الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ميزان التفاضل بين البشر

ميزان التفاضل بين البشر
27 أغسطس 2009 00:39
كرم الله تعالى الإنسان، وفضله على كثير من المخلوقات، كما قال تعالى: «وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا» الإسراء:70. ومعلوم أن الإنسان لم يفضل على غيره بطول قامته، ولا بحسن صورته، ولا بمديد عمره، ولا بقوة بطشه، ولا بطبيعة تركيبه، ولا بالمادة التي خلق منها، فليس للطين فضل على النار، ولا للنار فضل على الطين، ولذا لم يكن مبرر إبليس مقبولاً إذ» قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ «الأعراف: 12 وإن المدقق ليرى أن الخيرية والتفاضل بين الإنسان والمخلوقات كان بالعلم الذي علمه الله لآدم «وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا» البقرة :31 ثم طلب من الملائكة أن يعرفوا تلك الأسماء، ولما اعترفت الملائكة بعجزها «قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ» البقرة: 33 . فقد أمره الله عز وجل أن يعلمهم بأسمائهم بعد أن عرضهم على الملائكة ليعلموا أنه أعلم بما سألهم عنه تنبيهاً على فضله وعلو شأنه، فكان أفضل منهم بأن قدمه عليهم وأسجدهم له وجعلهم تلامذته وأمرهم بأن يتعلموا منه. فحصلت له رتبة الجلال والعظمة بأن جعله مسجوداً له، مختصاً بالعلم. وأظهر الله عز وجل بذلك فضل آدم - عليه السلام- على الملائكة، فهو مفضل على غيره بما منحه الله عز وجل من عقل وحرية وأعطاه من علوم ربانية، وقد أورد القرطبي في تفسير آية الإسراء: 70 «والصحيح الذي يعول عليه أن التفضيل إنما كان بالعقل الذي هو عمدة التكليف، وبه يعرف الله ويفهم كلامه، ويوصل إلى نعيمه وتصديق رسله». وكما أورد الإمام الغزالي «أن الخاصية التي يتميز بها الناس عن سائر البهائم هي العلم؛ فالإنسان إنسان بما هو شريف لأجله، وليس ذلك بقوة شخصه، فإن الجمل أقوى منه، ولا بعظمه فإن الفيل أعظم منه، ولا بشجاعته فإن السبع أشجع منه، ولا بأكله فإن الثور أوسع منه بطناً، ولا ليجامع فإن أخس العصافير أقوى على السفاد منه، بل لم يخلق إلا للعلم» وقد تعددت آراء العلماء في الأفضلية بين الإنسان والملائكة: فذهب قوم إلى أن الإنسان أفضل من الملائكة، واحتجوا بأن الله عز وجل أسجد الملائكة للإنسان. وذهب آخرون إلى أن الملائكة أفضل من الإنسان، بأن الإنسان يعصي ربه عز وجل ، أما الملائكة فهم «لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون» التحريم: 6. وقال بعض العلماء: ولا طريق إلى القطع بأن الأنبياء أفضل من الملائكة، ولا القطع بأن الملائكة خير منهم، لأن طريق ذلك خبر الله تعالى وخبر رسوله أو إجماع الأمة، وليس ها هنا شيء من ذلك». د. محمد بسام الزين drbassam@eim.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©