآن، وبين حاجتي لإعداد الطعام، ما يؤثر على مواعيدي في النوم، ومن ثَم الاستيقاظ للعمل». إنهاء الخصومات من جانبه، يستقبل محيي طه شهر رمضان بالفرح والسرور والتعبد، ويقول عن قدوم سيد الشهور: «نحاول قدر استطاعتنا الاستفادة من أيام هذا الشهر بالطاعات، والعمل الصالح والصدقات، أما الشوارع فنجدها تعج بالناس من مختلف الجنسيات، وكلهم تسودهم الفرحة والسرور، الكل يمشي والبسمة على وجهه، رمضان هو فرصة للمسلمين يجدر بهم أن يستغلوها في الطاعة والتقرب إلى الله، كما هو مناسبة لإلغاء كل الخصومات القائمة بين الأصدقاء أو الناس، وإزالة الزعل والكدر عن النفس، أمَّ بالنسبة لموضوع الغربة، فقد اعتدنا نحن المغتربين على زيارة بعضنا البعض في هذا الشهر الفضيل، وخصوصاً الذين بدون عوائلهم، فتجدنا نجتمع على الإفطار يومياً، وما يميز رمضان عن بقية الشهور هي المائدة العامرة التي تضفي على رمضان جواً خاصاً». رمضان اليمن مختلف يعبر رشيد الريس عن تجربته في تمضية شهر الصيام بعيداً عن الأهل بالقول: «رمضان في اليمن لا يوصف، فهو بين الأهل والأحباب والأقارب قمة في البهجة والسعادة، ولكن لكل إنسان ظروفه الخاصة، ونحن لنا ظروفنا التي أجبرتنا على البقاء في الاغتراب، وخصوصاً في شهر رمضان، وقد اشتقت كثيراً لقضاء رمضان في اليمن، ولكنني، مع بعض أصدقائي، نرَّوح عن أنفسنا باجتماعاتنا المستمرة طيلة اليوم». يضيف الريس: «أفراح وبهجة هذا الشهر تخفف علينا الكثير من آلام الفرقة والغربة التي تعتبر قاسية علينا لأنها تبعدنا عن وطننا وأهلنا، ولكن هذا هو حال الدنيا، ولا نستطيع عمل شيء حيال ذلك»
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©