الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

إن هي ذهبت أخلاقها

20 مارس 2013 22:32
إذا كانت الرياضة قد أسست منذ القدم مجتمعا توارثت فيه الأجيال القيم بكل أبعادها الإنسانية العميقة وبكل تقاسيمها الإبداعية والجمالية، فإنها ما سألت هؤلاء الذين يتعلقون بها، ليصنعوا مجدا أو ليشبعونهم الفرجة أو لينهلوا من معين الاحتفالية الذي لا ينضب، ما سألتهم شيئا سوى أن يقاتلوا من أجل أن تبقى هذه الرياضة نظيفة وخالصة ،بمنأى عن كل ما يخرب القيم ومحصنة ضد الجشع وضد مفسدات الأخلاق التي تزهق الروح الرياضية. استمالت الرياضة على مر الأزمنة كبار الفلاسفة والمفكرين من باحثين سوسيولوجيين وعلماء نفس وأدباء فكتبوا لها وكتبوا عنها، وما بين القول بأن الرياضة هي أكبر وجه للديمقراطية وأرفع درجات الإبداع الإنساني وأخلد الأساطير التي أدخلت أبطالا رياضيين مدن العباقرة، كانت هناك أصوات تطلق صرخات تحذير من أن يسطو المال على القيم فيركعها ومن أن يتسلط الجشع على الشغف فيحيله إلى رماد ومن أن تصدر السياسة للرياضة كل أوجهها القبيحة فيذبل الجمال. شكل المال للرياضة أول الأمر وسيلة لا غاية، فقد كانت الحاجة ماسة إليه لتطوير الملكات الإبداعية وللزيادة في جرعات التحفيز، وبفضل المال حضر العلم بكل مجالاته ليجعل من الرياضة صناعة تعتمد بالأساس وفي الجوهر الموهبة والشغف كقاعدة لهرم الإبداع الرياضي، وما كان ضروريا أن يغفل مجتمع الرياضة أن المال بسطوته الجارفة سيصبح الآمر والناهي وسيحل بالدار التي كانت قائمة على قيم النزاهة والنظافة والروح السمحة صنوفا من الغش والجشع والنهب والاحتيال. وقد يكون مجتمع الرياضة قد تأخر نسبيا في ملاحقة الأرواح الشريرة وفي مطاردة الأفاقين والغشاشين وسفاكي الدماء وكل الذين يريدون النيل من الأخلاق الرياضية، فما تحرك الواقفون على باب المعبد لحمايته من غزو المتاجرين إلا بعد أن تنامت الفضائح وتناسلت لتكشف بحسب رواة التاريخ عن الوجه القبيح للرياضة بعد أن أصبحت الملاعب مأوى للعنصريين والغشاشين وبعد أن تحولت غرف القرار الكبيرة التي تحدد مصير الرياضة إلى سوق للمتاجرة بالقيم وبالنزاهة تغتال فيها علنا الديمقراطية. مؤكد أن الرياضة وقد تزعزع فيها البيت القديم، وضعفت روح المقاومة ضد هجمة الفساد أصبحت بحاجة إلى صحوة ضمير، ضمير العالم المبني للمعلوم، وأصبحت بحاجة إلى ما يوقظ العقل الإنساني من سباته ليحفظ الإرث الكوني من الضياع والتلف، وأجدني منساقا في التعبير عن هذا الخطر الداهم، لأستعير البيت الشعري الرائع والخالد لأمير الشعراء أحمد شوقي لأقول: إنما الرياضة الأخلاق ما بقيت فإن هي ذهبت أخلاقها ذهبت drissi44@yahoo.fr
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©