الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أعمال عديلة بندقجي.. عزف على فنون الرسم الإسلامي

أعمال عديلة بندقجي.. عزف على فنون الرسم الإسلامي
27 أغسطس 2009 01:43
ضمن تجارب الفن الإسلامي المتعددة والمتنوعة، ما بين الخط العربي والزخرفة والنقوش والرسومات، هذه التجارب الممتدة على مدى قرون وجرى تطويرها باستمرار، عمل الفنان المسلم على الالتزام بمبادئ وأفكار ورؤى تستلهم الرؤية القرآنية والنبوية تجاه الفن بكل أشكاله، حيث تميزت تجارب الفن الإسلامي بأن لها رؤيتها الخاصة للوجود وموجوداته من البشر والنبات والحجر والكائنات كلها عموما. تنتمي غالبية تجارب الفن الإسلامي للفن التجريدي، ممثلا بالأشكال الهندسية والنباتية وفن الخط العربي، وتبتعد عن التجسيد ولا تشتمل على رسوم للبشر، خوفا من شبهة الادعاء بالخلق الذي هو خاصية لله وحده. وحتى حين كان الفنان يصور شخصا أو كائنا حيا فقد كان يعمد لرسمه ناقصا عضوا ما. ورغم تحريم التشخيص والتجسيد لدى بعض الفقهاء، لم يتورع البعض عن رسم الشخوص كما هو الحال في القرون الأخيرة من الامبراطورية العثمانية، حيث سنجد لوحات لشخصيات من الزعماء والشخصيات المعروفة في المجتمع. وهو ما يمثل خروجا عن الفلسفة الفنية في الإسلام، لكنها تظل صورا نادرة في معارض الفن الإسلامي. وكما يرى باحثون في الفن الإسلامي فأهم سمات هذا الفن هي «الفلسفة التي يقوم عليها من حيث الاعتقاد، فالمسلم يرى الله بقوته وعظمته ورحمته هو مركز الكون وكل شيء يبدأ منه ليعود إليه. ويرى ذلك جليا في استخدام النقوش المتوالدة والمتناظرة التي تتمركز حول عنصر لتدور وتعود إلى نفس التكوين. إن الفن الإسلامي ليس فنا دعويا كما في المسيحية ولكنه نفعي بالدرجة الأولى بمعنى أنه يحاول تجميل القطع النفعية للاستخدامات اليومية دون قصد جعلها تحفة موضوعة على رف للزينة فقط، فقد زين الفخار والصحون ونقش الجدران السلاح، إيمانا منه بأن الحياة بسيطة ولكنها أيضا ليست فارغة من الجمال. لذلك ترى المنتجات الفنية الإسلامية مجهولة المصدر أو الصانع، لأن من يصنعها لم يقصد منها تقديم نفسه كفنان مستقل ولكنه كان يحرص على تقديم شيء جميل ينتفع به. بين الالتزام والتطوير في إطار تجارب الفن الإسلامي الحديث، تشكل تجربة الفنانة السعودية عديلة بندقجي واحدة من تجارب هذا الفن الملتزمة بنهج الإسلام ومبادئه الأساسية التي عرفها الفنانون المسلمون عبر التاريخ، ثم عملوا على تطويرها خلال القرون الخمسة عشر الفائتة، من دون التخلي عن هذه المبادئ وذلك النهج، فقد جسدت الفنانة بندقجي، عبر تجربتها الممتدة على مدى خمس عشرة سنة، مجموعة من القيم الفنية الجمالية ذات الأبعاد الدينية الملتزمة بقواعد الفن الإسلامي. تجربة عديلة بندقجي تستحق الوقوف عند أبرز عناصرها ومفرداتها اللونية والحروفية وموضوعاتها، لما تمثله هذه التجربة من تميز في ساحة الفن العربي الإسلامي الذي يجمع الجمال والرسالة الدينية في آن واحد، فهي تسعى لخلق التوازن بين العنصرين في كل أعمالها، وهو ما تلخصه تجربتها في معرضها «من وحي الإيمان» الذي أقيم في دبي مؤخرا، والذي يضم عددا من أعمالها لتعبر عن تجربة جديدة في الفن العربي الإسلامي، ويندر أن تقدمها فنانة عربية، وذلك من حيث مفردات هذه التجربة وعناوينها الأساسية، تجربة تقوم على عناصر عربية إسلامية معروفة تعمل الفنانة على توظيفها في لوحات جدارية ذات حجم كبير، وتستخدم فيها العناصر الحروفية واللونية والزخرفية على نحو يخدم رؤية دينية واضحة المعالم، كما يلعب دورا وظيفيا إضافة إلى دوره التزييني. اهتمام بالتفاصيل تمزج الفنانة بين الخط العربي بأنواعه، الكوفي والثلث والنسخ وغيرها، وبين الزخرفة العربية بأشكالها النباتية والهندسية، فهي تتكئ على تجربة من الرسم على القماش بعناوين دينية عريضة أبرزها كسوة الكعبة التي مارستها سنوات، كما أنها تميل في عملها إلى الضخامة في حجم اللوحة حيث تتجاوز مساحة بعض أعمالها المترين طولا والمترين عرضا. كما تقدم الفنانة جانبا من تجربتها في العمل اليدوي الدقيق على الستائر والسجاد، فهي تعمل على تزيين تصاميمها ومطرزاتها من خلال الخيوط الحريرية بآيات من القرآن الكريم. وفي التجربة الشاملة للفنانة تظل الآيات القرآنية والمأثورات من الأقوال ذات المصدر الديني هي الحاضرة أكثر من سواها، وتأتي تصاميمها ولوحاتها بشكل وملمس وألوان متنوعة، لكن تغلب عليها الدقة والألوان الدافئة. وهي تستخدم في ذلك الخيوط والأقمشة المختلفة، كما تستخدم وسائل عدة تبرز مهارات فنية وخيالا مبتكرا يمنح الإحساس بقوة الرباط بين الإسلام والفن من خلال محاولة للتغلب على الاختلافات في اللغة والثقافة وحتى العقيدة في الوقت نفسه، فهي صاحبة رسالة وفنانة في آن.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©