الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

العلماء: المجتمع الاستهلاكي يعزز انتشار آفة الإسراف

العلماء: المجتمع الاستهلاكي يعزز انتشار آفة الإسراف
19 مارس 2015 22:58
حسام محمد (القاهرة) المتابع للإحصاءات التي تتعلق بالإنفاق في العالم العربي يكتشف أن مجتمعاتنا تعاني ظاهرتي الإسراف والتبذير، وأصبحنا نراهما بصورة واضحة في شتى نواحي الحياة والغريب والخطير في الوقت ذاته أننا مجتمعات استهلاكية وليست إنتاجية وهذا البذخ الاستهلاكي وبعضه للأسف ترفي يؤدي إلى استنزاف دخل النسبة الأكبر من المسلمين، بل وتسبب في كثير من الأحيان في دخول المواطن المسلم دوامة الديون من أجل توفير المال كي تصرفه أسرته في شراء السلع المختلفة وبعضها غير ضروري. مخاطر عديدة وأوضح الدكتور رفعت العوضي أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر أن للإسراف والتبذير مخاطر على مستوى الأسرة أو المجتمع ككل فعلى مستوى الأسرة يؤدي الإسراف والبذخ إلى معاناة رب الأسرة في العمل، حيث يضطر إلى العمل فوق طاقته حتى يوفر لأسرته المال اللازم لتحقيق هوسهم الشرائي وكثيراً ما يضطر رب الأسرة للاستدانة كي تشتري زوجته سلعة غير ضرورية لها وهنا قد يقع المحظور فالرجل يسعى لتحقيق كل ما تريده زوجته بغض النظر عن كونها تسرف في احتياجاتها وتبذر في ماله. ويضيف: على مستوى المجتمع يؤدي الإسراف إلى هزات في اقتصاديات، حيث يؤدي الإسراف الترفي والاستهلاكي إلى وجود فجوة بين الإنتاج والاستهلاك لصالح الاستهلاك الأمر الذي يعني زيادة حدة الاستيراد بما يؤدي إلى فقد المجتمع لجزء كبير من موارده هدراً ما يؤدي لتراجع الاقتصاد القومي الأمر الذي يؤدي إلى التضخم ومن ثم ترتفع الأسعار ويعم الغلاء. الحملات الإعلامية وعن رأي الدين في القضية، يقول الدكتور محمد الدسوقي - أستاذ الشريعة بجامعة القاهرة: الإسلام حذر من الإسراف ووصفه بالآفة الخطيرة ووصف المبذرين بأنهم كانوا إخوان الشياطين وكان الإسلام هو أول من وضع طرقا حقيقية لمواجهة تلك الآفة الخطيرة التي تهدد استقرار الأسرة المسلمة وينجم عنها الكثير من المشكلات الخطيرة. ويضيف: الإسلام كي يواجه آفة الإسراف حرص على تربية المسلم تربية استهلاكية صحيحة فمن أهم أهداف تربية الإنسان المسلم تهذيب السلوك بحيث ينشأ المسلم على تهذيب السلوك في التعامل المالي خاصة في عمليات الشراء ويدرك أهمية تأثير ذلك الأسلوب على الأسرة حيث يقتدي الأبناء بالآباء وتقتدي الأسر بغيرها من الأسر والغرض بتهذيب السلوك الشرائي هو التطبيق الفعال في حياتنا الأسرية بحيث يصبح سلوكنا سلوكاً معتدلاً متوازناً دون إسراف أو تبذير . مسؤولية المرأة المسلمة الدكتورة عفاف النجار - العميد الأسبق لكلية الدراسات الإسلامية بنات بالأزهر - تقول من جانبها إن المرأة المسلمة بوصفها هي الأكثر مسؤولية عن ميزانية المنزل لابد أن تعرف جيداً أن استنزاف المال بلا ضرورة والإسراف في ذلك أمر خطير وأن الإسراف والتبذير وبعثرة الأموال في أمور لا ينبغي صرفها فيها، يؤدي إلى خروج الإنسان عن الجادة القويمة والتورط بالفساد والانحطاط، بنحو لا يرى لأبناء نوعه، بل لسائر المكونات قيمة تستحق الالتفات إليها والاهتمام بها، فلا يشعر بالجياع والمحرومين والمعذبين ومضحياً بكل ذلك في مقابل إطلاق العنان لنفسه تنجرف مع الإسراف والتبذير في ملاذها الكاذبة وشهواتها الخادعة ولهذا فقد حث الإسلام أتباعه على ضرورة التحلي بالوسطية في الإنفاق لا بخل ولا إسراف كما في قوله تعالى: (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُوراً). مشيرة إلى أن الأمة الإسلامية أصبحت شرهة استهلاكياً. الإسراف يقود إلى الشر من جانبه، يقول الدكتور الأحمدي أبو النور عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر أن الإسراف خطر وقد اتفق العلماء على أن إسراف الإنسان يقوده إلى أنواع كثيرة من الشر فالإسراف يجر الإنسان إلى الهلاك، وقد قرر القرآن الكريم هذه الحقيقة بقوله: «ثُمَّ صَدَقْناهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيناهُمْ وَمَنْ نَشاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِين»، وكذلك يؤدي الإسراف إلى تحريك النفس البشرية إلى المعاصي ويشغلها عن الطاعات كما أنه يحرك الغرائز الساكنة أو الكامنة في هذه النفس وحينئذ لا يؤمن على الفرد من الوقوع في الإثم والمعصية ولهذا فلابد من كبح جماح الإسراف والتبذير بكافة السبل وعلى وسائل الإعلام والثقافة الإسلامية في بلادنا العمل على طرح برامج تثقيفية تؤدي إلى تعميق الالتزام بالتوجهات الإسلامية في الاستهلاك بترشيده ونبذ الإسراف والتبذير وكذلك البخل والشح فلا يصح أن نكافح البذخ ونترك التقتير فمثلما ذمت الشريعة الإسلامية المسرفين فإنها ذمت المقترين على أنفسهم وعلى أهلهم، فالمطلوب من الإنسان المسلم الاعتدال في الإنفاق بما يؤدي إلى المحافظة على موارد الأمة وحسن تخصيصها وكفاءة استخدامها فالتوجه نحو الاستهلاك الكبير كأحد السلوكيات السلبية خطر كبير يهدد الفرد والمجتمع وهنا يأتي دور التربية الإسلامية بوصفها الأسلوب الأمثل الذي يعمل على تطهير النفوس من القيم الشريرة وغرس القيم الخيرَّة من أجل توجيه سلوك الإنسان نحو خير البشرية. ويضيف: تعميق القيم التربوية الإسلامية سيكون له أثر فعال في تقويم السلوك الاستهلاكي للمسلمين، حيث تبعثه وتدفعه نحو اتخاذ القرار الرشيد الذي يحقق له مقاصد الشريعة الإسلامية والتي تتمثل في: حفظ الدين والنفس والعقل والعرض والمال ويجب أن تكون هذه القيم هي أساس التربية في البيت وفي المدرسة وفي الأسواق وفي كافة نواحي الحياة، كما يجب التحذير من المفاهيم التربوية المستوردة والتي تتعارض مع قيم الإسلام.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©