الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

مختصون: غياب التوعية و التنزيلات يدفعان مستهلكين نحو الكماليات

مختصون: غياب التوعية و التنزيلات يدفعان مستهلكين نحو الكماليات
28 يونيو 2008 22:44
تسيطر النزعة الاستهلاكية على أوجه الإنفاق لمختلف شرائح المجتمع، مع التركيز على سلع كمالية على حساب أخرى أساسية بحسب ما خلصت إليه دراسات رسمية، فيما تغيب قنوات توعية المستهلكين المنجرين خلف الإعلانات الترويجية مدعومين بشروط تسهيلات وقروض ميسرة· ولكن الطلب المتزايد على السلع الكمالية يهدد بإفراز تشوهات اقتصادية تضاف إلى التضخم وزيادة الاعتماد على القروض، أبرزها ''الفقر الخفي'' الذي حذرت منه دائرة التخطيط والاقتصاد أبوظبي، واختلال الميزان التجاري في دولة تعتمد على الاستيراد لسد 85% من احتياجاتها السلعية· ويقول رب الأسرة ضرار الحرباوي إن النمط الاستهلاكي السائد هو ''نمط استهلاكي كمالي''، إذ إن التوجه الاستهلاكي نحو السلع الكمالية ''يزيد مع مرور الوقت''· ويضيف ''لم يعد هنالك استهلاك يعتمد فقط على السلع الأساسية''· ويؤكد أن التطور التكنولوجي يعد ''من أهم أسباب نمو هذه الظاهرة''، إذ إن ''تنوع المعروضات التكنولوجية وطرح أنواع جديدة باستمرار تجذب المستهلك لشرائها وتجربتها''· وفي الوقت الذي يتصاعد فيه الإنفاق الاستهلاكي، الذي بات يسيطر على حصة مؤثرة من دخل الأفراد في الدولة بحسب إحصائيات رسمية، ما يزال الوعي الاستهلاكي ''شبه مغيب'' ليصل إلى حد ''ابتياع سلع لا حاجة لها''، على حد وصف خبراء في شؤون المستهلك· ولا يتوقف الأمر عند ثنائية تزايد الإنفاق وقلة الوعي، فموجات الدعاية والإعلان تتدفق باستمرار، وتلقى رواجا لدى شريحة واسعة من المستهلكين، بموازاة إجراءات ميسرة تكفل الحصول على قروض تصل إلى 20 ضعف الدخل الشهري للفرد· وارتفع حجم الإنفاق الاستهلاكي الخاص (العائلي) في الإمارات إلى 320 مليار درهم بنسبة نمو 122% مقارنة بـ144مليار درهم عام 2002 بمتوسط معدل نمو سنوي بلغ 18%، بحسب إحصائيات أصدرتها وزارة الاقتصاد أمس· وبينت دائرة التخطيط والاقتصاد في تقريرها الأسبوعي أن ''تحفيز الشركات التجارية المستهلكين بكل السبل على الشراء، والترويج الإعلامي الذي يحاول باستمرار خلق قناعة لدى جمهور المستهلكين بحاجتهم إلى أشياء معينة لا يحتاجونها فعليا، وتسهيلات البنوك في منح القروض الاستهلاكية كلها أمور تساعد على الوصول بالإنفاق الاستهلاكي إلى هذه المستويات''· وارتفع إجمالي حجم القروض الشخصية الاستهلاكية خلال الربع الأول من هذا العام إلى نحو 48,4 مليار درهم، مقابل 43,5 مليار درهم في نهاية العام الماضي، بنسبة نمو تجاوزت 11% خلال الشهور الثلاثة الأولى من العام، بحسب المصرف المركزي· ويتفق الخبير في شؤون حماية المستهلك حسن الكثيري مع ما خلص إليه التقرير· ويرجع ارتفاع حجم الإنفاق الإستهلاكي الى ضعف الوعي لدى الجمهور حول السلع التي يقومون بشرائها، بحيث يقبلون على السلع التي لا يحتاجونها· ويؤكد الكثيري أن هناك فجوة بين حجم الدعاية والإعلان وتوعية المستهلك، مشيرا إلى وجود ''نقص في الجهات التي تقوم بتوعية المستهلك وتحميه وتوجهه لشراء الحاجات الأساسية ذات الجودة العالية''· ويشير الى أن الإنسان ذا الدخل الضعيف يتجه إلى شراء أحدث جهاز متحرك على سبيل المثال بدلا من شراء سلعة تعليمية لأبنائه أو سلعة غذائية ذات قيمة عالية لعائلته· ويؤثر ارتفاع الإنفاق الإستهلاكي عاما بعد عام سلبا على الاقتصاد، من خلال ارتفاع حجم الديون والقروض الشخصية وعدم القدرة على التوفير، ما ينعكس سلبا على مستقبل الأسر