الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مغارة «مار مارون» .. ثروة أثرية تبحث عمن يهتم بها في بيروت

مغارة «مار مارون» .. ثروة أثرية تبحث عمن يهتم بها في بيروت
31 مارس 2014 02:28
للسياحة أوجه عدة في لبنان، فهي نتيجة التنوع الثقافي والتاريخي للحضارات المختلفة التي مرت عليه.? ويقول المرشد السياحي في? البقاع الشمالي مروان عازار لـ«الاتحاد»: إن لبنان يعتبر من أغنى البلدان، الذي يجمع فيه عدداً من المعالم الأثرية الإغريقية والرومانية، والبيزنطية والصليبية، ومن المستوطنات البشرية التي تعود للعصر الحجري، إلى المدن الفينيقية، والمناسك المحفورة في الجبال، من كهوف ومغارات، إلى المساجد والحمامات العامة العثمانية في الشمال اللبناني. ولهذا وصف لبنان بأنه «فسيفساء في جمعه لهذه المعالم، وموسوعة لكل حضارات العالم». ومن بين الآثار الموجودة في لبنان، والتي لم تنل ما تستحقه من شهرة لتصبح مزاراً سياحياً، مغارة مار مارون التي ترصد مرحلة مهمة من التاريخ اللبناني. أصل التسمية من بين الأماكن الأثرية في لبنان مغارة مار مارون، ويوضح رئيس هيئة التضامن السرياني جوي حداد، أن تاريخ المغارة يعود إلى الحقبة ما بين القرنين الرابع والخامس الميلاديين بحسب مراجعه وأبحاثه، إذ تربط مغارة نبع العاصي بالراهب المسيحي السرياني مارون، رأس الطائفة المارونية، الذي ولد وعاش في النصف الثاني من القرن الرابع، والذي كان موجوداً ضمن منطقة سوريا بالجوفاء، وكانت عاصمتها? ?أنطاكية،? ?وعاد? ?وهرب? ?باتجاه? ?هذه? ?المنطقة? ?في? ?وقتٍ? ?كانت? ?فيه? ?الوثنية? ?قوية? ?الجذور? ?هناك. ويقول إن السيد مارون قبل مجيئه تنسّك على قمة جبل يبعد جنوباً نحو 3 كم بالخط المستقيم عن بلدة براد الواقعة في المنطقة الشمالية في سورية، وتبعد عن مدينة حلب 45 كم، و10 كم عن بازيليك مار سمعان العامودي، وزهاء 6 كم عن قلعة كالوتا. وتؤكد مراجع حداد التاريخية أنّ مغارة «مار مارون» وديره استُعملا من قبل نساك ورهبان بعد وفاته، وشكل هؤلاء الرهبان الذين كانوا يقطنون معه على ذلك الجبل ديراً عظيماً شيدوه على الطراز المعماري السائد يومها، وقد رأس الدير عدد من الرهبان المتتاليين، وأطلقوا اسم معلمهم على هذا الدير. وشكل هذا الدير نواة الكنيسة المارونية المعروفة اليوم، ونظراً للأهمية الكبيرة للموارنة، فقد أمر الامبراطور مرقيان توسيع الدير وتشييده، ووصل عدد الرهبان فيه إلى ما يفوق الخمسمائة راهب، وبعد أن تم بناء الدير، سافر «اغابيتس»، وهو أحد تلاميذ مار مارون المقربين إلى منطقة «افاميا»، وهي بلدة كبيرة، وأقام ديراً آخر، هو دير سمعان. ومن أبرز رهبان مار مارون، وبحسب المراجع: يعقوب القورشي وهو كبير التلامذة، وإبراهيم القورشي، وكورا ومورا الشريفتان من مدينة حلب، وموسى الحلبي. ويذكر حداد أن المغارة عُرفت بالقرون الوسطى بـ«مغارة الراهب»، ومن ثم أُطلقت عليها في الفترات اللاحقة تسمية «مغارة مار مارون». وترتفع المغارة نحو مائة متر عن الضفة الشرقية لنهر العاصي، وهي بمحاذاة نبع عين الزرقاء، وتشرف على منحدر شديد ينتهي في أسفل الوادي. وأضيفت إلى المغارة، التي يحصّنها موقعها الطبيعي، غرف تتدرّج على ثلاث طبقات ذات جدران مبنيّة من الطين، ولها نوافذ وقماريات، أيّ فتحات عمودية ضيقة، بعضها كان الرماة يستخدمونها للرمي بالقوس والنشاب. وامتد السكن إلى المغاور المحيطة بها، حيث أُنشئت صوامع، فأصبحت المغارة ديراً للصلاة والعبادة. وبحسب روايات المنطقة، لجأ السيد مارون إلى هذه المغارة مع بعض الرهبان المسيحيين، وجعلها ديراً له قبل أن ينتقل إلى قورش. وجهة السياح تزور الوفود الرسمية والسياحية هذا الدير للتمتع بجمال العمارة فيه من جهة، ولإضاءة شموع الأمنيات من جهة أخرى، لكنّ هذه الزيارات تبقى متواضعة بعض الشيء، ويغلب عليها الطابع الشعبي. وأما المغارة الأخرى الموجودة على مطلع نهر إبراهيم، الموجودة بمنطقة كسروان في جبل لبنان، قد تنسك بها أحد رهبان مارون أيضا، واسمه إبراهيم ما أدى إلى إطلاق اسمه على المغارة والنهر القريب منها. ويصف حداد المغارة، بوصفه إياها بـ«الثروة الأثرية»، إذ إنها معلم سياحي مميز. ويقول غزوان الطشم، صاحب معلم سياحي يقع على مقربة من المغارة «بلادنا مهبط السائحين من كل مكان يأتون ليروا آثارنا التي تحكي تاريخا، ومنها مغارة مار مارون، ما يحرك العجلة السياحية والاقتصادية في المنطقة»، مضيفا أنه «لا يغرب عن البال أن في إنعاش الحركة السياحية والدعوة إليها ما يوثق الصلات الاجتماعية والثقافية بيننا وبين الكثير من الدول والشعوب». وذكر رئيس المجلس الوطني للإعلام عبد الهادي محفوظ أن «المحافظة على هذه المعالم الأثرية من الثوابت والواجبات الوطنية، التي تحتم علينا المبادرة إلى بذل كل الجهود والطاقات التي تزيد من زيارة السائحين لبلادنا، وأن نوفر لهم السبل المريحة والكريمة بيننا لنفيد من ذلك كسباً اقتصادياً وسمعة طيبة»، لافتا إلى أن مغارة مار مارون لم تأخذ حقها مثل بقية الآثار الموجودة في بقية المناطق اللبنانية، كمكان فريد، وله خصوصية لا تضاهى، والأهم وجود دافع وشعور لا يمكن مقاومتهما الأثري والديني».(بيروت - الاتحاد)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©