الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

غموض وتوجهات الجوائز الأدبية العربية أمران طبيعيان

غموض وتوجهات الجوائز الأدبية العربية أمران طبيعيان
30 يونيو 2008 22:55
نظمت في الجزائر مؤخراً ندوة أدبية بعنوان''الجوائز الأدبية:هل هي تتويج للإبداع أم ترويج لأصحابها؟'' وشارك في الندوة الأديبة آسيا موساي رئيسة رابطة ''كتاب الاختلاف'' والأديب المخضرم قدور محمصاجي· واستهل المشرف على الندوة الشاعر جيلالي نجاري طرح موضوعها بالإشارة إلى مرور الساحة الثقافية العربية بفترة جفاف وجفاء للأدب والأدباء غابت فيها كل مظاهر التكريم حتى تسرب الشك إلى نفوس الأدباء العرب بإمكانية أن يحظوا بالتكريم بدورهم على غرار ما يحصل في فرنسا وبريطانيا واسبانيا ودول أخرى من تكريم للمبدعين، ودون سابق إنذار، انتهت الجفوة وتهاطل''وابل'' من الجوائز والتكريمات من كل حدب وصوب وهو ما يثير ارتياح المثقف العربي واعتزازه، ولكن: لماذا بقيت مقاييس الجوائز الأدبية العربية غامضة أو خاضعة لتوجهات أصحابها الإيديولوجية والسياسية؟ ولماذا يطعن الكتاب في لجان التحكيم؟ وهل تصنع الجوائز كتابا جيدين؟ وأحال الكلمة إلى الأديب قدور محمصاجي الذي فضل العودة إلى الفترة التي أعقبت استقلال الجزائر في صيف 1962 حيث التقى كتابا جزائريين معروفين أمثال كاتب ياسين ومولود معمري ومحمد الميلي وآخرين وأسسوا اتحاد الكتاب الجزائريين في ·1963 ولتفعيل الساحة الأدبية الجزائرية، قرروا إنشاء جائزة لأحسن الأعمال الأدبية ومنحوا أول جائزة في تاريخ الجزائر المستقلة مناصفة للشاعر الكبير محمد العيد آل خليفة وللروائي محمد ديب صاحب''الثلاثية''، وبذلك تم تكريم الأدباء الذين يكتبون بالعربية في الجزائر ونظرائهم الفرنكفونيين، وذلك يوم 14 ديسمبر 1966 إلا أنه لم يكتب لهذه الجائزة النجاح والاستمرارية· واكتفى محمصاجي بهذا القدر ليترك الكلمة للأديبة آسيا موساي التي تحدثت عن تجربة جمعيتها الثقافية''كتاب الاختلاف'' في تسيير جائزة ''مالك حداد للرواية الجزائرية المكتوبة باللغة العربية'' والتي تشرف عليها وتمولها الروائية الجزائرية الشهيرة أحلام مستغانمي حرصا منها على الترويج لأعمال أبرز الكتاب الجزائريين على المستوى العربي لاسيما وأن مستغانمي معجبة جدا بالروائي الجزائري مالك حداد الذي كتب روايات متميزة بالفرنسية لا تزال تحظى بشهرة وانتشار واسعين في الجزائر، لكن حدَّاداً لم يكن سعيداً بهذا النجاح وتوقف عن الكتابة بالفرنسية بعد أن فقد الشهية في ذلك وأراد الكتابة باللغة العربية ولم يستطع بسبب تكوينه الفرنكفوني، ومات وفي حلقه غصة كبيرة، وقد شعرت به أحلام وهي''تنتقم من هذا الجرح الآن عبر هذه الجائزة الجديدة التي تشجع تحديداً الأدباء الجزائريين الذين يكتبون بالعربية''· وأضافت موساي أن رابطة''الاختلاف'' حاولت منذ البداية تفادي المآخذ على بعض الجوائز العربية الاختيار على أساس الصداقة والمحاباة، واعتمدت أن تكون لجنة التحكيم غير جزائرية برغم ما أثاره ذلك من انتقادات على أساس أنها تقزيمٌ لكفاءة الأدباء الجزائريين، وقال موساي: هذا خطأ، الجائزة أساسها المصداقية، وبفقدانها تفرغ أية جائزة أدبية من