الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نسيمة تحلق بالأغنية في أجواء أندلسية وشاهين يناقش قضايا شائكة باللحن والوتر

نسيمة تحلق بالأغنية في أجواء أندلسية وشاهين يناقش قضايا شائكة باللحن والوتر
13 مايو 2010 19:55
تحت ضوء خافت انطلق صوتها مجلجلاً في ربوع مسرح أبوظبي، اعتلت الجزائرية نسيمة (نصيرة شعبان) الخشبة واستطاعت ملء أرجاء المسرح رغم عدم حضور الفرقة كاملة، حيث اكتفت بعنصرين لمصاحبتها في العزف. غنت نسيمة في إطار مشاركتها بمهرجان “أنغام من الشرق” للوطن والغربة والأم، غلف الحزن والشجن أغلب أغانيها، أحيت شعر ابن عربي وغنت للأمير عبد القادر، فيما استطاع الموسيقار سيمون شاهين تحريك الجمهور والسفر به بعيداً بعزفه على الكمان والعود، وبابتسامته خاطب أعضاء فرقته وحركهم بأحاسيسه فملأ المكان موسيقى راقية تخاطب الروح والوجدان. سكن الليل وصدح صوت سفيرة الموسيقى الأندلسية نسيمة على مسرح أبوظبي، حيث بدأت بمعزوفة موسيقية، شدت الجمهور من خلال عزفها على آلة المندول، ومن أشعار الأمير عبد القادر الجزائري قالت “أنا الحب والمحبوب”، ثم غنت “ليلى” للشيخ العلوي، رافقها في العزف كل من محمد عبد النور على الجيتار، وعمر شاوي على الإيقاع، وتألق الفنان علاء من بيت العود من أبوظبي في مصاحبة الفرقة، حيث قدم تقاسيم على العود وصاحب الفرقة في عزف الموسيقى الأندلسية وتقديم باقة من الأغاني التراثية المغاربية. تقارب موسيقي أهدت نسيمة أغنية “أمي” لكل الأمهات، ثم غنت لمنفى الشيخ الحسناوي، “يا غربتي في بلدان الناس”، التي تقول كلماتها “يا غربتي في بلدان الناس، كل من شافني قال هذا براني، كنت فضة ورجعت نحاس والثوب اللي لبستو عراني”. وهي أغنية زجلية، وقدمت “القطيعة” للشيخ محبوب باتي. طبقات صوتها جعلتها تقارب الأندلسي والشعبي، وعلى أنغام آلة “الكمبري” وهي آلة أفريقية تستعمل بالأساس في اللون الكناوي، غنت للغربة من كلماتها وألحانها، قائلة “هجرت بلادي”، وختمت أمسيتها بأغنية معروفة في الجزائر “قولوا شاهدت لعيان”، فتماهى الجمهور مع أغانيها وصوتها الذي نقل الأندلسيات والموروث الثقافي الجزائري والغناء الصوفي من كلمات المشايخ الكبار من أمثال ابن عربي والأمير عبد القادر الذي أفصح عن وجهه غير السياسي والنضالي، ليبدى وجه الشاعر المرهف الحس الذي يتغنى بالحب والحبيب من خلال بحث وتنقيب الفنانة نسيمة، التي تعتبر أول صوت نسائي يؤدي الطرب الأندلسي الذي كان حكراً على الرجال، وجاء الجمهور ليقتحم عالم هذه الموسيقى ويعرف مخارجها، حيث نجحت نسيمة في توصيله بتفاصيل صوتها إلى المتلقي بسلاسة، حيث انتصرت الكلمة واللحن والموسيقى واستطاعت عبور كل القارات لتوحدها تحت مشاعر واحدة وتحت سلطان الموسيقى في ليلة من ليالي مهرجان “أنغام من الشرق”. دمج التراث في جانب آخر من مسرح أبوظبي على كاسر الأمواج في الليلة الخامسة، وضمن فعاليات مهرجان “أنغام من الشرق” في