الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

مؤتمر «الإمارات للدراسات» يدعو إلى تعزيز الترابط والتعاون الخليجي في المجالات كافة

مؤتمر «الإمارات للدراسات» يدعو إلى تعزيز الترابط والتعاون الخليجي في المجالات كافة
24 مارس 2011 00:16
خلص المؤتمر السنوي السادس عشر لمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، الذي اختتم فعالياته في أبوظبي أمس، إلى ضرورة تعزيز الترابط بين دول مجلس التعاون في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وفي كلمته الختامية للمؤتمر الذي جاء بعنوان “التطورات الاستراتيجية العالمية: رؤية استشرافية”، أكد الدكتور جمال سند السويدي مدير عام المركز أن مجلس التعاون “يواجه انكشافاً أمنياً وسياسياً واقتصادياً وثقافياً؛ الأمر الذي يفرض العمل على تحوله إلى اتحاد على غرار الاتحاد الأوروبي، وإنشاء جيش خليجي موحد، وامتلاك قوة نووية تواجه القوة الإيرانية، إن فشلت الجهود الدولية في منع إيران من امتلاك سلاح نووي، كما يلزم بناء القوة الداخلية، ومراجعة السياسات التي سمحت بأن تصبح دول المجلس سوقاً لعمالة العالم، وأن يتم تعزيز مفهوم المواطنة، ودعم المواطنة الخليجية”. وأضاف السويدي في ختام المؤتمر الذي امتدت أعماله وجلساته لثلاثة أيام في قاعة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في مقر المركز في أبوظبي، أن المؤتمر خرج بإطار عام لخطة طريق نحو المستقبل لدول مجلس التعاون تدعو إلى المشاركة السياسية الفاعلة باعتباره مطلباً لتحقيق التنمية وإرساء الاستقرار، وأن تقوم الرؤية الاستراتيجية الخليجية على متطلبات أساسية من أهمها: تعزيز المرونة المحلية، وزيادة الحوار الدبلوماسي مع الشرق والغرب، وتعزيز منظومة الأمن الإقليمي، والتركيز على الدبلوماسية الرسمية، والتقليل من الاعتماد على الدبلوماسية الشخصية، وصياغة الرؤية الاستراتيجية والعالمية الضرورية للمشاركة على الساحة الدولية. وأكد السويدي أن الوقت ليس في مصلحة المسيرة البطيئة في التعاون والتكامل الخليجي، فالضرورة تحتم اتخاذ خطوات وحدوية كونفيدرالية، تضمن تحقيق تطلعات شعوب الخليج، والعمل على إنشاء محكمة عدل خليجية تحل المنازعات، وتزيل العوائق الإدارية والبيروقراطية التي تحول دون التكامل بين مواطني دول مجلس التعاون. وتابع السويدي أنه ينبغي “مراجعة مفهوم السيادة الوطنية التي لو بقي التمسك بها لما نجح أي عمل جماعي، ويجب أن ننظر إلى استجابات دول المجلس للتحديات التي واجهت بعض أعضائه كسلطنة عمان ومملكة البحرين، ومن قبل التصدي لغزو العراق للكويت”. وشدد على ضرورة تكريس مفهوم المواطنة في دول المجلس، والارتقاء بمنظومة التخطيط الاستراتيجي، ومنح المواطنين أولوية في سوق العمل، وتعزيز المشاركة الشعبية في صنع القرار. ديمقراطية خليجية وأشار مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية إلى أن “دول مجلس التعاون لديها ديمقراطية خاصة بها متأصلة الجذور ومتعمقة في تقاليد الأوطان، وليست وليدة اليوم، وهذا لا يمنع من أنها تتطور يوماً بعد يوم بما يتوافق مع التقدم في التنمية، وتعد دولة الإمارات نموذجاً واقعياً لهذه الديمقراطية”. ولفت إلى أنه “لا يمكن حل الوضع في الدول التي تواجه الاحتجاجات اليوم إلا من خلال الجمع ما بين الاستقرار السياسي والاقتصادي والمعيشي والإصلاحات المحلية الهادفة إلى تعزيز التماسك الاجتماعي”. واعتبر الدكتور جمال سند السويدي أن إقامة مدن ذكية ستسمح للسلطات بأن تتوقع الهجمات والكوارث المختلفة، وتضع تدابير للحد من تداعياتها وخسائرها البشرية والمادية، داعياً إلى تطوير السياسات والهياكل التي تستخدم لمنع نشوب الصراعات بصورة فعالة، فضلاً عن أن تصبح حماية السكان الهدف الرئيس للسياسات الأمنية في المستقبل. ودعا إلى تعميم تجربة الإمارات على المستوى الخليجي، حيث أنشأت الدولة وحدة الاستقرار المالي، التابعة للمصرف المركزي، بحيث يقع على