الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإسرائيليون... كيف ينظرون لأوباما؟

2 يناير 2010 01:31
أمجد عطا الله - المدير المشارك لمجموعة العمل حول الشرق الأوسط بمؤسسة «أميركا الجديدة» دانيال ليفي - زميل كبير في المؤسسة ذاتها قد يكون مؤشّر تقبّل الرئيس الأميركي بين المواطنين الإسرائيليين أمراً تافهاً إلى حد ما، فعملية إعادة انتخاب أوباما ستتقرر في نهاية المطاف في فلوريدا وأوهايو وبنسلفانيا، وليس في حيفا وتل أبيب وناتانتا. رغم ذلك يبقى المفهوم قائماً بأن مؤشر تقبّل الرئيس الأميركي في إسرائيل يمكن أن يؤثر بشكل كبير على قدرته في التوصل إلى اتفاقية سلام شامل. لهذا السبب أصبح مؤشر التقبّل الذي وصل إلى مستوى منحطّ بلغ 4 في المئة بين الإسرائيليين، وهي نتيجة تقع ضمن هامش الخطأ، سبباً للقلق. إلا أن النسبة تشكل في الواقع تضليلاً. تقترح نتائج استطلاع قمنا به أن الجمود في التوصل إلى اتفاقية سلام ليس له سوى علاقة ضئيلة بالمنظور الإسرائيلي حيال أوباما. ظهرت نسبة الأربعة بالمائة، والتي أصبحت تشكّل مؤشراً كلي الوجود لفشل أوباما في الشرق الأوسط أصلاً من استطلاع "الجيروزاليم بوست" الصيف الماضي. ولكنه لم يكن مؤشراً، سأل السؤال الذي طُرِح ما إذا كان الإسرائيليون يؤمنون أن أوباما "يناصر إسرائيل أكثر"، مقارنة بـِ "يناصر الفلسطينيين أكثر" أو أنه حيادي، وتبنى الإعلام الغربي هذه المعلومة الإحصائية أحياناً ليناقش بأن الرئيس لا يملك الدعم الإسرائيلي الكافي لإسناد جهوده في عملية السلام. إلا أن الرقم مضلل، وحتى يتسنى توضيح الرأي العام الإسرائيلي، فقد قمنا بإجراء استطلاع لألف إسرائيلي من خلال مؤسسة "جيرستاين أجني" للاتصالات الاستراتيجية، أعلنت عن نتائجه مؤخراً (مؤسسة أميركا الجديدة). المحصلة النهائية هي أنه إذا أخذنا بالاعتبار القليل الذي استثمره أوباما في مخاطبة الجمهور الإسرائيلي مباشرة، فإنه يُنظَر إليه بضوء إيجابي نسبياً. ويبلغ التصنيف الإيجابي الذي توصلت إليه نتائجنا 41 في المئة (و37 في المئة غير إيجابي) هو عشرة أضعاف ذلك الذي ادعته "الجيروزاليم بوست". هذه النسبة لا تعتبر فلكية في ارتفاعها بالنسبة للرئيس الأميركي، إلا أنها أقوى وبشكل مثير للانتباه من التصنيف الذي حصل عليه وزيرا الخارجية والدفاع الإسرائيليين، وأقل بسبعة نقاط فقط من المؤشر الذي حصل عليه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. ولا يعني ذلك أن الإسرائيليين ليسوا قلقين فيما يتعلق بأوباما. يعتقد 50 في المئة على سبيل المثال أنه ضعيف في مجال الإرهاب، ولا يوافق سوى 42 في المئة على أنه يدعم إسرائيل. في جلسة حوار في (مؤسسة أميركا الجديدة)، شرح "جيل تماري" من القناة العاشرة في إسرائيل، أن الكثير من ضعف شعبية أوباما النسبية في إسرائيل هو نتيجة مباشرة لهجمات الصحافة الإسرائيلية اليومية عليه. ولكن اعتماداً على نتائج استطلاعنا، إذا قرر أوباما في يوم من الأيام أن يخاطب الشعب الإسرائيلي مباشرة، فإن موقفه الذي سينطلق منه إيجابي وقوي نسبياً. وعندما يعود الأمر إلى بناء السلام على المدى البعيد، فإن ما توصل إليه الاستطلاع كذلك حول الرأي العام الإسرائيلي قد يثبت أنه له أثر أكبر بالنسبة لإدارة تجد نفسها في موقف جمود. يدعم الإسرائيليون، حسب الاستطلاع أي اتفاقية سلام يتم الوصول إليها