السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مساعدة العراقيات... أفضل استثمار أميركي

مساعدة العراقيات... أفضل استثمار أميركي
14 مايو 2010 20:58
بعد إنقاق ما يناهز تريليون دولار في العراق وسقوط ما لا يقل عن أربعة آلاف جندي أميركي ومائة ألف عراقي، وفي ظل صعوبة الجزم بنجاح أميركي على المدى البعيد في العراق... يبقى الوصول إلى مخرج مشرف هو ما سيحدد السياسة الخارجية الأميركية لسنوات قادمة؛ لذا يتعين على الولايات المتحدة، رغم نجاح الانتخابات العراقية الأخيرة، والاقتراب من خفض القوات الأميركية، التأمل قليلاً في سجلها المملوء بالإخفاقات عندما يتعلق الأمر بإنهاء مهماتها السابقة سواء في فيتنام عام 1975، أو أفغانستان خلال عام 1989، أو أخيراً في العراق سنة 1991. وفي كل ذلك، علينا تأمل دور النساء في الجهود التي بذلتها الولايات المتحدة الأميركية، فلا يخفى أن الحرب على الإرهاب هي في الأصل ساحة معركة تتصارع فيها الأفكار والقيم، بحيث يلعب فيها التعليم دوراً مهماً إن لم يكن أحد أسلحتها الأساسية، ومع الأسف نحن أمام ملايين العراقيين، بمن فيهم جيل كامل من الشباب، لا يعرفون شيئاً عن الأفكار والقيم الأميركية، إذ تقتصر معرفتهم على ما يرونه من جنود مدججين بالسلاح وعربات مصفحة تجوب شوارع مدنهم. غير أن الأمر لم يكن دائماً على هذه الحال، لا سيما خلال الحرب الباردة عندما ساهم عدد من البرامج التعليمية الأميركية، وتبادل الأستاذة الزائرين مثل منحة فولبرايت وغيرها في خلق أصدقاء للولايات المتحدة على مدى عقود من الزمن تمكن بعضهم من تولي مناصب قيادية في حكوماتهم، أو في القطاع الخاص. وإذا كانت الأموال التي صُرفت وقتها على جهود دعم التعليم في البلدان المختلفة، ومد يد الصداقة إلى شعوب العالم، لم تتجاوز أبداً النفقات العسكرية الضرورية، إلا أنها اليوم وبالمقارنة مع الحرب الباردة، اختفت تماماً فيما تضخمت النفقات العسكرية. والحقيقة أن القيمة السياسية والدبلوماسية الكبيرة للبرامج التي تستهدف التعليم والتلاقح الثقافي، لم تتراجع قط، ومازالت تلعب دوراً أساسياً في تعزيز المصالح الأميركية. فعلى أحد جوانب المعادلة التي بدأت تغيب عنها أميركا، توجد مدارس المتشددين التي تروج لكل ما هو متطرف وراديكالي، مهيئة الطريق لانتعاش الإرهاب والإرهابيين. وفي هذا السياق، يمكن الإشارة مثلاً إلى إيران ودورها الواضح في العراق، إذ تشير الإحصاءات إلى أنه مقابل كل عراقي يدرس في الولايات المتحدة هناك مائة آخرون يدرسون في طهران، وهو ما يدفعنا للتساؤل عن التأثير الذي يمكن أن يمارسه 500 عراقي درسوا في أميركا بعد خمس سنوات مقارنة مع 50 ألف تدربوا في إيران. وقد يتحول هذا الفارق الكبير في التأثير إلى "قنبلة" حقيقية تقوض المصالح الأميركية إذا لم تبادر إدارة أوباما، ومعها الكونجرس، إلى تدارك الهوة لكسب العراقيين وإنهاء مهمتنا في العراق من دون أن نخسر قدرتنا على التأثير. وبالطبع، ليس هناك من مجال لإعادة التوازن بين إيران وأميركا أهم من الاستثمار في النساء العراقيات ودعمهن للحصول على تعليم مميز. ومع أن الدور الكبير للنساء العراقيات كرسته العملية السياسية الحالية من خلال الدستور نفسه الذي خصص 25 في المئة من المقاعد البرلمانية للنساء، إلا أن هذا الدور اتضح بصورة أكبر في الانتخابات العراقية الأولى التي جرت في ديسمبر 2004 والتي مثلت إحدى اللحظات الفريدة والبارزة في الديمقراطية العراقية. ففي الوقت الذي امتنع فيه الرجال عن الخروج للإدلاء بأصواتهم، بسبب التهديدات التي أحاطت بعملية الاقتراع ومخاطر الإرهاب، تزعمت النساء العراقيات صفوف الناخبين وتوجهن مع بناتهن إلى مراكز الاقتراع للتصويت ليعقبهن الرجال فيما بعد. وقد تكون المشاركة الكثيفة للنساء العراقيات في الانتخابات بسبب رغبتهن في ضمان مستقبل أفضل لبناتهن وفرض حقوقهن في المشاركة السياسية واختيار من يمثلهن، وربما استشعرن أيضاً أنهن الفئة الأكثر تعرضاً للخسارة في حال فوز الإرهابيين وفرض أصواتهم. ومهما يكن الدافع، فعلينا التساؤل عما كانت ستؤول إليه الانتخابات العراقية والديمقراطية في الشرق الأوسط لو لم يخرج هؤلاء النساء للإدلاء بأصواتهن. واعترافاً منها بهذه الشجاعة، تقدمت إحدى مسؤولات البنك الدولي خلال الأيام الأخيرة من رئاسة بوش بمشروع إلى وزارة الخارجية الأميركية، تطلب فيه دعم برنامج لتمويل دراسة العراقيات في أميركا ورجوعهن لإعادة بناء وطنهن. وفيما أقرت المسؤولة بوجود برامج منح تستهدف النساء والرجال العراقيين، أكدت أن المنح التي تركز على النساء قادرة على تبديد التحيزات الثقافية ضدهن. ورغم موافقة وزارة الخارجية على المقترح، واستفادة خمس نساء عراقيات منه، إلا أنه سرعان ما توقف الدعم وضاع البرنامج في ردهات الوزارة. وقد شاركت ثلاث من هؤلاء النساء، إحداهن حصلت على شهادة في هندسة الطاقة من جامعة سانفورد، وأخرى تخصصت في الهندسة الإلكترونية والاتصالات، فيما فضلت الثالثة تكنولوجيا المعلومات، شاركن في ندوة نظمها مركز "وودرو ويلسون" بواشنطن، حيث تحدثن عن تجربتهن في أميركا وتفاؤلهن بمستقبل العراق، متطرقات أيضاً للتحديات الكبرى التي تنتظرهن في بلدهن. لذلك فالبرامج التي تركز على النساء وتسعى إلى تطوير قدراتهن، هي أهم استثمار تقوم بها الولايات المتحدة على المدى البعيد في بلد مثل العراق. برادفورد هيجينز مساعد سابق لوزيرة الخارجية الأميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©