عاتقها رصد المخاطر المؤثرة في النظام المالي للدولة وتحديدها وتحليلها وتقديم التوصيات بشأن التدابير الحكيمة اللازمة للتعامل معها، واتخاذ الإجراءات التي تحد من التهديدات التي قد يتعرض لها هذا النظام. مرونة اقتصادية وشدد على ضرورة توافر المرونة الاقتصادية في اقتصادات دول الخليج، مثل التنويع الاقتصادي، والقوة في الميزانيات العمومية للقطاع المالي، وقدرة السلطات النقدية والمالية على الاستجابة الفعالة لإدارة الطلب. كما دعا إلى نهج تعاوني على المستوى الإقليمي لمواجهة مشكلة ندرة المياه باستغلال التقنية الحديثة، بهدف تقليل التكلفة وزيادة نطاق الاستفادة من الموارد المتاحة. وبين السويدي أهمية تمكين المرأة في كل المجالات، منوهاً بدور سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية رئيسة الاتحاد النسائي العام “أم الإمارات” في إتاحة الفرصة أمام المرأة الإماراتية في المجالات الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأمنية. وقدم مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية الشكر إلى الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة رئيس المركز، لرعايته الكريمة للمؤتمر. كما قدم الشكر والتقدير إلى الحضور من أصحاب السمو والمعالي والدبلوماسيين والسياسيين والإعلاميين ورجال الشرطة والقوات المسلحة والمحاضرين والمختصين. وقال السويدي: “نأمل أن تكون رسالتنا من عقد هذا المؤتمر قد حققت صداها المأمول من إبراز أهمية الدراسات المستقبلية، وأن نكون قد خرجنا من هذا المؤتمر ونحن أكثر معرفة بالقضايا والموضوعات التي أثيرت خلاله بعد أن ساعدت جلساته ونقاشاته الثرية على بلورة العديد من الآراء والأفكار، وألقت الضوء على تفاصيل كثيرة وأبعاد مختلفة”. وأضاف السويدي “إن مؤتمرنا هذا دليل حي وواقعي على أهمية دراسات استشراف المستقبل، ومناقشة أهم قضاياه الحيوية، ومشاركتكم الفعالة والمثمرة فيه تنمّ بوضوح كافٍ عن اهتمامكم بالقضايا والموضوعات المطروحة وحرصكم على التفاعل والمشاركة، وهذا يدفعنا إلى الثقة بالمستقبل. ونعرب عن أملنا في أن يتسع مجال النقاشات إلى مختلف الأوساط المعنية بقضايا المجتمع الخليجي وهمومه، وأن تجد الموضوعات والتوصيات الثرية التي طرحتموها خلال أعمال المؤتمر الصدى الملائم في دولنا. ومثل هذا العمل يجب أن تتواصل فصوله، ويترجم إلى واقع عملي لمصلحة المجتمع الخليجي”. قطبية عالمية تعددية وأوضح السويدي أن أيام المؤتمر الثلاثة شهدت خمس جلسات عرض خلالها 16 ورقة بحثية، خرجت بنتائج عدة أبرزها أن العالم يشهد توزيعاً جديداً للقوى، ينبئ بقطبية عالمية تعددية، عبر صعود قوى مهمة مثل: الصين والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا والاتحاد الأوروبي وروسيا، وحتى “مجلس التعاون” بما يتمتع به من قدرات. ولفت إلى أن هيمنة أميركا الصناعية ستتراجع مع تزايد المنافسة من آسيا، مع مواجهة الولايات المتحدة أزمة في التمويل. وستزداد التحديات أمام الدولار الأميركي بوصفه عملة الاحتياط العالمي، خصوصاً على يد الدول الناشئة التي قد تسعى إلى الاحتفاظ باحتياطها الاستراتيجي من العملات في شكل سلّة من العملات القوية، إلا أنه أشار إلى أن واشنطن تملك قدرة عظيمة على تصحيح سياساتها ورسالتها الآيدولوجية، متوقعاً أن تتطور السياسة الأميركية على مدى العقد المقبل. ورجح السويدي في كلمته أن تتحول الحروب من حروب بين الدول إلى حروب ضمن الدول، وقودها مشكلات الهوية والشرعية والتحول من استقرار مفروض يفتقر إلى الشرعية إلى تنوع قد يهدد وحدة الدولة في بعض الأحيان، متوقعاً زيادة في عدد الصراعات العابرة للحدود. واعتبر مدير عام المركز أن الحرب الإلكترونية ستصبح تهديداً متزايداً في المستقبل من خلال التقنيات الجديدة، ويمكن أن تكون لها آثار كارثية إذا استهدفت نقاطاً ذات أهمية حيوية في مجالي المواصلات والبنية التحتية. وقال: “إن الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن