الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اليابان والأمن البحري لماليزيا

13 مايو 2017 22:24
خلال الأسبوع الماضي، تحدثت سلسلة من التقارير الصحفية عن أن ماليزيا تحاول التقارب مع اليابان طمعاً منها باحتمال عقد صفقة لشراء طائرة مخصصة لتنفيذ طلعات دورية في البحار. وقالت مصادر مطلعة إن كوالا لامبور يمكن أن تتسلم الطائرة قريباً. ورغم أن تفاصيل الصفقة لا تزال غامضة وغير مؤكدة، فإنها ألقت الضوء على العلاقات الأمنية المتينة بين ماليزيا واليابان، وعلى المحاولات التي يبذلها البلدان لتقويتها وتعميقها مستقبلاً. وتقوم بين ماليزيا واليابان علاقات متينة تعود لعدة عقود، وعلى الرغم من أن محللي السياسة الخارجية الماليزية ميّالون لتركيز اهتمامهم على التحالف مع الولايات المتحدة والتقرب من الصين، كشأن العديد من دول جنوب شرق آسيا، فإن لهذا البلد علاقات قوية مع شركاء آخرين مثل اليابان وأستراليا. وفيما تشدد العلاقات اليابانية الماليزية بشكل خاص على النواحي الاقتصادية، فإنها تعدّت ذلك في الآونة الأخيرة لتتضمن أيضاً التعاون في القضايا الأمنية، بما فيها الأمن البحري، وضمان السلام العالمي، وتقديم المساعدات الإنسانية لمستحقيها، والتصدي للكوارث الطبيعية. واحتل الأمن البحري الجانب الأكبر من اهتمام البلدين، خاصة لأن اليابان تساعد ماليزيا على التصدي لأخطار الإرهاب والقرصنة البحرية وتقدم لها المساعدة من أجل تطوير قواتها البحرية المتواضعة حتى تتمكن من التصدي للأخطار الأمنية البحرية، بما فيها الاستفزازات العسكرية الصينية المتزايدة في بحر الصين الجنوبي. وعندما رفع البلدان العلاقات القائمة بينهما إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية في عام 2015، برزت مؤشرات تدل على أن طوكيو راغبة في زيادة سرعة مساعدتها «للوكالة الماليزية للحماية البحرية»، وأن الطرفين يعتزمان توقيع اتفاقية تهدف إلى تبادل المعدات والتجهيزات الدفاعية والتكنولوجية بسرعة أكبر. وظهرت بوادر تشير إلى أن تحقيق هذه الأهداف أصبح أكثر قرباً. وعلى سبيل المثال، عندما قام رئيس وزراء ماليزيا نجيب رزاق بزيارة إلى اليابان في شهر نوفمبر الماضي، بعد زيارته للصين، كان من بين بنود مباحثاته مع المسؤولين اليابانيين بند يتعلق بشراء طائرة مستعملة للاستطلاع والمراقبة البحرية تابعة للأسطول الياباني. ويوم 5 مايو الماضي، أكدت صحيفة «نيكاي آسيان ريفيو» اليابانية، نقلاً عن مصادر موثوقة في «وكالة الاستحواذات والتكنولوجيا والخدمات اللوجستية» التابعة لوزارة الدفاع اليابانية، أن ماليزيا طلبت من اليابان شراء طائرة دورية بحرية من طراز «بي-3سي» سبق لها القيام بمهمات استطلاع لصالح قوات الدفاع البحرية اليابانية، وأشارت إلى أن طوكيو تبحث عن الأساليب والمخارج القانونية المناسبة لتسليم الطائرة لماليزيا مجاناً. وسرعان ما تم تأكيد المعلومات الواردة في التقرير من طرف العديد من الوكالات الإخبارية على الرغم من عدم صدور أي تأكيد رسمي لما ورد فيه. وليست ماليزيا الدولة الوحيدة التي أعربت عن اهتمامها باستيراد المعدات والتجهيزات التكنولوجية الدفاعية اليابانية، منذ أن أعلنت طوكيو عن تسهيلات كبيرة في هذا المجال وعقب عقود من الحظر التام. ولدى سؤال قائد القوات الجوية الماليزية «أفندي بوانج» حول هذا التطور، قال إن الأمر يمكن أن يندرج ضمن إطار الشائعات لأن القوات الجوية الملكية الماليزية لم تتسلم أي عرض أو قرار من هذا النوع منذ مدة طويلة. ولا يشك «أفندي» في أن المسؤولين في وزارة الدفاع الماليزية قد عبروا بصدق عن حاجة بلادهم الملحة لتعزيز قدراتها الدفاعية وخاصة في المجال البحري، وحيث تفتقر للعدد الكافي من الطائرات والسفن الضرورية لمراقبة مياهها الإقليمية التي تنتشر على مسافات شاسعة. وحتى يتمكن الطرفان من استكمال هذه الصفقة، فإن الأمر يتطلب استكمال بعض الإجراءات الضرورية، ومن أهمها أن اليابان تحتاج إلى التوصل لعقد اتفاقية مع ماليزيا لتزويدها بالمعدات الدفاعية والتكنولوجية، وهي الاتفاقية التي لا زالت قيد التفاوض بين الطرفين. وربما يمكن اعتبار ما حدث استمراراً لخط أصبح متبعاً في وزارة الدفاع اليابانية وحيث عقدت العام الماضي اتفاقية مع الفليبين تسمح بتزويدها بخمس طائرات متخصصة بالدوريات البحرية من طراز «تي سي-90 كينج إير». ويتطلب الأمر خطوات إضافية حتى تتضح الصورة تماماً، لأن اليابان ذاتها تحتاج لتعديل قانونها المحلي حتى تتمكن من بيع أو منح الأصول العسكرية التي تمتلكها للدول الأخرى مجاناً أو بأثمان رخيصة، وهو ما يحاول المسؤولون اليابانيون تحقيقه، ووفقاً لما ذكره التقرير الأصلي، فإنه من الممكن أن تقرر طوكيو إجراء بعض التعديلات على الطائرة المذكورة قبل تسليمها لماليزيا، بما في ذلك انتزاع الأنظمة التكنولوجية منها، والتي يبدو لليابانيين أنها ذات حساسية بالغة للحد الذي لا يجوز معه السماح للغرباء بالاطلاع عليها. *محلل سياسي أميركي متخصص بشؤون جنوب شرق آسيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تريبيون ميديا سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©