السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

أدباء يحللون لغة الإبداع في الرواية الجزائرية

أدباء يحللون لغة الإبداع في الرواية الجزائرية
28 يونيو 2008 22:51
نظم المجلس الأعلى للغة العربية بالجزائر مؤخراً ندوة أدبية بعنوان ''لغة الإبداع والإبداع في اللغة: الرواية الجزائرية أنموذجاً''، وأدار الندوة الشاعرُ الجزائري المقيم ببريطانيا عمر أزراج وشارك فيها الروائيان الكبيران رشيد بوجدرة ومرزاق بقطاش والقاص والناقد أحمد منور· وقال رئيس المجلس الأعلى للغة العربية في الجزائر الدكتور العربي ولد خليفة في مستهل الندوة إن الهدف من الندوة هو إبراز أهمية الرواية والقصة القصيرة في إشاعة ''لغة وسطى'' تكون وسيطة بين العامية البسيطة والفصحى المتقعرة، ونبه إلى أن اللغة العربية لا ترقى وتتطوَّر إلا إذا حملت مضموناً إبداعياً جمالياً عالياً يحبِّبها إلى الناس، وهو ما يقوم به الأدب الراقي· وأضاف إنه تعمَّد استضافة هؤلاء الأدباء الثلاثة لأنهم يكتبون باللغتين العربية والفرنسية بتميُّز ولهم ثقافة واسعة وموهبة فذة في الترجمة· وبعده تحدث أحد أشهر الروائيين الجزائريين منذ الستينات وهو رشيد بوجدرة (17 رواية ترجمت إلى 32 لغة) ليؤكد أن اللغة في الإبداع الأدبي أساسية، أما مضمون القصة فثانوي وليس له قيمة كبيرة؛ الأساس هو اللغة، كيف يكتب الروائي نصه؟ الأسلوب هو الكاتب؛ الكاتب هو الذي يملك قاموساً لغوياً خاصاً يتميز به عن باقي الكُتَّاب كما قال ناقدٌ فرنسي، وإذا كان له لغة قوية وأسلوب جيد، نجحت رواياته مهما كان مضمون قصتها· وتطرق بوجدرة بعدها إلى تجربته الخاصة في الإبداع فقال إنه كتب أولاً بالفرنسية ابتداءً من سنة 1969 لاتساع المقروئية آنذاك بهذه اللغة في الجزائر، ثم اتجه إلى الكتابة بالعربية بدافع الروح الوطنية، وقال إنه يعشق العربية ''صوفياً'' ولكنه يستعين بالألفاظ العامية في رواياته للتعبير عن وضعيات وصور معينة في المجتمع الجزائري، فهي تثري الفصحى وفيها شعرية عالية ولها شحنة ودلالات خاصة لا تجدها في الفصحى ولذا يستحيل أن يهجرها أو يرضخ لمن يطالبه بإتِّباع أسلوبٍ مُعيَّن ''إذا فرضت على الكاتب أسلوباً فلن يكون كاتباً، الكاتب النزيه هو الذي يكتب بأسلوبه ولنفسه، وهي نرجسية مؤلمة، ولكن الألم هو الذي يجعل الكاتب يتطرق إلى إشكالاته في الحياة''· وأحيلت الكلمة بعده إلى الروائي مرزاق بقطاش الذي أكد أن الرواية اليوم تمثل خلاصة المعرفة الإنسانية، ولذا يرفض الروائي المراوحة في مكانه لأن الدفق يظل قوياً عنده، وهو يتعامل مع ذاته ويتناول موضوعاً فكرياً يشغله هو بالدرجة الأولى ثم يجد نفسه بحاجة إلى أدوات لغوية معينة لقولبة أفكاره· ونبه بقطاش إلى تعذُّر استعارة لغة الأجداد للكتابة الروائية الآن ''يستحيل عليَّ الكتابة على طريقة الجاحظ؛ العصر يأبى عليَّ ذلك، ولذا أواجه كغيري مشكلة اللغة الروائية''· وعن طبيعة هذه المشكلة أوضح أن الرواية فنٌّ وافدٌ على العرب على الرغم من أنهم أول من كتب الرواية في التاريخ عن طريق ''الحمار الذهبي'' للكاتب الجزائري أبوليوس، لكن العرب القدامى لم يعرفوا كيف يتعاملون مع تلك الرواية ولم يطوِّروها حتى تلقفها الأوربيون منهم· وتطرق بقطاش إلى واقع الصراع اللغوي في الجزائر، فهناك العربية والفرنسية والأمازيغية واللهجات العامية الهجينة التي تأخذ مفرداتها من لغات مختلفة، وهو يسعى جاهداً إلى المزاوجة بينها مما يدخله في ''مجابهات عديدة'' معها حينما يسعى إلى تطويعها وصهرها في لغة واحدة عربية سليمة وفصيحة، واعتبر أنها مشكلة سيبقى الروائيون الجزائريون يواجهونها· ولفت بقطاش الانتباه إلى أنه من الخطأ احتقار العامية فهي تحمل التراث الشعبي ولذا كتب بعض رواياته باللهجة العامية أولاً ثم نقلها إلى الفصحى حتى لا يفلت منه هذا التراث الثري، كما أن نقل الواقع المعيش إلى الفصحى يفرض عليه أسلوباً آخر غير الذي فرضه النحويون قديماً، فقد يبدأ بظرف زمان عوضاً عن الجملة التقليدية، وهو أمر عسير حتى أنه بدأ يشعر بأنه صار ''ضيفاً ثقيلاً'' على لغة هذا العصر· أما الدكتور أحمد منور فيرى أن لغة الإبداع تختلف عن اللغة ''المشتركة'' المتداولة بين الناس، فهي ليست مجرد أداة تبليغ، بل لغة أخرى مشحونة بالمجازات والاستعارات والأساليب الهادفة إلى لفت النظر إلى الجانب الجمالي، ألفاظها وعباراتها منتقاة، وبناؤها يتم بأساليب جمالية· ونبه منور إلى أن الرواية الحديثة تجاوزت الرواية الكلاسيكية، إذ أصبحت لغتها تميل إلى الشعر وتقديم نصٍّ مكثف مملوء بالمجازات والإيحاءات والاهتمام بالجانب السردي والبحث عن توليد الصور، يتحدث عن الشخصية ولا يتحدث كثيراً على لسانها فيتحرر بذلك· وأكد أن الرواية هي أكثر الفنون تعبيراً عن تفاصيل الواقع الكثيفة، فهي تعتمد فن الحكي وسرد التفاصيل ونقل الواقع بشكل فني ما يجعل الروائي في''تحدٍ'' يومي مع الواقع لتوظيف مستجداته والتعبير عنها بلغة روائية جمالية·
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©