الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الشائعات» خطر داهم يهدد استقرار الأمة الإسلامية

«الشائعات» خطر داهم يهدد استقرار الأمة الإسلامية
24 مارس 2011 21:20
حذر علماء الدين من خطر الشائعات على أمن واستقرار المجتمع العربي والإسلامي، في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها بعض الدول العربية، حيث تكثر وتنتشر الشائعات المدمرة والمحرضة على الفتنة وتسيل بسببها دماء الأبرياء. يقول الدكتور أحمد عمر هاشم ـ رئيس جامعة الأزهر الأسبق ـ إن دين الإسلام دعا إلى تحري الصدق، وحذر من الكذب، كما حث المسلم على التثبت من مصدر معلوماته وحذر المسلم من جهالة المصادر التي يتلقى عنها أخباره، قال تعالى:»يا أَيها الذين آَمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أَن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين» الحجرات الآية6، وفي السنة النبوية المطهرة ثبت عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قَال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب صديقا وان الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب كذابا» رواه البخاري ومسلم. أخطر أنواع الكذب وأكد ان الشائعات من أخطر أنواع الكذب، وقد جاء التحذير النبوي من قيل وقال، وقال ابن كثير: «وفي الصحيحين عن المغيرة بن شعبة: «أن رسول الله نهى عن قيل وقال»، أي: الذي يكثر من الحديث عما يقول الناس من غير تَثبُّت، ولا تَدبُّر، ولا تبَيُّن». وقد جاء تحذير النبي صلى الله عليه وسلم للمسلمين من انسياقهم للشائعات فقال صلى الله عليه وسلم: «كفى بالمرء كذبا» وفي رواية: إثما»أن يحدث بكل ما سمع» ويجب على المسلم إذا بلغه أمر لم يتحقق من مصدره عدم إشاعته، لأنه قد يكون من الكذب، وأن يطلب برهان هذا الخبر كما علمنا الله في سورة الحجرات. سوء الظن ويؤكد الدكتور نصر فريد واصل ـ مفتي مصر الأسبق ـ أن الشائعات الكاذبة من أخطر الرذائل التي متى فشت في أمة من الأمم‏، اضطربت أحوالها‏، وضعفت الثقة بين أبنائها‏، وانتشر فيهم سوء الظن المبني على الأوهام لا على الحقائق. وقال: من سمات الامم التي يكثر فيها عدد العقلاء الراشدين‏، أنها لا تروج فيها الشائعات ولا تلتفت الى الاراجيف‏، بل تموت تلك الشائعات والاراجيف فيها قبل ان تلتقط انفاسها لأن هذه الامم التي يكثر فيها العقلاء الأمناء‏، تراها في سلوكها تمحص الاخبار‏، وتراجع الأقوال‏، وتحكم المنطق السليم‏، ولا تصدق إلا ما قام الدليل على صدقه، ومنذ فجر التاريخ البشري‏، وإلى أن يرث الله الارض ومن عليها‏، والأشرار حريصون كل الحرص على نشر الشائعات الكاذبة لايذاء الاخيار‏، ولإلحاق الضرر بهم وللتهوين من شأنهم ولعل أكثر الناس تعرضا للشائعات والأراجيف الباطلة‏، هم الانبياء الكرام الذين أرسلهم الله تعالى لاخراج الناس من الظلمات الى النور‏، ولدعوتهم الى إخلاص العبادة لخالقهم الواحد القهار‏، ولحضهم على التحلي بمكارم الاخلاق‏، والحقد والحسد والعناد والانانية والأطماع وما يشبه ذلك من الرذائل‏، على رأس الأسباب التي تحمل أصحابها على نشر الشائعات والدليل على ذلك قصة آدم وإبليس كما وردت في القران الكريم: «وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة‏، ‏وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين» ولكن ابليس وهو العدو الأكبر لآدم ولذريته‏، لم يعجبه ما رآه من طاعة آدم لخالقه عز وجل‏، فوسوس اليه بأن هذه الشجرة التي نهاه ربه عن الأكل منها فيها ما فيها من المميزات‏، ولم يكتف بذلك بل أقسم له بأنه صادق فيما يقوله‏، وحرضه على أن الاكل منها سيجعله من الخالدين‏، وخدع آدم عليه السلام، بما أشاعه ابليس عن هذه الشجرة من خصائص‏، فأكل منها‏، فكانت النتيجة‏، أن أخرجه من الجنة‏، بسبب نسيانه‏، وضعف عزيمته‏، وتصديقه للأراجيف والشائعات، وهكذا نرى أن تصديق الشائعات، كثيرا ما يؤدي الى زوال النعمة‏، والوقوع في الأخطاء.