قد تتبنى قاعدة جديدة تتمثل في مسؤولية عدم استخدام حق النقض في الدول التي تتعرض شعوبها للإبادة، وستتزايد الدعوات للأمم المتحدة لكي تتدخل في حالات الكوارث الطبيعية والصناعية”. ولفت إلى أن الاتحاد الأوروبي على الرغم من كونه أهم اللاعبين في المجالين المالي والاقتصادي، إلا أنه يفتقر للترابط والصدقية اللازمة فيما يتعلق بالسياستين الخارجية والدفاع. وبين أهمية إدراك أن الأزمة الاقتصادية العالمية ستنعكس بآثارها الكارثية على النمو والاستقرار العالميين على مدى الأعوام المقبلة، معتبراً أن الطريق المناسب للإصلاح هي وضع الشعب على الطريق نحو حياة أفضل. وذكر أن المدينة الآمنة هو التي تكون فيها أنظمة وبرامج رصد ومتابعة تعتمد على شبكات الاستشعار لمواجهة التهديدات، إلا أن هناك عاملين يحولان دون تنفيذ مفهوم المدينة الآمنة أولهما المخاوف من إساءة استخدامها بانتهاك خصوصيات المواطنين، وأن السيناريوهات الأسوأ لا تستحق التخطيط لها، نظراً إلى خسائرها الكارثية. الجلسة الختامية تسعى إلى وضع خريطة طريق لمستقبل دول «التعاون» سعت الجلسة الختامية للمؤتمر، التي ترأسها معالي الدكتور علي فخرو وزير التربية والتعليم الأسبق في مملكة البحرين إلى وضع “خريطة طريق لمستقبل دول الخليج العربية”. وتحدث الدكتور عادل عبداللطيف رئيس البرنامج الإقليمي في مكتب الدول العربية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في الولايات المتحدة الأميركية عن “آفاق التنمية البشرية في الخليج”، موضحاً أن اهتمام دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية انصبّ خلال العقود القليلة الماضية على التنمية البشرية بصفتها إحدى أولوياتها الملحة، وترتب على ذلك تحسن كبير في مستويات المعيشة للمواطن الخليجي. وأضاف أن الفضل في ذلك لا يعود إلى الثروة النفطية فحسب، بل إلى حسن إعادة استثمارها في التنويع الاقتصادي والتنمية البشرية في مجالي الصحة والتعليم على وجه الخصوص. وأشار عبداللطيف إلى أن هناك تطوراً واضحاً في مجال تمكين المرأة. فمعدلات الالتحاق بالمدارس الابتدائية والثانوية وصلت إلى حد التكافؤ بين البنين والبنات، كما أن عدد الإناث الملتحقات بالجامعات يفوق عدد الذكور في كثير من دول الخليج. من جهته، لفت معالي الدكتور سعد بن طفلة العجمي وزير الإعلام الكويتي الأسبق في ورقته البحثية عن “الحتمية والسرعة في التكامل الخليجي”، إلى أن دول مجلس التعاون تحظى بموقع استراتيجي متميز يتوسط العالم، ويعطيها ميزة قد تكون نقمة في حال تكالب القوى الكبرى والدول الإقليمية ذات الطموحات عليها، وأن دول المجلس مجتمعةً تنعم بأكبر احتياطات نفط في العالم، كما تحتل طرقاً بحرية للتجارة ذات أهمية حساسة للاقتصاد العالمي. وأكد العجمي أهمية التنسيق بين دول مجلس التعاون الست، وهو ما تُرجم بإنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية العام 1981، مبيناً أن المجلس صمد في وجه رياح الحروب العاتية في المنطقة، فمنذ إنشائه اندلعت ثلاث حروب كبرى مدمّرة حيث لا تزال آثارها تخيم على واقع التحالفات الإقليمية، وتؤثر في اقتصادات دول المنطقة من دون استثناء. ولفت إلى أن تلك الحروب أدت إلى التدخل العسكري المباشر للقوى العظمى، وانهيار أي مفهوم لنظام أمني إقليمي لمنطقة الخليج العربي بشكل عام. وأنها قادت إلى لجوء بعض دول المجلس إلى معاهدات الحماية الدولية مع الدول العظمى، مثلما حدث في حالة الكويت. وأشار إلى أن مسيرة مجلس التعاون برغم امتدادها لأكثر من ثلاثة عقود، وبرغم بقاء تماسكها وإنجازاتها فإنها بقيت بطيئة، سواء في تحقيق التكامل الاقتصادي المطلوب، أو بناء منظومة دفاعية موحّدة تُغني عن الاستعانة بالقوى العظمى، حيث استمر عجزها عن حل الخلافات التي تنشأ بين دول المجلس، كما فشلت في تحقيق الربط الإداري والقانوني التام بين مواطني دول المجلس.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©