الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لقاء الفني والتجاري

لقاء الفني والتجاري
23 مارس 2011 19:46
مئات الفنانين، وآلاف اللوحات القادمة من مختلف أرجاء العالم، وما يزيد عن ثمانين صالة عرض للفن التشكيلي، إضافة إلى الكثير من اللقاءات وورشات العمل والتظاهرات الفنية والفكرية- الحوارية، هو ما تجسده الدورة الخامسة من معرض “آرت دبي 2011” الذي يقام بدعم من هيئة دبي للثقافة والفنون، والذي غدا حدثا فنيا عالميا تشارك به الصالات المحلية والعربية والعالمية التي تعرض أعمال كبار الفنانين في العالم، هذا الحدث الذي يريد له أصحابه الجمع بين عوامل الفن وتجارة الفن وثقافة الفن والعلاقة متعددة الأبعاد بين الفن والجمهور. هذا ما تقوله مديرة المعرض أنتونيا كارفر “يشكل آرت دبي لزواره رحلة استكشافية فنية فريدة، سواءٌ من المقتنين الإقليميين والدوليين المخضرمين أو الناشئين، والقيِّمين والمشرفين على المتاحف والمعارض الفنية الفردية والجماعيّة، والقائمين على الصالات الفنية العالمية، والجماعات المُتحفيّة، وكافة المهتمين والراغبين بمعرفة تطورات وتحوّلات المشهد الفني والإبداعي بمنطقة الشرق الأوسط وجنوب آسيا، وكذلك أن يتيح للرسامين والنحاتين والمُبدعين عامّة فرصة التواصل مع نخبة من أهمّ الصالات الفنية العالمية المشاركة في آرت دبي”. جمهور المعرض الذي أقيم على مدى ثلاثة أيام (16 - 19 مارس الجاري) هنا كان إزاء تظاهرة مختلفة عن تظاهرات المعارض الفنية المألوفة، مختلفة عن البينالي الذي يقدم عرضا مفتوحا ومجانيا للجمهور، بينما يمتزج هنا التجاري بالثقافي، فثمة فاعليات مدفوعة الثمن، وجمهور يصطف في الطابور للحصول على بطاقة الدخول، لكن الجمهور العربي بينهم قليل جدا للأسف، فهو في الغالب جمهور أجنبي. وهناك جهات داعمة لا بد أن لها أجندتها ومتطلباتها من هذا المعرض، رغم أن أحد الأسباب الأساسية للمعرض كما يقول المنظمون هو نشر الوعي بالفن التشكيلي. نشر الوعي يبدو واضحا مثلا من خلال بعض الفعاليات الخاصة بالمنتدى الفني العالمي التي جمعت فنانين من العالم، ومنها كبار الفنانين العرب مثل ضياء العزاوي الذي قدم تظاهرة الفن العراقي الحديث. كما يبدو في فاعليات خاصة بالمواهب وورشات العمل للأطفال والطلبة. لكن هذا لم يمنع حضور فاعليات ذات وجه تجاري بحت، فاعليات تتعلق بالإعلان عن المجوهرات وما جرى تقديمه تحت عنوان “الأبعاد الاجتماعية لتصفيفات شعر الرِّجال” مثلا. والمعرض يبرز التنافس الشديد بين صالات العرض في استقطاب المختلف من الأعمال الفنية، فثمة تنوع كبير بين ما تعرضه الصالات، ففي كل صالة تظاهرة خاصة لمجموعة من الفنانين تكتسب سمة معينة، فهنا صالة للفن الإيراني، وهنا صالة للفن في الهند، وثمة صالة ثالثة للفن العراقي الحديث، وأخرى للفن في البحرين أو السعودية أو الخليج عموما، أو صالة للفن البريطاني الحديث، وصالة أخرى للفن الأفريقي، وكان هنا “منتدى الإسكندرية للفنون المعاصرة” (الإسكندرية)، و”مكان” (عمّان)، و”غراي نويز” (لاهور)، و”ليو دينغز ستور” (بكين)، و”روانجروبا” (جاكرتا).. وهكذا. تظاهرات فنية وفكرية عدد من الفعاليات والأنشطة والتظاهرات شهدها المعرض، بعضها ذو طابع فني بحت، والبعض كان مخصصا للنشاط الفكري، نتوقف عند أبرز هذه التظاهرات، ونبدأ من “منتدى الفن العالمي الخامس” الذي انطلق في 14 مارس من متحف الفن العربي الحديث في العاصمة القطرية الدوحة، قبل أن ينتقل ليحطَّ الرِّحال في دبي، حيث شهد المنتدى مناقشات موسَّعة ومعمَّقة ليوم كامل حول سبل إثراء الحركة الفنية والإبداعية الإقليمية، وسبل استقطاب الجمهور إلى الأعمال الفنية والارتقاء بالذائقة الإبداعية عامة. وشارك في الحوار ممثلون عن متحف تيت مودرن اللندني و متحف الفن العربي الحديث. برنامج الزمالة الفنية والإبداعية كان أحد هذه التظاهرات. وقد عمل القائمون على المنتدى أن يشكل هذا البرنامج ملتقى فكرياً لدعم الأوساط الفنية والإبداعية في أرجاء المنطقة. وبالإضافة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، استضاف برنامج الزمالة الفنية والإبداعية في دورته الأولى مُبدعين من خمس مُدن هي: القدس وأنطاكية وكراتشي وطهران ودكا. تظاهرة أخرى تمثلت سلسلة من المشاريع الإبداعية التجريبية لأكثر من خمسة وسبعين مُبدعاً من بلدان المنطقة ممن كُلِّفوا بتنفيذ أعمال تفاعلية لعرضها خلال الحدث. وقد شملت “مشاريع آرت دبي 2011” برنامجاً مكثفاً من الأعمال