محتواها مهما كانت قيمتها المالية، ولهذا السبب تظهر جوائز ثم تموت، وهو ما حاولت الرابطة تفاديه باختيار لجنة تحكيم عربية تُغيَّر كل عام ولا تعلن أسماء أعضائها إلا أثناء الإعلان عن النتائج والتتويجات فضلاً عن تسليمها الأعمال المُرشحة على شكل مخطوطات خالية من أسماء أصحابها، وهذا للحؤول دون وقوع حالات تعاطف على أساس صداقة قديمة أو معرفة مُسبَّقة بين أي مرشح وأي عضو في اللجنة· وفي هذه الثناء تم الاتصال هاتفياً بالشاعرة اللبنانية جمانة حداد للحديث عن تجربتها في تسيير جائزة ''البوكر'' في نسختها العربية، فأكدت أنه عادة ما تكون هناك نظرات ارتياب إلى الجوائز الأدبية، لكن الوضع اختلف مع جائزة''البوكر'' التي تتمتع بمصداقية أدبية عالية، والروايات الناجحة تُختار على أساس قيمتها الأدبية لا غير، وأعضاء لجنة التحكيم لا يُكشف عن أسمائهم من قبل كما تتم دراسة كل الأعمال المرشحة بشفافية كاملة، فضلاً عن دعم مؤسسة الإمارات للجائزة وشفافيتها أضفى المزيد من المصداقية على هذه الجائزة وأبعدها عن كل الشبهات التي قد تثار عن الراعي المالي للجائزة· وعن دور الجوائز العربية في الإشهار للمؤسسات التي تقف وراءها، ردت جمانة حداد بالتأكيد أنها تدعم أولاً الكاتب العربي مالياً، ثم ''لنفترض في أسوأ السيناريوهات أنها تروج للجهات الداعمة لها، هذا أمر طبيعي جدا، وحتى جائزة نوبل تعمل على إبقاء اسم مؤسسها حيا على مر الأجيال دون أن ينقص ذلك شيئا من قيمتها وهيبتها''· وأعيدت الكلمة إلى آسيا موساي التي تحسرت لجمود الجوائز الأدبية في الجزائر برغم أنها كانت السباقة إلى منح أول جائزة أدبية في ،1966 آنذاك لم تظهر بعد بعض الدول الخليجية، وبعد ظرف قصير حققت تقدما مذهلا في شتى المجالات بينما بقي الوضع الأدبي الجزائري يراوح مكانه· وانتقدت غياب الدعم الرسمي للأدباء الجزائريين وقالت إن الترويج الإعلامي لجائزة مالك حداد ضعيف ولاسيما على صعيد الإعلام الرسمي، كما غابت كل الجهود للترويج للجائزة عربياً بينما تحظى ''جائزة الشيخ زايد'' و''البوكر'' وجوائز عربية أخرى بما تستحق من رواج إعلامي على المستوى العربي· وأثناء فتح المجال للنقاش، تحسر الأديب الطاهر يحياوي لعدم وجود تقاليد مؤسسة في هذا المجال في الجزائر وترك الجمعيات الثقافية وحدها تتخبط دون دعم برغم دور الجوائز والتكريمات في نشر الأدب وتشجيعه وضرب مثلاً بدور عطايا الملوك للشعراء في بلاطهم منذ القديم في تطور الشعر· أما الدكتور عمر بوساحة فقال إنه كان يود التعمق أكثر في الموضوع من خلال مناقشة إشكالية الجوائز بين التسييس والمصداقية انطلاقا من أنموذج نوبل· وتأسفت الدكتورة خديجة زتيلي،أستاذة الفلسفة بجامعة الجزائر، لاقتصار الجوائز على الروايات فقط بينما تُهمش باقي الألوان الأدبية بشكل واضح فضلاً عن تهميش العلوم الاجتماعية والمجالات المعرفية والفكرية الأخرى، بينما أيد الشاعر الجزائري المقيم ببريطانيا عمر أزراج إشراف كبار الأدباء والنقاد في المشرق العربي على جائزة''مالك حداد'' الجزائرية، إذ سيُسهم ذلك في نشر الأدب الجزائري المكتوب بالعربية والترويج له في المشرق·
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©