السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

البريطانيون يحسمون بحماس علاقتهم بأوروبا خلال ساعات

23 يونيو 2016 20:36
في أجواء ملبدة بالغيوم ووسط أمطار غزيرة، توجه ملايين البريطانيين، اليوم الخميس، إلى مراكز الاقتراع للتصويت في الاستفتاء التاريخي الذي سيقرر مصير عضوية بلادهم في الاتحاد الأوروبي. ويحق لنحو 47 مليون شخص الإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء، وهو رقم قياسي بالنسبة للمشاركة الانتخابية في تاريخ المملكة المتحدة. وفتحت مراكز الاقتراع في السابعة صباحاً (وفقاً للتوقيت الصيفي في بريطانيا) ومن المقرر أن تغلق في العاشرة مساء، ومن ثم تبدأ عمليات الفرز في 382 مركزاً محلياً في إنجلترا واسكتلندا وويلز بالإضافة إلى إيرلندا الشمالية وجبل طارق. ولم تختلف أجواء الحملات المؤيدة والمعارضة، التي استمرت على مدى الأربعة أشهر الماضية، كثيراً عن الطقس السيئ الذي يعصف ببريطانيا تزامناً مع بداية فصل الصيف، حيث اتسمت الأجواء العامة بالكثير من الانقسامات والاستقطاب وهو ما ظهر جلياً في المنشورات المنتشرة في كل مكان وفي عناوين الصحف ومناظرات السياسيين الحادة التي تخللها بعض المشادات بين معسكر «البقاء» ومعسكر «الخروج». وسيطرت ملفات الهجرة وحماية الحدود والحرب على الإرهاب والبطالة وارتفاع أسعار السكن والمواصلات العامة إضافة إلى مصير خدمة الصحة الوطنية على المعسكرين، حيث حرصا على استخدام الأوراق نفسها. وأثار مقتل النائبة العمالية جو كوكس على يد مسلح يعتقد أنه ينتمي إلى اليمين المتطرف كثيرا من التساؤلات حول شراسة نبرة الحملات الانتخابية واستخدام أسلحة التخويف وبث الكراهية وأثر ذلك على الأجواء المحيطة بالاستفتاء. وتباينت استطلاعات الرأي على مدى الشهور التي سبقت الاستفتاء حيث تقدم معسكر «الخروج» لفترة ثم ارتفعت أسهم معسكر «البقاء» بعد مقتل كوكس حيث كانت النائبة من أكبر الداعمين لبقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، وتشير أحدث استطلاعات الرأي إلى تقارب كبير بين المعسكرين. وينتظر العالم نتائج الاستفتاء، المقرر أن يبدأ إعلانها، مساء اليوم الخميس، بمزيج من الشك والترقب خاصة فيما يتعلق بانعكاسات نتائج الاستفتاء على السياسات الخارجية لبريطانيا ودوّل الاتحاد وعلى الاقتصاد نظرًا لموقع بريطانيا كمركز أوروبي وعالمي للاستثمارات والأعمال المصرفية. وتراجع سعر الجنيه الاسترليني، كما أظهر الاقتصاد البريطاني تباطؤاً، وفقا لتقارير، أفادت بأن المستثمرين حول العالم وفي الخليج بشكل خاص أظهروا إحجاماً عن الدخول في استثمارات جديدة فضلا عن شراء عقارات نظراً لأجواء عدم الاستقرار التي يشيعها شبح خروج بريطانيا وما سيعقب ذلك من تداعيات قد يترتب عليها انفراط عقد الاتحاد الأوروبي بأكمله. ودعا رئيس الوزراء ديفيد كاميرون إلى الاستفتاء تحت ضغط من حزبه المحافظين الحاكم وحزب مناهض للاتحاد الأوروبي تتزايد قوته على أمل إنهاء عقود من النقاش بشأن مكان بريطانيا في أوروبا وروابطها مع بروكسل. وأظهرت معظم استطلاعات الرأي منافسة حامية بين معسكر «البقاء» في الاتحاد الأوروبي ومعسكر «الخروج» في نهاية حملة هيمنت عليها الهجرة والاقتصاد وهزتها جريمة قتل نائبة بمجلس العموم مؤيدة للاتحاد الأوروبي بالرغم من أن استطلاعين أشارا في وقت متأخر أمس الأربعاء إلى تقدم معسكر «البقاء». ويقول معسكر «الخروج» إن اقتصاد بريطانيا سيستفيد من الانسحاب من الاتحاد الأوروبي. ويقول كاميرون إنه سيحدث فوضى مالية. ويعكس استعداد المتعاملين والمستثمرين والشركات لتقلبات في الأسواق المالية أيا كانت نتيجة الاستفتاء مزاجا يتجه نحو رفض المؤسسات لوحظ كذلك في الولايات المتحدة وفي أماكن أخرى من أوروبا. وقال مسؤولون حكوميون مطلعون إنه من المقرر أن يصدر كبار المسؤولين