دورته الثالثة، بدأ الموسيقار سيمون شاهين العزف بمقطوعة “العراق” وألحقها بمقطوعات “رقصة المتوسط”، و”الجدار” ثم “القنطرة”. وبحنكته وابتسامته شغل الناس وحرك أعضاء الفرقة، التي أبهرت الجمهور بانسجامها ومهاراتها الفنية، وطور المايسترو شاهين أعمالا فنية دمج فيها ما بين التراث الموسيقي العربي وألوان تراثية أخرى أخذ بها إلى النور كلون جديد اختلف في وصفه النقاد الموسيقيون، منهم من وصفه بأنه الجاز الذي يمزج بين إيقاع الآلات الشرقية والغربية، واستطاعت الفرقة إبراز المهارة الفردية للعازفين من خلال العمل الجماعي المتناغم. كما برع شاهين في العزف على الكمان والعود على حد سواء، فصنفه عزفه بين العوادين الكبار في العالم، ومن أعماله خمسة ألبومات منها “اللهب الأزرق”، و”موسيقى محمد عبد الوهاب” . وعن مشاركته في “أنغام من الشرق”، قال شاهين لـ”الاتحاد”: “قدمت مقطوعات العراق، رقصة المتوسط، الجدار والقنطرة، وهي مقطوعات إبداعية موسيقية بها نوع من السوريالية من حيث اللحن واستعمال المقام، فمثلا في مقطوعة “الجدار” هدوء يخفي تأجج بركان، أما حكاية المقطوعة فهي جاءت عندما كنت في فلسطين أعطي بعض الدروس الموسيقية من خلال ورشة للأطفال، وكانت بمدرسة قريبة من الجدار الفاصل، وهناك ألفت هذه القطعة الموسيقية التي تحمل الحزن والألم والهدوء ويتغير الإيقاع ليعبر عن الحزن وعن الفرح فيعكس الصورة الحقيقة للمكان، حيث ترى كل شيء هادئاً، ولكن في العمق هناك بركان يغلي”. عود أم كمان؟ في سياق آخر، قال شاهين إن “المقطوعة يمكن أن تستغرق ست دقائق كما يمكنها أن تستغرق خمس عشرة دقيقة”. وعن حنكته في توزيع أدوار الموسيقيين المرافقين له قال إنها “مساحات ارتجال عفوية وصادقة، أعضاء الفرقة متفاهمون موسيقيا، فبنظرة عين أو ابتسامة أو إيماءة رأس يمكن تحريك كل واحد منهم” وتضم الفرقة كلا من بسام سابا من لبنان على الناي “ الفلوت”، وبيتر هوربرت من النمسا على الكونترباص، ووليام شاهين على العود، أما ماتيو كيلمر فمن أميركا على الإيقاع. وشاهين لا يعزف فحسب، بل يستمع للآلة بحب، في عناق حميمي يكلمها فتناجيه وتصدح بعشقها له، وعن أيهما يعشق أكثر العود أم الكمان؟ أجاب “هذا السؤال سُئلت عنه في مقابلة أجرتها جريدة نيويورك تايمز سنة 1984 وحينها أجبتهم العود بالنسبة لي امتداد لليد اليمنى، والكمان امتداد لليد اليسرى، وهكذا لا أستطيع التفريق أو المفاضلة بين يداي، كما لا أستطيع التفريط في أي منهما، أعشقهما معا وحبي لهما مستمر ما حييت”. ويقدم شاهين الكثير من العروض الموسيقية السنوية في جميع أنحاء العالم، كان آخر عرض بمكتبة الكونجرس في الولايات المتحدة، إلى ذلك، يقول “أديت مقطوعة قبل ثلاثة أيام من قدومي إلى الإمارات، في مكتبة الكونجرس تحت عنوان “النداء” قدمتها كجزء من برنامج أقيم في المكتبة”. وعن أعماله قال “بالإضافة إلى عملي الأكاديمي فإنني أقدم ورشات موسيقية وعدة مشاريع تتعلق