الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العشر الأواخر.. سباق الأعمال الصالحة

العشر الأواخر.. سباق الأعمال الصالحة
24 يونيو 2016 21:02
أحمد السعداوي (أبوظبي) العشر الأواخر من رمضان، هي أيام وليالٍ مباركة تتنزل فيها الرحمات على عموم المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، ويكفي أن هذه العشر تضم ليلة القدر التي هي عند رب العالمين خير من ألف شهر؛ ولذلك ينبغي على الجميع الإكثار من الأعمال الصالحة وزيادة التقرب من الله سبحانه وتعالى، رغبة في الحصول على الأجر العظيم لهذه الأيام والليالي الفضيلة. جلسات القرآن ويقول خالد حسن المرزوقي، إنه يستعد للعشر الأواخر في رمضان بتغيير نظام البيت مع أهله وأبنائه، بشكل كامل من حيث النوم وقراءة القرآن والعبادات المختلفة، وتتم عمل جلسات لقراءة ودراسة القرآن مع إلغاء التلفاز، كما يقوم بجمع كل الأجهزة الإلكترونية في البيت مثل الآي باد والهواتف و«البلاي ستيشن»، ويضعها في مكان مغلق، ولا يفرج عنها، إلا بعد انتهاء رمضان، فيبقى المنزل خلال هذه الفترة فقط من أجل الكتب الدينية والقرآن، ويعود أبناءه على صلاة قيام الليل يومياً. ولفت إلى أنه في هذه الأيام، تتم مناقشة الأمور الدينية وعادات الرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم، وبتناول أهم الكتب الدينية مثل حياة الصحابة، ويطلب من أولاده أن يختاروا أحد الكتب الدينية ويقرؤونه ثم يبلغونه بالخلاصة عبر عمل تقديم سريع لما قرؤوه واستفادوه من الكتاب، مؤكداً أنه يجب على الجميع إدراك أن هذه الأيام المباركة التي تمضي لن تعود ولذلك يجب الانتفاع بها، وهناك قاعدة بأنه إذا أردت أن تكسب شيئاً عليك أن تخسر شيئاً، بمعنى أنه يجب التخلي عن متع الدنيا، خلال هذه الفترة من أجل كسب الأجر والثواب العظيم للآخرة. ودعا المرزوقي الوالدين أن يربوا أولادهم على النظر إلى العشر الأواخر بخصوصية، وأن يحسنوا اغتنامها من أجل إعداد جيل واعٍ ومتفتح، وهذا الجيل يمكن الاعتماد عليه مستقبلاً للبعد عن الجهل والتعصب مع الفهم السليم لصحيح الدين، خاصة أن الجهل دوماً هو السبب الرئيس في المشاكل كافة التي يعانيها أي مجتمع، ومن هنا يجب استغلال شهر رمضان للخروج من ظلمات الجهل إلى نور الدين والمعرفة الصحيحة. ركب الفائزين فيما يورد أحمد عتيق المحيربي، أن أفضل ما يقوم به المسلم في العشر الأواخر، الاعتكاف في المسجد إذا سمحت له ظروف العمل والبيت بذلك، وهو ما يحرص عليه سنوياً، حيث يحاول تخصيص هذه الأيام باستمرار إلى السفر إلى الأراضي المقدسة لأداء فريضة العمرة والاعتكاف هناك حتى انتهاء شهر رمضان، وإذا لم تتيسر له فرصة السفر ، يحاول الاعتكاف في أحد المساجد القريبة من المنزل، موضحاً أن هذه الأيام العشر تعتبر نزهية للنفس بعيداً عن عناء الدنيا ومشاغلها، وتأخذ المسلم إلى أجواء إيمانية رحمة يطمع فيها برضوان الله سبحانه وتعالى وغفران الذنوب عبر تأدية الكثير من العبادات والنوافل بأكبر قدر يستطيعه من الخشوع والتركيز. ويشير إلى أن الشخص الحصيف عليه أن يعد العدة لهذه الأيام، بحيث يعلم تماماً مقدارها، وأن ليلة القدر توجد فيها، ويحاول أن يكون في ركب الفائزين بالأجر العظيم لهذه الليلة، وهذا لن يتأتى إلا بالاستعداد المسبق لها، والحرص على تأدية الصلوات في جماعة داخل المسجد وقيام الليل وتلاوة القرآن بفهم وتدبر. أما أحمد عبد الحميد، فيذكر من ناحيته، أن أيام وليالي شهر رمضان كلها خير وبركة على المسلمين، ولكن العشر الأواخر تمثل أيقونة هذا الشهر الكريم لما فيها من أعمال عظيمة يتنافس فيها المسلمون من تراويح وتهجد وتخصيص مزيد من الوقت والتركيز لقراءة واستيعاب أكبر قدر من القرآن خلال شهر رمضان قبل رحيله؛ لأن الأجور في رمضان عظيمة ومضاعفة مقارنة ببقية أيام العام؛ ولذلك يعتبر شهر رمضان والعشر الأواخر تحديداً موسماً سنوياً ينجح فيه الكثير في تحقيق مكاسب وأرباح كبيرة ممثلة في الطمع بمغفرة ذنوبهم والفوز بحصيلة كبيرة من الحسنات تضاف إلى رصيد أي مسلم وتنفعه في الآخرة في يوم الحشر العظيم. أول رمضان وآخره ويقول الدكتور عبدالله سالم آل طه، أستاذ الفقه وأصوله المشارك في جامعة الإمارات، إنه قد يزداد حماس المسلم في الإقبال على الطاعة والاستزادة من فضائل الأعمال، وذلك أول شهر رمضان، كما جرت العادة، لكن لا يلبث أن يمضي على الشهر بضعة أيام حتى يبدأ الكسل والخمول يتسلل إلى النفس، فتجد الإقبال الذي ألفناه أول الشهر قد تراجع وقل. وهذا الأمر في الحقيقة طبيعة بشرية لا يمكن إنكارها، ولأجل