الماليين في دول مجموعة السبع بياناً يؤكد استعدادهم لاتخاذ كل الخطوات اللازمة لتهدئة الأسواق إذا صوتت بريطانيا لمصلحة الخروج من الاتحاد. وقال موريتز كرايمر مسؤول التصنيفات السيادية بمؤسسة «ستاندرد آند بورز» لصحيفة «بيلد» الألمانية إن المؤسسة قد تخفض سريعاً التصنيف الائتماني الممتاز لبريطانيا إذا خرجت من الاتحاد الأوروبي. وسيتوقف الكثير على حجم الإقبال على التصويت وبينما يبدو البريطانيون الأصغر سناً أكثر تأييداً للاتحاد الأوروبي من أولئك الأكبر سناً فمن المرجح أن يكونوا أقل إقبالا على التصويت. وطالب كاميرون أنصار معسكر «البقاء»، أمس الأربعاء، الناس بالخروج قائلاً: «اخرجوا وادلوا بأصواتكم من أجل بريطانيا أكبر وأفضل داخل اتحاد أوروبي معدل». وقال منافسه الرئيسي رئيس بلدية لندن السابق بوريس جونسون الذي يقود معسكر «الخروج» للناخبين إن هذه هي «الفرصة الأخيرة لحسم الأمر». وقفز الجنيه الاسترليني إلى أعلى مستوى له هذا العام أمام الدولار الأميركي في أواخر التعاملات أمس بعد أن أشار استطلاع للرأي إلى تقدم واضح لمعسكر «البقاء» ومع احتساب الأسواق فرصة نسبتها 80? لعدم خروج بريطانيا من الاتحاد. ورسمت استطلاعات الرأي صورة لبلد منقسم بشكل حاد مع اختلافات كبيرة بين الناخبين الأكبر سنا والناخبين الشبان وبين لندن واسكتلندا المؤيدتين للاتحاد الأوروبي ووسط انجلترا الذي ينظر بشكوك إلى أوروبا. وانعكس هذا الانقسام في عناوين الصفحات الأولى بالصحف البريطانية. وخرجت صحيفة صن أوسع الصحف البريطانية انتشارًا بعنوان «يوم الاستقلال» في حين خرجت ميرور اليومية بعنوان تحذيري «لا تقفز إلى الظلام». وحاز الاستفتاء اهتمام صحف خارج بريطانيا، ففي الصين حذرت مطبوعة «جلوبال تايمز»، التي تنشرها صحيفة «الشعب» اليومية الرسمية، من أن بريطانيا ستفقد نفوذها عالمياً إذا صوت الناخبون لمصلحة خروجها من الاتحاد الأوروبي. وأياً كانت نتيجة الاستفتاء فإن التركيز على الهجرة إلى بريطانيا والتي زادت بشكل كبير في الأعوام القليلة الماضية ربما يفاقم الانقسامات في بلد تتسع فيه أيضا الفجوة بين الأغنياء والفقراء. وإذا اختارت بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي فإن الزعيمة الاسكتلندية نيكولا ستورجين أشارت إلى أن اسكتلندا قد تدعو إلى استفتاء على الخروج من المملكة المتحدة. وحتى إذا جاءت نتيجة الاستفتاء لمصلحة البقاء فإن كاميرون قد يجد صعوبة في رأب الخلافات داخل حزبه والبقاء في منصبه. ودعا زعماء أجانب - من بينهم الرئيس الأميركي باراك أوباما والرئيس الصيني شي جين بينغ - بريطانيا إلى البقاء في الاتحاد الأوروبي وهي رسالة أيدتها منظمات مالية عالمية وكثير من رؤساء الشركات ومحافظو البنوك المركزية. وحذرت بنوك دولية من أن قيمة الاسترليني قد تهبط بشكل حاد إذا صوتت بريطانيا لمصلحة الخروج فيما يتوقع متعاملون أن تشهد الأسواق أسوأ تقلبات منذ الأزمة المالية في 2008-2009. وقال معسكر «الخروج» إن هبوط الاسترليني سيعزز الصادرات البريطانية ووجد تأييدًا بين بعض المتخصصين الماليين والمشاريع الصغيرة. وحث هذا المعسكر الناخبين على تجاهل ما يسميه «المؤسسة» التي قال إنها ستكون أكبر الخاسرين من خروج بريطانيا من الاتحاد. ويجاهد الاتحاد الأوروبي لمعالجة أزمة للهجرة وأزمة اقتصادية وفي حالة الموافقة على خروج بريطانيا من الاتحاد فإن ذلك سيعزز المعارضة له داخل دول أعضاء أخرى. وقال دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبي في لشبونة، الاثنين الماضي، مخاطبًا الناخبين البريطانيين «ابقوا معنا». وأضاف قائلاً: «من دونكم، ليس فقط أوروبا بل المجتمع الغربي كله سيصبح أضعف، معاً سيكون بمقدورنا التغلب على تحديات المستقبل التي تزداد صعوبة».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©