الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأختام العربية.. زخارف مبهرة ترصد الأحداث

الأختام العربية.. زخارف مبهرة ترصد الأحداث
23 يونيو 2016 18:11
مجدي عثمان (القاهرة) تأثر الغربيون بالحضارة الإسلامية العربية، سواء بالاتصال المباشر بحضارة الأندلس أو فترة الحروب الصليبية، وقد وضح ذلك في العديد من أعمالهم الفنية والحياتية، ومن ذلك الأختام العربية، حتى أن ملك صقلية - روجر الثاني- كان خاتمه عربياً يحمل نقشاً لحكمة عربية، وكان الخطاط هو صانع الختم وكاتبه، ومن ينقشه أيضاً، وقد تميزت الأختام العربية دون غيرها باستخدام الكتابة والزخارف الهندسية والنباتية، بعيداً عن الأشكال المصورة أو المجسمة، وتنوعت الخطوط في كتابتها، لسهولة حفرها عند التنفيذ، فاستخدم الخط الكوفي القديم والخط الفارسي الانسيابي، وجاءت الأختام الدقيقة في الخط الغباري، بينما نقشت الأختام الكبيرة كأختام المحاكم والإجازات الصوفية والعلمية والمراسيم - الفرمانات - بخط الطغراء والخط الديواني الجلي، والثلث. والأختام في العصور الإسلامية تعد من المظاهر الدالة على تطور الفن، وتساعد في رصد الأحداث التاريخية وتشخيصها، وتوضيح سمات الأشخاص الذين استخدموها، وكان نقش الأختام وكتابتها في الحضارة الإسلامية من اليسار إلى اليمين، لتظهر طباعته صحيحة على المادة المستعملة، وقد كان النقش على سطح واحد من الختم الذي يشبه شكل قطعة الشطرنج، وأحياناً يكون للختم حامل أو مُمسك يدور الختم على محوره، وقد يكون الختم ثلاثي الوجوه هرمياً، أو ثنائي الوجه، ومربعاً أو مستطيلاً، أو دائرياً أو بيضاوياً، إضافة إلى أشكال أخرى مبتكرة، وقد استخدم في صنعه الإزميل، والقلم المعدني الحاد، والمبرد، والمثقب اليدوي. حينما أراد النبي محمد صلى الله عليه وسلم أن يكتب إلى كسرى وقيصر والنجاشي، قيل له إنهم لا يقبلون كتاباً إلا بخاتم، فصاغ الرسول خاتماً حلقته فضة، ونقش عليه «محمد رسول الله في ثلاثة أسطر، أولها من أعلى «الله»، وقد تناقله كل من أبي بكر وعمر وعثمان الذي وقع منه في بئر «أريس»، وكان نقش خاتمه، خليفة رسول الله أبي بكر الصديق «نِعْمَ القادر الله»، ونقش عمر بن الخَطاب «كفى بالموت واعظاً»، ونقش الخليفة عثمان بن عفان «آمنت بالذي خلق فسوى»، ونقش علي بن أبي طالب «الله الملك الحق»، وكان لكل خليفة من الخلفاء الراشدين خاتمه الخاص للطبع على الرسائل، وكانت لهذه الأختام أهمية عظيمة، حيث إن الخاتم يعطي الصفة الرسمية للمكتوب أو المحرر، مما جعل الدولتين الأموية والعباسية تقومان بإلحاق أختام على المكاييل الإسلامية ليطمئن المتعاملون بها في الأسواق. وفي العهد الأموي أمر الخليفة معاوية بن أبي سفيان بترتيب الرسائل وختمها، وصنعت الأختام الزجاجية ذات الوجه الواحد للمكاييل والأوزان. وأنشأ العباسيون «ديوان الخاتم»، الذي يتبع ديوان الرسائل، وأصبحت الأختام مزينة بالأحجار الكريمة المنقوشة حليةً للملوك والأمراء، وكانت تختم بها أوامر العفو والأمان. وقد اتخذ معاوية للختم ديواناً سُمى بديوان الخاتم وعيّن له وزيراً عُرف بـ «مهردار» أي حامل الخاتم، وفي عهد الدولة العثمانية صمم الخطاطون لكل سلطان خاتمه المميز وعلامته بجانب الاسم، وأصبحت الأختام مجالاً يتنافس فيه المصممون والفنانون لإبراز براعتهم. وفي أواخر العصر العثماني بدأ استخدام الأكاسيد، والأحماض الكيميائية في صناعة الأختام، فكان سطح الختم يغطى باللك والشمع، ويُنقش عليه النقش المطلوب، ثم يغطس في الحمض عدة مرات لتعميق الحفر. وقبل ذلك ظهرت الأختام الزجاجية، التي ترجع إلى العصرين الأموي والعباسي، حتى العصر الأيوبي وعصر سلاطين المماليك «648 - 923هـ - 1250- 1517م» وتتميز بوجود صور وتصميمات هندسية بدلاً من الكتابات، وقد استخدمت الصنج الزجاجية أول الأمر كأوزان لتعيّر عليها الدنانير الذهبية والدراهم الفضية والفلوس النحاسية في بعض الأصناف، والتي كانت توزن بها عندما كانت أوزان النقود تختلف عن أوزان تلك القطع الزجاجية. وقد اهتم العلماء بدراسة أحكام الأختام وقانونيتها، ولغتها، وشأنها في الحكم الشرعي ومنها تصانيف الإمام زين الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن رجب الحنبلي، الذي ألف كتاباً أسماه «أحكام الخواتم وما يتعلق بها»، والذي اعتمد في مصادره على كتابي «الخواتيم» لحمزة السهمي، و«الخواتيم» لابن منجويه، ومن التصانيف الأخرى كتاب «الخواتيم» لابن أبي الدنيا، وكتاب «التختيم من اليمين أو اليسار» للبيهقي، وكتاب «الخواتيم» لابن أبي حية، وكتاب «الخواتيم» لعبد الله الدبيلي، كما ضمّن القلقشندي كتابه «صبح الأعشى» بحثاً عن الخواتيم وأنواعها واستعمالاتها، والأمر كذلك في كتاب «تخريج الدلالات» للخزاعي، واقتبس منه الكتاني في كتابه «التراتيب الإدارية». وللقاضي الفقيه المالكي أحمد بن علي بن حسين بن مشرف الوهيبي التميمي الإحسائي، قصيدة في بيان فائدة أختام الوقف.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©