الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

ديون الشركات تهدد النموذج الهندي

ديون الشركات تهدد النموذج الهندي
20 مارس 2012
بينما تعني مشكلة ديون الدول الأوروبية اقتراضها لمبالغ تفوق مقدرتها على التسديد، تبدو المشكلة أكثر تعقيداً في الهند. وربما تلعب الحكومة التي تعاني من حجم ديونها وعجز الميزانية المتزايد، دور الدائن الجانح أو المقرض الذي يقدم قروضاً محفوفة بالمخاطر أو المنظم الخامل، أو الثلاثة معاً. وتحاول شركة “هندوستان”، الخاصة للإنشاءات على سبيل المثال، التفاوض مع الحكومة حول ديونها البالغة 1,3 مليار دولار بعضها لبنوك حكومية، وذلك لتفادي التخلف عن السداد. وذكرت الشركة أن السبب في مشاكلها المالية يعود ولحد ما لتأخير الحكومة عن الدفع لمشاريع الطرق الداخلية والسريعة، بالإضافة إلى تأخيرها في الموافقة الأخيرة لمشاريع تمت الموافقة المؤقتة عليها بالفعل. وتمثل القروض المتعثرة أكبر المخاطر التي تحدق بالنظام المالي في البلاد في الوقت الحالي. وتحاول الهند التي كان اقتصادها يتميز بنمو قوي، التأقلم مع مشاكل الديون والعجز التي تشكل ضغوطاً على الميزانية السنوية. وتبلغ نسبة ديون حكومة الهند 69% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة مع 71% قبل عام. لكن عجزها المالي آخذ في الارتفاع حيث يتوقع العديد من المحللين أن يرتفع من 4,8% في 2011، إلى 5,8% من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية شهر مارس الحالي. وفي غضون ذلك، وبينما يخلف بطء النمو تحديات مالية للشركات الحكومية والخاصة على حد سواء، انخفض معدل المخاطر في البنوك المملوكة من قبل الحكومة التي تشكل 75% من النظام المصرفي في البلاد. وكانت 3% من القروض التي قدمتها أكبر 15 بنك في الهند حتى نهاية ديسمبر الماضي، غير عاملة مقارنة مع 1,8% لستة بنوك جديدة خاصة. وتقدر مؤسسة “كير” التصنيفية، أن 25,7 مليار دولار من القروض المتعثرة بنهاية 2011، تعود إلى 17 من البنوك الحكومية والخاصة، المبلغ الذي من المتوقع أن يرتفع خلال الأشهر القليلة المقبلة. ويرى المحللون أن معظم المشاكل تتركز في القطاعات الصناعية مثل الطيران والبنية التحتية والعقارات والاتصالات التي تلعب فيها الحكومة دوراً رئيساً سواء عبر تقديم القروض أو الاستثمار، والتي عانت هي الأخرى جراء السياسات الحكومية. ومن ضمن الشركات التي تعاني حتى من دفع أجور العاملين لديها، اثنين من أكبر شركات الطيران الهندية “طيران الهند” و”كينجفيشر” الخاصة التي تجابه، بالإضافة إلى سوء إدارتها، حرمان الحكومة لها من تسيير رحلات دولية بقصد احتكارها للشركة الحكومية. أما قطاع الكهرباء، فموعود بكارثة مالية وشيكة في المرافق التي تملكها الحكومة. وبلغت الخسارة الكلية للقطاع نحو 14 مليار دولار نتيجة أن الأسعار المخفضة المدعومة من قبل الحكومة لا تغطي تكلفة توليد الكهرباء. ولا يتلقى أي قطاع دعم من قبل اقتصاد الهند البطيء في نموه، والذي تراجع من 9,9% في 2010، إلى 7,4% في السنة الماضية، وذلك وفقاً للبيانات الواردة من “صندوق النقد”. ويتوقع الصندوق المزيد من البطء خلال العام الحالي إلى 7%. وعلى الرغم من أن ذلك يعتبر قوياً مقارنة باقتصادات الدول المتقدمة، إلا