بقيادة نتنياهو بهامش 59 إلى 34 في المئة. بل وأنهم يفضلون اتفاقية سلام تحددها الولايات المتحدة، مثل تلك التي حاول تحقيقها كلينتون عام 2001، وبنسبة 53 في المئة إلى 45 في المئة. المشكلة الوحيدة هي أن الإسرائيليين لا يبدون وكأنهم يفكرون أن السلام مع الفلسطينيين والدول المجاورة لهم أولوية ملّحة، أو أن غيابه يحمل أية نتائج فورية كافية ونتائج سلبية. شعبية أوباما أو انعدامها لا علاقة كبيرة لها على احتمالات السلام. المشكلة الحقيقية ببساطة هي أن الإسرائيليين سعداء بالوضع كما هو وليس لديهم الكثير من الحوافز لتغييره. لا يعتقد الإسرائيليون إلا بهامش بسيط يبلغ أربع نقاط إنهم لا يستطيعون تحمّل الأعباء الاقتصادية والأمنية للوضع الراهن، بل وتعتقد نسبة أقل أن الدعم الأميركي لإسرائيل سينخفض إذا لم يتحقق السلام (بواقع 49 في المئة إلى 47 في المئة ضمن هامش الخطأ). وإذا أخذنا بالاعتبار التحدي المتعلق بنقل نصف مليون مستوطن إسرائيلي يعيشون وراء الخط الأخضر، وهو حدود الدولة لعام 1949 (أو ترك البعض منهم تحت السيادة الفلسطينية المستقبلية) يبدأ المرء بفهم سبب كون التحليل القائم بين الفائدة والكلفة في صالح الإبقاء على الوضع الراهن. وإذا كانت هناك أية أخبار مشجعة للحكومة الإسرائيلية في نتائجنا فهي القدرة الإسرائيلية البارزة على البراجماتية. ويظهر ذلك جلياً في الدعم الإسرائيلي الشعبي لمفاوضات نتنياهو مع "حماس" حول عملية تبادل الأسرى، وقضايا المعابر والتفاهمات غير الرسمية حول وقف لإطلاق النار. ورغم أن 36 في المئة فقط من الإسرائيليين يعتبرون رئيس وزرائهم "صادق وجدير بالثقة"، فإن ما نسبته 69 في المئة، حسب نتائجنا (مقارنة بِ 55 في المئة الذين ينسبون هذه الخاصية المميزة لأوباما). يوافقون على تعامل نتنياهو مع القضية الأمنية. ويقترح الاستطلاع بالتأكيد أن لدى نتنياهو مساحة أكبر بكثير للمناورة في القضية الفلسطينية مما هو مفترض بشكل عام. ويظهر الاستطلاع في النهاية أن الإسرائيليين يهتمون إلى الدرجة الأكبر بقضايا خبزهم اليومي. وعند السؤال عن أسبابهم الأولى لدعم السلام، تأتي إجابات مثل "حياة طبيعية أكثر لأطفالنا" و"النمو الاقتصادي" في المرتبتين الأولى والثانية (بنسب 50 في المئة و37 في المئة بالترتيب). حتى اعتراف 22 دولة عربية، وهو أمر تسعى إليه الإدارة ويشجعه الكونجرس بشدة، فقد ثبت أنه لا يحفز سوى 15 في المئة من الإسرائيليين. بمعنى آخر لا يرى الإسرائيليون سوى أسباب قليلة بعدم الاستمرار بالاحتلال، وقد يكونون يحصلون على الأنواع الخاطئة من الحوافز لاختيار سبيل مختلف. يتماشى سلوك القيادة الإسرائيلية مع حساب سياسي قصير الأمد مفاده أن الإسرائيليين ليسوا على استعداد لتمزيق السيناريو القائم. فالاستمرار بالاحتلال بل وحتى ترسيخه يتجنّب على سبيل المثال خيارات سياسية صعبة تهدد التحالفات في الوطن، وتخلق أقل قدر ممكن من الكلفة المحلية والعالمية، ولا يُنظر إليها على أنها تحوّل فوائد جديدة ذات معنى سوف يتمتع بها الإسرائيليون مشروطة بصفقة سلام. حتى تتسنى الفرصة لأي جهد لتحقيق السلام لابد من إيجاد تصميم جديد للحوافز، وسوف تُترك شعبية أوباما أو انعدامها لسكان فرجينيا. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كومون جراوند»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©