إضافة الى تأثيرها السلبي على صحة الإنسان من خلال شراء منتجات كمالية ذات جودة منخفضة، وفقا لتقرير دائرة التخطيط والاقتصاد· ويقول الحرباوي إن ''ارتفاع الدخل وتحسن القدرة الشرائية للمستهلكين يساهم أيضا في زيادة الإنفاق الإستهلاكي''· في المقابل، تقول الدكتورة ليلى حلمي، الأستاذة في جامعة أبوظبي، إن ''الحياة العملية السريعة هي السبب الرئيسي في تزايد الإنفاق الاستهلاكي على السلع والمنتجات الكمالية''· وتضيف أن ''المستهلك أصبح يعتمد في مشترياته على السلع الجاهزة السريعة كالوجبات السريعة على سبيل مثال، بسبب ضيق الوقت''· وتؤكد أن تنوع المنتجات وإطلاق العروض والتنزيلات عليها عوامل تجذب المستهلك الى شرائها وبكميات كبيرة رغم عدم حاجته لها، كالملابس والألعاب والسلع الغذائية الكمالية· ويأتي ذلك فيما تتنافس محال تجارية على طرح عروض تشجيعية لجذب المستهلكين، تصل إلى تخفيضات تتراوح بين 25 إلى 70%، إذ تشهد مراكز التسوق إقبالا ملحوظا في فترة التنزيلات لا سيما على السلع غير الغذائية، بحسب عاملين في تلك المحال· وتشير حلمي إلى أن نمط الإنفاق الاستهلاكي ينتشر بشكل رئيسي بين فئة الشباب، فالسلع الكمالية بعروضها المستمرة تجذب الشباب بالدرجة الأولى بسبب متطلبات العصر، مضيفة أن كبار السن يقدمون على شراء تلك السلع لأبنائهم على سبيل المثال، رغم أنهم يفضلون شراء السلع الأساسية فقط· وتتفق الموظفة روشن جلال، التي كانت تنتقي مستحضرات تجميلية في أحد متاجر العطور ومستحضرات التجميل، مع حلمي· وتؤكد أن متطلبات الحياة في الوقت الحالي أصبحت مختلفة، فأصبح التوجه الى السلع الكمالية بدلا من الأساسية، وذلك لمواكبة العصر والشباب· بيد أن جلال تفضل شراء السلع الأساسية التي تحتاجها بدلا من شراء السلع الكمالية· وبدوره، يؤكد الكثيري أن الهدف من الدعاية والإعلان ليس التوعية، بل بهدف تحقيق الربح وتحفيز الاستهلاك الكمالي خصوصا من خلال إطلاق التجار للعروض والتنزيلات على مختلف السلع· ويؤكد أن عدم قيام الأسر بوضع أهداف وخطط لترتيب الأولويات والتوفير والحد من الإنفاق الإستهلاكي سببا رئيسيا في ارتفاع إنفاقهم الاستهلاكي· ويضع الكثيري غياب التشريعات والقوانين التي تنظم حجم الدعاية والإعلان في المحلات العامة وفي محطات التلفاز والإذاعية والصحف على رأس قائمة الأسباب التي أدت إلى تفشي النزعة الاستهلاكية لدى شرائح مختلفة من المجتمع· ويؤثر ارتفاع حجم الإنفاق الإستهلاكي سلبا على الاقتصاد، بحيث يرتفع حجم الإسراف ما ينعكس على زيادة حجم القروض الشخصية والديون الكبيرة للبنوك· وتؤكد دائرة التخطيط والاقتصاد أن ''تمدد الإنفاق الاستهلاكي على حساب الاستثمار والادخار له انعكاسات سلبية عديدة على الاقتصاد المحلي، خاصة وأن غالبية السلع المستهلكة في المجتمع هي سلع أجنبية''· ويوضح التقرير أن العديد من الشركات التجارية والبنوك باتت تتفنن في تحفيز المستهلك على الشراء، مشيرا إلى أن الجمعيات التعاونية التي لها رسالة محددة تجاه المجتمع بحكم قانون إنشائها، ''تتحرك في معركة الأسعار بعقلية التاجر المحترف ومن واقع فكر تجاري محض تسعى من ورائه إلى تعظيم أرباحها، على حساب المجتمع''· ويشير الكثيري الى تأثير العولمة على النمط الاستهلاكي، بحيث إنها فرضت نفسها على الأسر وخصوصا الشباب من خلال التقليد والمحاكاة· وتحذر دائرة التخطيط والاقتصاد من استشراء النزعة الاستهلاكية لدى أفراد المجتمع، ومن تفشي ظاهرة ''الفقر الخفي'' المتجسد في سعي شريحة من أفراد المجتمع لتوفير الكماليات على حساب الضروريات·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©