أنه لا يزال بطيئاً بالأخذ في الاعتبار مقدرة الهند على تحقيق نمو يصل إلى 9% حتى في ظل المشاكل الاقتصادية التي تعم العديد من دول العالم في الوقت الراهن. ويُلقي العديد من المحللين باللوم على السياسة المُقيِّدة التي تنتهجها الحكومة، حيث ينقسم الحزب الحاكم حول أفضل السبل التي من شأنها الدفع بعجلة التطور، خاصة في وقت قضت فيه جملة من الفضائح على سلطته السياسية. وربما تساعد الميزانية الجديدة في إنعاش الاقتصاد من خلال الإعلان عن خطة لخفض عجز الميزانية وتسريع الاعتمادات المخصصة لمشاريع البنية التحتية المعلقة والممولة من قبل الحكومة. كما أعلن “بنك الاحتياطي الهندي” بالفعل هذه السنة،عن البدء في خفض أسعار الفائدة التي من شأنها المساعدة أيضاً. وفي حين دعمت توقعات عودة الاقتصاد لدائرة الانتعاش مرة أخرى، ارتفاع مؤشر الأسهم الهندي الرئيسي بأكثر من 16% في العام الحالي حتى الآن، إلا أن العديد من الاقتصاديين والمحللين لا يتوقعون تعاف سريع. ويقول ساميران شاكرابورتي، المدير الإقليمي لبنك “ستاندرد تشارترد” في مومباي،: “لم يتم تفعيل معظم القروض غير العاملة ليس نتيجة لارتفاع أسعار الفائدة، بل لبعض القضايا المتعلقة بالسياسة الحكومية. ومن الممكن أن تثير هذه القروض نوعاً من القلق لبعض الوقت، ما لم يتم حل هذه القضايا”. وبالأخذ في الاعتبار ما تعانيه بعض خطوط الطيران من مشاكل في الوقت الراهن، أعلنت الحكومة قبل عدد من السنوات التي شهد فيها قطاع الطيران انتعاشاً كبيراً، عن دمج شركة طيران الهند “أير إنديا” في شركة حكومية أخرى وهي الخطوط الهندية “إنديان أيرلاينز”، لكن لم يكن الدمج موفقاً نسبة لسوء الإدارة. وخلال 2009، قررت الحكومة الهندية إنقاذ الشركة التي تعرضت لديون قدرها 8,7 مليار دولار من خلال استثمار المزيد من الأموال فيها وبحث البنوك الحكومية على هيكلة ديونها. وحاولت الشركة في السنوات القليلة الماضية استعادة الأراضي التي فقدتها لصالح شركات الطيران الخاص، وذلك من خلال خفض أسعارها، مما زاد من الضغوطات الواقعة على قطاع الطيران الخاص الذي يعاني من الضعف بالفعل مثل “كينج فيشر” التي بلغ حجم ديونها نحو 1,4 مليار دولار. وقلصت الشركة من عملياتها بخفض رحلاتها اليومية من 340 إلى 101 فقط خاصة بعد إضراب العديد من العاملين فيها عن العمل. كما اضطرت لوقف بعض طائراتها عن العمل بعد تجميد البنوك لحساباتها نتيجة عدم توريدها للضرائب التي تخصمها من العملاء والموظفين. وفي قطاعي البنية التحتية والعقارات، تُلقي العديد من الشركات العاملة باللوم على بطء الحكومة في اتخاذ القرارات. وتوقفت على سبيل المثال، “هندوستان” للإنشاءات في نوفمبر 2010 عن العمل في مدينة لافاسا التي تعمل على إنشائها بالكامل بالقرب من مومباي، في أعقاب مطالبة وزارة البيئة والغابات بمراجعة المشروع. وأدى ذلك إلى تأجيله وبالتالي إلى إعلان الشركة عن خسارة ربعية بلغت نحو 1,3 مليار روبية (25,9 مليون دولار). ويقول المحللون الماليون، إنه بإمكان الحكومة تخفيف الخسائر الواقعة على الاقتصاد الهندي عبر رد الفعل السريع للتصدي لمثل هذه المشاكل قبل تفاقمها. نقلاً عن: «إنترناشونال هيرالد تريبيون» ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©