بالموسيقى والتلحين، وبالنسبة للتلحين فإن البحث عن الفكرة المميزة قد يستغرق وقتا طويلا، لكن اللحن يكون يسيرا بمجرد خروج الفكرة للوجود، وأينما كنت ألحن حتى ولو كنت في الطائرة”. الفن الراقي قاده فضوله المعرفي وحسه الفني إلى مسرح أبوظبي للتعرف على معنى الطرب الأندلسي، يعشق الكلمة واللحن ويعتبر الموسيقى موحدة الأقطار، تماهى مع الطرب ومع صوت نسيمة، إلى ذلك قال عبد الرحمن الشباني “أنا من عشاق الكلمة الصادقة، ومن محبي اللحن الهادئ، جئت للتواصل والمعرفة، وفعلا وجدت ما كنت أصبو إليه، حيث نجحت الفنانة الجزائرية في السفر بي بعيدا من خلال صوتها الرخيم، إننا نبحث عن الجيد دائما، وهناك أناس يعشقون الجيد من خلال الكلمة”. وأضاف الشباني “بشكل عام لا أحب الموسيقى الصاخبة وأعشق التقاسيم على العود، ولكثر عشقي للعود حاولت ممارسة هذه الهواية لكني لم أفلح، ولذلك اكتفيت بالبحث عن الموسيقى الجيدة والاستمتاع بها”. أما نجاد زعني، الذي جاء للاستمتاع بالطرب الأندلسي والتعرف عليه وعلى الغناء الجزائري، فقال “بشكل عام، أعشق التواصل من خلال موسيقى العالم لمعرفة مختلف الثقافات، لكني وجدت بعض الصعوبات في فهم بعض الكلمات، لكني أحب الموشحات وأعتبر نفسي مستمعا جيدا، وأنا من عشاق الموشحات والموسيقي الكلاسيكية وخصوصا الأندلسيات بغض النظر عمن يغنيها، كما أني أستمتع لفيروز وصباح فخري وأم كلثوم”. حدائق وزهور قال علاء يوسف من بيت العود، الذي التحق بالفرقة الموسيقية المصاحبة للمطربة نسيمة “أعزف على كل آلة بها أوتار، حيث نعمل على المزج بين الأندلسي، والكناوي والفلامنكو”. وقال عضو الفرقة عمر الشاوي، الجزائري الذي ولد في فرنسا، والتحق بالفرقة الموسيقية قبل سنة، إنه يريد الرجوع إلى جذوره من خلال الموسيقى. وانضم علاء يوسف، من بيت العود، إلى الفرقة خلال الأغنية الثالثة حيث أمتع الجمهور بتقاسيمه على العود، وعن مشاركة في العزف، قال “إنها مشاركة رائعة، لم أجد صعوبة في التواصل مع أعضاء الفرقة، ونسيت تماماً أنني أعزف أول مرة مع فرقة تعرفت عليها لتوي، وسررت جدا بالتعرف على حجم الموسيقى الأندلسية، خاصة أنها موروث ثقافي مغاربي عريق وحضاري وتاريخي، شعرت أن هناك تقاطعا بين الأندلسيات وبين الأغاني الحلبية، فالفن العربي غني، وسررت بالتعرف على إيقاعات حية نابضة تعكس مدى الحزن والفرح الممزوج بطريقة غريبة في الجزائر”. وعما إذا كان بإمكانه التعاون مستقبلا مع المطربة نسيمة، قال “تسعدني المشاركة، إلى جانب اهتمامي بالفن السوري حتى نتمكن من مزج ثقافة البلدين، إذ إن هناك روحا مشتركة بينهما، وفي العالم العربي حدائق وزهور تتفتح مختلفة الروائح، ورائحة كل وردة لا تشبه الأخرى، لكن تبقى رائحة عطرة، ومن هذا الباب أعشق ورود العالم وهي موسيقاه، حيث يمكن أن نستفيد من كل موروثنا الثقافي والفكري العربي بمزج كل هذه الفنون”.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©