الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ترامب والحرب السورية.. مخاطر عدم الانتصار

14 ابريل 2018 01:09
بغض النظر عن الطريقة التي يواصل بها الرئيس دونالد ترامب تنفيذ وعده بالرد «القاسي للغاية» على استخدام النظام السورية المزعوم للأسلحة الكيميائية، ما زال عليه أن يقبل حقيقة أكثر قسوة: عندما يتعلق الأمر بالحرب الوحشية هناك، فإن إدارته في مأزق. وبالنسبة لترامب، الذي يحب «الفوز»، ليس هناك فوز في سوريا. بيد أنه لا يزال لديه القدرة على جعل الأمور أسوأ. بإمكان ترامب أن يكتب تغريدات شرسة بشأن الرئيس السوري بشار الأسد. ويمكنه أن يشير بأصابع الاتهام، وإن كان ذلك بنفاق، لسلفه لأنه لم يفعل ما يكفي لمواجهة نظام الأسد. ويمكنه حتى أن يعلن إنجاز مهمة الحرب ضد داعش. لكنه ليس لديه خطة ولا شهية لوقف توطيد الأسد الوحشي للسلطة وتدمير النظام المستمر لما تبقى من جيوب التمرد. ولكي نكون منصفين، فإن تعقيدات ما تكشف في سوريا وضعت ممارسي السياسة الخارجية الأكثر خبرة في مأزق. فقد أمضى العديد من أعضاء مؤسسة واشنطن سنوات يطالبون بوضع استراتيجية أكثر حدة لكبح جماح الأسد والمساعدة على إنهاء الصراع السوري المدمر. وانتقدوا إدارة أوباما لعدم قيامها بتنفيذ ضربات جوية ضد النظام، أو تقديم الدعم الكافي للمتمردين المعتدلين أو التمسك ب «الخطوط الحمراء» فيما يتعلق باستخدام الأسلحة غير المشروعة. ولكن، في ضوء الانخراط العميق لسوريا وإيران إلى جانب الأسد، لم يكن من المؤكد قط أن تدخلاً عسكرياً أميركياً محدوداً سيكون كافياً لإزاحة الأسد من دمشق. والبديل –وهو جهد حربي كامل –كان أمراً غير مستساغ بشكل مفهوم. وفي الوقت نفسه، فقد تحدث ترامب بفاعلية ضد إثارة تغيير النظام في حملته الانتخابية. وجمدت إدارته أموال وزارة الخارجية المخصصة للمساعدة على تحقيق الاستقرار في المناطق السورية، التي تم استردادها من تنظيم «داعش» وخلال الأسبوع الماضي، أشار البيت الأبيض إلى أنه يريد سحب قواته من سوريا بعد أن تم توجيه تنظيم «داعش» وقال النقاد إن ترامب كان يرسل بشكل فعال رسالة للأسد وأنصاره بألا يشعروا بالقلق بشأن قيام الولايات المتحدة بتحويل مسار المعركة ضد النظام. ثم جاء يوم السبت الماضي وما به من هجوم واضح بالأسلحة الكيميائية على إحدى ضواحي دمشق. ووعد ترامب برد سريع على الهجوم «الشنيع». وقال للمراسلين «لا يمكن السماح بحدوث ذلك». وبعد أن فشل مجلس الأمن وبالضبط قبل عام من الآن، أمر ترامب بتوجيه ضربة على مطار سوري بعد قيام النظام بهجوم كيميائي بمنطقة خان شيخون. ولم تفعل الغارة أي شيء لتغيير مسار الحرب، ولم يكن ثمة شيء يجعل شن ضربة أخرى أكثر فاعلية. «بضعة صواريخ كروز لن تغير أي شيء»، بحسب ما كتب مجلس تحرير واشنطن بوست هذا الأسبوع. وقال «فيصل عيتاني» من المجلس الأطلسي «إن رئيساً يقول إنه يريد الخروج من سوريا ليس في وضع يسمح له بتهديد التقدم العسكري للنظام». وهذا الأسبوع، قال «إميلي حكيم»، من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، والذي كان يوماً ما مؤيداً قوياً لمواجهة الأسد وتسليح المتمردين السوريين الرئيسيين «لقد مضى وقت التدخل». هذا انعكاس لكل من ساحة المعركة التي تميل بقوة في صالح الأسد والرسالة المرتبكة لإدارة ترامب. وأكد أنه «ربما يكون هناك ضربة أميركية محدودة مرضية للذات، ولكن طالما أنه لا يوجد منظور أكبر أو استراتيجية أوسع نطاقا للنزاع برمته، فربما يؤدي هذا إلى التصعيد دون تحقيق أي هدف». وخطر مثل هذا التصعيد حقيقي. فقد تعرضت القاعدة الجوية السورية التي تضم موظفين إيرانيين للضرب يوم الاثنين –على ما يبدو من قبل إسرائيل –ما يوضح مدى السرعة التي من الممكن أن تتحول بها الإجراءات الانتقامية إلى حرب مع إيران. (وبالطبع، فإن تلك الحرب سيكون لها الكثير من المشجعين في واشنطن، لا سيما إذا ما نفذها الإسرائيليون سرا إلى حد كبير) وأي هجوم أميركي على الأصول العسكرية السورية يمثل أيضاً إمكانية حدوث صراع مع روسيا، التي تحتفظ ببصمة كبيرة في سوريا وقيل مؤخرا إنها تشوش على الطائرات الأميركية من دون طيار والتي تعمل في المجال الجوي السوري. وقام مساعدو الرئيس فلاديمير بوتين هذا الأسبوع بالاستعداد، حيث اعتبروا أن الموجة الجديدة من العقوبات التي فرضها ترامب والتعهد باتخاذ إجراء في سوريا هي أحدث العلامات على أن روسيا تواجه حقبة جديدة من «العزلة الجيوسياسية» وموجة عداء من الغرب. وحذر مسؤولون من «أزمة صواريخ كوبية» جديدة في بلاد الشام –واحتمال نشوب حرب أكثر خطورة. وقال «إيجور كوروتشينكو»، باحث عسكري روسي وعضو في المجلس الاستشاري العام بوزارة الدفاع الروسية «يجب أن يفهم ترامب أننا سنتحدث عن إمكانية حدوث تصعيد نووي إذا حدث صدام بين الجيشين الأميركي والروسي». وأضاف «هناك احتمال لحدوث أي شيء بسرعة كبيرة، ومن الممكن أن يخرج الوضع عن سيطرة السياسيين». وساعد هذا الخوف على ضمان وضع الأسد. لكن لا يزال يتعين على ترامب أن يرسم طريق للمضي قدما، حتى ولو كانت خطة إدارته هي ببساطة الكر والفر بعد قصف لمرة واحدة. * محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©