‏ وأضاف: ونذكر هنا ايضا ما حكاه القرآن الكريم من شائعات، ومن تهم زائفة‏، حاول المشركون والجاهلون والمنافقون أن يلصقوها بالنبي صلى الله عليه وسلم حتى ينفض الناس عنه وعن دعوته التي تقوم على وجوب اخلاص العبادة لله الواحد القهار وقالوا عنه إنه ساحر‏، وإنه كذاب‏، وبأن ما جاء به من قرآن ما هو إلا أساطير الأولين‏، الى غير ذلك من الأقاويل التي لا يقبلها قلب سليم‏، قال تعالى‏:‏ «وعجبوا أن جاءهم منذر منهم وقال الكافرون هذا ساحر كذاب‏، أجعل الآلهة إلها واحدا‏، إن هذا لشيء عجاب‏، وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم إن هذا لشيء يراد‏، ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق‏، أأنزل عليه الذكر من بيننا‏...» سورة ص، وهذا جانب من الشائعات الكاذبة‏، والاراجيف الفاسدة التي حرص المفسدون في الأرض على إلصاقها بالرسل وبالمصلحين‏، وما حملهم على ذلك الا العناد والحسد والتقليد الأعمى‏، والانقياد للهوى وللمآرب الشخصية‏.‏ صراع الخير والشر وقال د. نصر فريد واصل أن اكثر الناس تعرضا للشائعات الكاذبة‏، هم الرسل الكرام‏، والمصلحون المخلصون‏، والانقياء الأصفياء الأخيار‏، وهذا ثابت منذ فجر الإنسانية‏، والى أن يرث الله الأرض ومن عليها‏، فالصراع بين الخير والشر باق ما بقي الناس في هذه الحياة ومن الأدلة على ذلك ما أشاعه المنافقون في العهد النبوي‏، عن السيدة عائشة‏ رضي الله عنها من أراجيف، واقوال باطلة‏، مقصدهم منها التشكيك في نبوة النبي صلي الله عليه وسلم‏، وقذف السيدة عائشة رضي الله عنها في عرضها وفي طهارتها، وقد انزل الله تعالى ست عشرة آية من سورة النور برأ فيها السيدة عائشة مما أشاعه المنافقون عنها من اقوال سيئة وشهد سبحانه لها بالطهارة والنقاء‏، وعلم المؤمنين كيف يحاربون الشائعات بالسلاح الذي يدحضها ويمحقها‏، ويخزي الناطقين بها‏، ويفضحهم. وقد افتتحت هذه الآيات بقوله تعالى‏: ‏»إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لاتحسبوه شرا لكم‏، بل هو خير لكم‏، لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم‏، والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم» حيث نرى الوعيد الشديد لأولئك المنافقين الذين يحبون ان تشيع الفاحشة في الذين آمنوا كما يرى فيها أنجح الطرق‏، وأحكم الوسائل‏، لمحاربة الشائعات، حيث أرشد سبحانه المؤمنين الى أن يكتموا هذه الشائعات والأراجيف حتى تموت في مهدها‏، كما امرهم بأن يزجروا من يتفوه بها أو يعمل على ترويجها‏، وان يظهروا احتقارهم له‏، ونفورهم من مجرد سماعها‏، كما امرهم بأن يحسن بعضهم الظن ببعض‏، فالشائعات من أهم أسباب سوء الظن‏، وشدة الحقد‏، وقبح الافعال والأقوال‏. تحري الدقة إعلامياً وحذر الدكتور محمد الشحات الجندي ـ الأمين العام للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالأزهر ـ من خطر بث الشائعات المغرضة على امن واستقرار الدول العربية في المرحلة الراهنة. وقال: الشائعات تروج في زمن الفتن والاضطرابات، ونهيب بمن يمتلك الآلة الإعلامية أن يخرج للناس بالأخبار الصحيحة الموثقة حتى يقطع دابر الشائعات ويقطع على الناس طريق الوقوع فيها، وعلى وسائل الإعلام تحري الدقة، وعدم الوقوع في أعراض المسلمين والمسلمات ونقل الأخبار بلا تروٍ، فالإنسان مسؤول أمام الله عن لسانه وما يخطه بنانه قال تعالى: «إن السمع والبصر والفؤاد كل أُولئك كان عنه مسؤولا» وقال تعالى: «والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا». وحدة الكلمة والصف أكد الدكتور عبد المعطي بيومي ـ عضو مجمع البحوث الإسلامية وعميد كلية أصول الدين الأسبق ـ أن أهم ما يحتاج اليه الوطن العربي اليوم هو وحدة الكلمة والصف الواحد بين جميع أبنائه ودرء الفتن والمفاسد والبعد عن أي غضب والتمسك بالحكمة‏. وحذر ممن يسعون للنيل من استقرار الدول العربية وتشويه صورتها ومكانتها الكبيرة، وطالب الشباب بالتمسك بالحكمة والحفاظ على ما حققوه بعدم السماح لأي فرد بالاندساس أو ترويج الشائعات بينهم ودفعهم الى أغراض وأهواء أخرى‏، وقد جاء في القرآن أساليب لمحاربة الشائعات، ومنها الوعيد الشديد للمنافقين مروجي الشائعات، وإرشاد المؤمنين الى التكتم على الشائعات حتى تموت في مهدها، وينبغي علينا ألا ننساق وراء الشائعات المغرضة التي لا هدف لها الا هدم الوطن، ونعود كما كنا أخوة في الوطن العربي متحابين مترابطين لا تفرقنا شائعة، كما يجب على كل انسان عاقل الا يتحدث بكل ما يسمعه ولا ينشره حتى نقضي على الشائعة ونقتلها في مهدها، وألا ننساق وراء دعاوي توزيع وترويج عشرات الرسائل يوميا من دون تثبت أو تروّ، فقد تروّج شائعة تتسبب في هزيمة جيش، أو قيام حرب، أو قتل نفس، أو إفساد في الأرض، أو إقامة بدعة لا أصل لها أو هدم سنة ثابتة في الشرع، أو صرف المسلمين عن قضية من قضاياهم المصيرية، وقد يكون مصدر الشائعة غير المسلمين.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©