التجريبية الفيلمية والمقاطع الإذاعية والأعمال الأدائية وغيرها. بينما أطلقت “مشاريع بدون”، المؤسسة الفنية والإبداعية وناشرة مجلة “بدون” المعنيَّة بالحركة الفنية والثقافية بمنطقة الشرق الأوسط، برنامجا كان يتمحور حول الرياضة بمضامينها العملية والفلسفية وبدعم من مؤسسة الإمارات للنفع الاجتماعي. برامج ثرية ومن المبادرات التي شهدتها دورة هذا العام ما سمي بـ”آرت دبي لايف” التي مثلت امتدادا لبرامج المعرض، والغاية منها توثيق الحركة الفنية والثقافية بمنطقة الشرق الأوسط، الأمر الذي أتاح لمجموعة أكثر تنوعاً من القيِّمين والمقتنين والنقاد والزائرين للمشاركة في الحدث. وهو كذلك شمل برنامجا ثريا من المحاضرات وعروض الأفلام والمشاريع التي أشرفت عليها “مشاريع بدون”، وفي طليعتها سردٌ لمسيرة وأعمال الفنانين المعروفين. وكان هناك قسم بعنوان “ماركر” أقيم بهدف دعم الفضاءات الفنية والإبداعية التجريبية والتعريف بالجيل الجديد من الفنانين والمُبدعين بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا. وكان بمثابة صلة الوصل بين المشاريع الفنية الدينامية المُنفذة بتكليف من آرت دبي من جهة، والصالات العالمية والإقليمية المشاركة، وجسد ملتقى جديدا للقيِّمين والمقتنين من حول العالم المهتمين بالأعمال الفنية الشرق أوسطية والآسيوية. وفي فعالية حملت اسم “الفكرة الكبرى”، في نسختها الثانية، ناقش عدد من الفنانين والمصممين المقيمين بدولة الإمارات العربية المتحدة أفكارهم ومشاريعهم الداعمة لمستقبل المشهد الثقافي والإبداعي والمعرفي في بلدان المنطقة، ومجموعة من الأعمال التجريبية الفيلمية والمقتطفات الإذاعية ومحاضرات الفنانين وورش الأعمال الإبداعية. كما جرى تقديم عروض أفلام ومناقشات مع الفنانين المعروفين وائل شوقي وشريف العظمة في “آرت بارك”، بإشراف “مشاريع بدون”. كما شملت التظاهرة عروضا لفنانين معروفين من أمثال المخرجة والكاتبة والمنتجة اللبنانية جوانا حاجي توما والمخرج والكاتب والمنتج اللبناني خليل جريج، بالإضافة إلى إطلاق الكتب وتنظيم ورش العمل في تظاهرة باسم “آرت بارك” كانت تقام يومياً طوال أيام المعرض. جائزة أبراج كابيتال للأعمال الفنية، التي تعتبر كما يرى المنظمون إحدى أضخم الجوائز الإبداعية في العالم التي انطلقت بهدف إتاحة الفرصة أمام كوكبة من المُبدعين بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا لإقامة شراكة مع قيِّمين ومشرفين دوليين مرموقين لإنجاز أعمال إبداعية فذة، كشفت في مشاركتها الثالثة عن الأعمال الفائزة بجائزة هذا العام، وهي للفنانين: شيزاد داود، وناديا الكعبي لينكه، وجنان العاني، وحمرا عباس، وتيمو ناصري، بالتعاون مع القيِّم شارميني بيريرا. الزخم النوعي وليست المسألة مجرد هذا الزحم الهائل على صعيد حجم المشاركات، والزيادة اللافتة في أعداد الزوار الدوليين للمعرض والمبيعات القوية، وما تميز به المعرض من مستوى غير مسبوق من المشاريع الفنية الإبداعية والفعاليات الثقافية والتعليمية، كما يقول المنظمون، بل إن الأمر يتعلق أيضا بنوعية هذه المشاركات والتجارب المتنوعة والأسماء الفنية البارزة (أكثر من 400 فنان مشارك من 57 دولة)، فنانون من حجم سامية حلبي، جورج بهجوري، سعد قريشي، جمال عبد الرحيم، أحمد البحراني، فيصل سمرا، كمال بلاطة، يوسف عبدلكي، أحمد معلا، شادية ورجاء عالم، أسامة بعلبكي، شذى شرف الدين، وغيرهم من الفنانين الذين نعرف تجاربهم المتميزة على المستوى العربي. فهؤلاء وغيرهم ممن شاركت أعمالهم في المعرض هم رموز الحركة التشكيلية العربية الجديدة. طبعا هناك أسماء كثيرة تحضر في المعرض من رواد التشكيل العربي في سوريا ومصر والعراق، ما يعني أننا أمام متحف مصغر للفن العربي والعالمي. الفن الإماراتي لمشاهدة الفن الإماراتي كان علينا زيارة أكثر من غاليري في المعرض، حيث عرضت “غاليري الخط الثالث” (دبي) أعمال الفنانة ابتسام عبدالعزيز، فيما عرض “هُنَر غاليري” (دبي) أعمال عبدالقادر الريس، وعبدالرحيم سالم، ود. نجاة مكي، وفاطمة لوتاه، ومطر بن لاحج. وعلى صعيد مواز، عرضت “غاليري سلوى زيدان” أعمال الفنان التشكيلي الإماراتي حسن الشريف، وأعمال فاطمة المزروعي، فيما كما عرضت الفنانة الشابة شيخة المزروع، التي تمثِّلها “غاليري ترافيك” (دبي)، عملاً نُفِّذ باستخدام مُخلَّفات إلكترونية وجرى عرضه ضمن مشروعات “آرت دبي” غير التجارية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©