ذلك جاءت الأحاديث والآثار الدالة على فضيلة أواخر شهر رمضان وضرورة الاهتمام بها والعناية بأوقاتها بمثل ما كان اهتمام المؤمن موجوداً في أول الشهر، بل وأكثر من ذلك، فيكتسب حينئذٍ المزيد من الدربة على الصبر والمصابرة في الطاعات. ويذكر أن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان حريصاً على ليالي العشر الأخيرة من رمضان أكثر من أوله، وكأنها لحظات التمسك بهذا الضيف الكريم قبل أن تحين لحظات وداعه وفراقه. تقول السيدة عائشة، رضي الله عنها: «كان، صلى الله عليه وسلم، يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها». وتقول أيضاً رضي الله عنها: «كان النبي، صلى الله عليه وسلم، إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله»، وشد المئزر فيه كناية عن الاستعداد للاجتهاد والتفرغ للأمر الذي يراد. وهذا الأمر يدل على فضل هذه الأيام حين خصها، صلى الله عليه وسلم، بمزيد اجتهاد واهتمام، بل إنه كان يوقظ أهله لأجل إحياء الليل بالقيام وذكر الله وقراءة القرآن، فهي ليالٍ معدودة مباركة، ولا بد من اغتنام هذه الفرصة العظيمة. لقد كان، صلى الله عليه وسلم، يخص هذه الليالي العشرة بالاعتكاف في المسجد، وفي ذلك تقول السيدة عائشة، رضي الله عنها: «كان النبي، صلى الله عليه وسلم، يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل». والاعتكاف يعني لزوم التفرغ لطاعة الله عز وجل، وهو من السنن الثابتة عن النبي، صلى الله عليه وسلم، وقد يكون الناس اليوم تناسوا هذه الشعيرة أو صعب عليهم التفرغ لها، خاصة مع انشغالهم في حياتهم ومصالحهم الدنيوية. ولكن لا يمنع أن يحقق المؤمن هذه السنة ولو بمكثه ساعات معدودة يأنس فيها مع ربه، ويخلو فيها مع نفسه بعيداً عن مشاغل الدنيا التي لا تنتهي. ليلة القدر ويورد آل طه، أن الله عز وجل، أقسم بالعشر الأواخر من رمضان في قوله: «وليال عشر» في سورة الفجر، وهذا على رأي جاء في تفسير الآية، وقيل أن المقصود العشر الأولى من ذي الحجة، ولا يقسم الله عز وجل على أمر إلا لمكانته وعظم شأنه. وفي هذه العشر المباركة من رمضان، لتأتي ليلة أشد بركة، قد أخبر الله عز وجل عن فضلها ومكانتها، إنها ليلة القدر، حيث جاء فيها سورة بأكملها هي سورة القدر، يقول فيها عز وجل: «إنا أنزلناه في ليلة القدر. وما أدراك ما ليلة القدر. ليلة القدر خير من ألف شهر. تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر. سلام هي حتى مطلع الفجر». فهي ليلة مباركة، العبادة فيها خير من ألف شهر كما أخبر عز وجل، وهي ليلة تتنزل الملائكة فيها أكثر من غيرها. ونزول الملائكة هنا دلالة على البركة والخير والرحمة التي تعم المسلمين في تلك الليلة. و قال عنها، صلى الله عليه وسلم، في الحديث الشريف: «من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدّم من ذنبه». فهي ليلة من الليالي العظيمة في الإسلام. وأكثر أهل العلم قالوا إنها في العشر الأخيرة من رمضان. واختُلف في أي ليلة من العشر هي؟ وقد رجح كثير من العلماء رحمهم الله أن ليلة القدر ليلة متنقلة، وليست ثابتة في كل عام، وأنها تكون في الليالي الوترية من العشر الأخيرة. فرصة رائعة ويبين أستاذ الفقه وأصوله المشارك في جامعة الإمارات، إنه حين نتحدث عن العشر الأواخر من رمضان لنتحدث في حقيقة الأمر عن لحظات الفراق الحزينة لهذا الشهر الكريم، التي لا بد منها حتمًا، فالحكيم إذًا من أدرك قيمة الوقت وشرف الزمان، وبادر بالصالحات قبل فوات الأوان، وعاهد ربه على ترك المحرمات من الأقوال والأفعال. إن شهر رمضان وبالأخص أواخره العشر، يعد فرصة العمر الرائعة والتي هي نعمة مهداة من الخالق عز وجل، يُراجع فيها الإنسان نفسه وموقفه من تحقيق التقوى في حياته، ولقد أثبتت الأيام وحوادث الزمان أن هذه الفرصة قد لا تعود لكثير من البشر! لقد أخبر عز وجل عن أيام رمضان بأنها أيام معدودات، تمر علينا دون أن نشعر بها، فكيف الحال إذًا بالعشر الأخيرة منه فقط؟! فالعاقل من اجتهد فيها رجاء أن يُخْتم له هذا الشهر بالمغفرة والرضوان والعتق من النيران. المدرسة الرمضانية ويقول آل علي، إن العشر الأواخر من رمضان بمثابة لحظات التخرج الأخيرة من المدرسة الرمضانية، والتي تدعونا إلى المحافظة على إنجازاتنا فيها، وما قدمناه من أعمال وطاعات نرجو فيها رضا الله عز وجل طوال أيام الشهر. ليكن في هذه العشر عهد بين المؤمن وربه بأن يستمر على الخير والصلاح بعد رمضان بل وفي كل أيام السنة مستعينا في كل ذلك بالله عز وجل.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©